لقد فقدنا فقيد وطن وابن الرياض الرمز الرياضي والخبير الإداري سمو الأمير عبد الرحمن بن سعود رئيس نادي النصر السعودي حيث أسدل الستار على هذه الشخصية الرياضية المرموقة الذي سطع بريقه، وظهر صيته محلياً وعربيا وعالمياً في خدمة الرياضة عامة ونادي النصر خاصة ما يقارب الخمسة والأربعين عاماً، وهذه من سنن الخلق جل وعلا في الحياة القصيرة ونؤمن بقضاء الله وقدره ونقول في مصابنا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ } فهذا مصير كل كائن حي صفياً (أب أو أم أو ابن أو بنت أو أخ أو أخت) أو صديقاً قال تعالى {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} فياليتنا نتوقف في محطات حياتنا ولو لحظات لمراجعة النفس لتتصافى قلوبنا، تتسامح نفوسنا مع بعضنا البعض، ومما علق بها من شوائب وأدران دنيوية، لذلك نحن بحاجة أن يغفر الله لنا، وأن نتعاون ونرغب ونحب فيما هو أصلح وأعظم فلا يجب أن تتعدى هواياتنا ورغباتنا الوقت الكثير من حياتنا القصيرة في أمور أقل مما وجدنا من أجله ونتفرغ للأمانات التي هي ملقاة على عواتقنا، والأمانات التابعة لنا، والصلاحيات المخولة لنا حسياً ومادياً ومعنوياً لنا حتى يتقدم بنا العمر، أو يقعدنا المرض، أو يفاجئنا موت الفجأة والمصير المحتوم، ونحن بعيدون كل البعد عن الذي خلقنا الله لأجله وهي عبادة الله، وتحقيق أمان الحياة الكريمة والسعادتين في الدنيا والآخرة كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ . مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ . إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ . {الذاريات 56-58}، فبعض من الناس يستثمر ماله أو جاهه أو منصبه أو علمه في آخرته، ويتذكر حديث الرسول- صلى الله عليه وسلم- ويدعو أن يوفقه الله ويحقق ما به أمنيته الثلاث أو اثنتين منها أو على الأقل واحدة قال- عليه الصلاة والسلام-( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، ولد صالح يدعو له، أو صدقةٍ جارية، أو علم ينتفع به..) والبعض الآخر تسنح له الفرصة في حياته وعنده المال والقوامه لتربية الأولاد أو تحصيل العلم، ولكن يفوت عليه الفرص ولا يشاهد هذا البر في حياته، ولم يحققها الا أولاده أو غيرهم بعد مماته ذكرى، قال تعالى: {..لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} وقال تعالى {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى} {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} في البداية في حياتك الأولى فسحة، أما في النهاية حياة الثانية ستسأل، وتندم على التقصير أو تقوم عليك الحجة إذا سمعت أو ذكرت بحيث لا نشغل أنفسنا في أمور مهمة على الأهم، أو يكون عمل على حساب عمل كانشغالنا في أموالنا أو رغباتنا الدنيوية أكثر من اللازم على حساب أعمالنا الأخروية وقيم الخير وغرس النبت أو الزرع الذي ينفعنا ثمره في نهاية المطاف ثواباً أو جزاء بحيث نتوازن، والإسلام جاء بالوسطية وإعطاء كل ذي حق حقه.. نعم فقدت البلاد وخاصة في أوساطها الرياضية من أهم الشخصيات الرياضية المحبوبة على مختلف مشارب الناس وأصنافهم لما تتمتع به هذه الشخصية من تواضع وتسامح وطيبة قلب ومواقفه الرجولية والإنسانية في نفسه، وخصال حميدة رسمت صورا جميلة في قلوب محبيه، فلا نزكي على الله أحدا- عفا الله عن الجميع- فهو من أوائل من قدموا جهودا مباركة في الدعوة والإرشاد حيث استضاف ناديه سماحة والدنا الشيخ عبد العزيز بن باز جمعنا الله وإياهم برحمته في مستقر كرامته، ثم تلاها محاضرات لمشايخ فضلاء كالشيخ سعد بن بريك وغيره حتى في قصره في بعض المناسبات فكان صديقي الأستاذ حمد الصليهم أحد طلبة العلم جزاه الله خيراً حلقة وصل لهذه المحاضرات عندما عينه سموه- رحمه الله- مديراً لكرة القدم في النادي، وكان سموه يدعوني ويوصي حمد بأن يأتي بي في مناسبات في قصره ويداعبنا ويثير قضايا إيمانية ورياضية واجتماعية بروح رياضية ومحبة ورفق معي ومع سكرتيره الخاص عبد الله الدوسري، وكان سمو ابنه الفاضل سمو الأمير ممدوح بن عبد الرحمن يحب المداخلة وخاصة في أمور إيمانية وثقافية يوضح في مداخلته مرجعية صحة الأحاديث الصحيحة، وكان حازماً لبقاً لرد المجاملات على أهلها أو تصحيح بعض المفاهيم في الحوار مع بعضنا البعض فأحيي في هذا الخلق من ذاك السلف صراحته وحبه للدين جعله الله وإبقاء الفقيد وأحفادهم على هذه المحبة وجميع المسلمين نسأل الله أن يرزق أبناءه وأهله ومحبيه الصبر والسلوان ويسكنه ربنا فسيح جناته إنه هو الغفور الرحيم.
|