الكتاب : The Human Story Our History from The Stone Age To Today
المؤلف : James C Davies
الناشر: Harper Collins
في الصفحة الأخيرة من كتاب (قصة الإنسانية) لخص جيمس ديفيز كل التاريخ الإنساني في 16 سطراً من الشعر البليغ، فقد قال ان الإنسانية استخدمت (البخار والأمصال وأصوات الناخبين) لكي نسحب أنفسنا من الجهل والفقر والمرض، ثم جهزنا أنفسنا لكي نخوض في استكشاف الكون، لقد (أرسلنا الرجال والمرايا لتكون أعيننا، لكي نبحث في المجرات السوداء الفسيحة. بحثنا داخل خلايانا التي كانت مبهمة حتى ذلك الوقت، لقد عثرنا على مصيرنا، عثرنا على جيناتنا)، ولكن كيف تبدو الأشياء اليوم في القرن الحادي والعشرين؟ إن العالم لا يزال متوحشًا، وهذا شيء مفهوم، ولكنه قبل ذلك كان أسوأ. حتى هذه اللحظة.. كل شيء على ما يرام، هذه هي النتيجة التي وصل إليها في ذلك التأريخ البسيط المفعم بالحياة للإنسانية، إنه صورة ملخصة لماضينا.
لقد حاول المؤلف أن يبقي كتابه مفعماً بالحيوية دون إضجار القارئ، واستخدم الكلام المسجوع إضافة إلى بعض الحكايات الطريفة التي تعطي حيوية للطريقة السردية للكتاب. فقد حكى قصة رجل معاد للنساء من القدم، والقصة مكتوبة باللغة السومرية وهي أول حضارة إنسانية معروفة، وقد وقعت أحداثها حول عام 4000 قبل الميلاد، يقول الرجل في نبرة شكوى: (إن زوجتي في البيت، وأمي هناك على ضفة النهر، وأنا هنا أموت جوعاً!)، كما يذكرنا بالسياسة الفظة للرئيس الأمريكي تيودور روزفلت في أمريكا الوسطى بتلك الجملة التي يمكن أن تقرأ من الجهتين باللغة الإنجليزية:
( PANAMA ApCANAL MAN PLAN (A
أي: (رجل، خطة، قناة بنما).
كما أظهر لنا في إحدى فقرات الكتاب مدى تفاني عمال (بنك البذور) في الاتحاد السوفيتي السابق في أثناء حصار مدينة ستالينجراد الروسية، فقد فضّل هؤلاء العمال الموت من الجوع على مكاتبهم على أن يأكلوا ولو حبات صغيرة من مخزون الأرز والسوداني والذرة التي كانت في عهدتهم.
وقد جاءت تشبيهاته متكلفة بعض الشيء، مثل وصفه النظام الشيوعي بأنه (عادة ما كان يعمل بصورة سيئة مثل الفيل الذي يحاول أن يرقص رقصة الفالس)، وفي أجزاء أخرى جاءت التشبيهات مبالغ فيها مثل وصفه للحاسبات الشخصية على أنها (ملكات خيالية لوّحت بعصيّها السحرية وغيّرت أفقر القرى الصغيرة في العالم الثالث وحوّلتها إلى رموز لامعة في ذلك العصر المزدهر).
ولكن حتى عندما تضطرب الكلمات فإن ديفيز يستحق الثناء لما وضعه من مهارة ومرح في كتابه. وقد اختصر استراتيجية (حتمية الدمار المتبادل) التي أبقت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي بعيداً عن غمس أنفسهما في مذابح نووية في تلك الكلمات: (لقد تعلموا في المقابل أن يمشوا حول بعضهما البعض على أطراف أصابعهم، بأرجل متصلبة، وأحياناً يزمجرون، ولكنهما لا يتعرضان لبعضهما البعض مطلقًا).
وفي وصفه لثورة التقنية الحيوية، يقول بكلمات مختصرة: (في العقود التي أعقبت الحرب العالمية الثانية تقدم جنسنا كثيراً، بالطبع أننا كأفراد من البشر لم نتغير، فنحن نبدو في الصورة ذاتها ونشعر بنفس الطريقة التي كنا نفعل في الماضي، ولكن كنوع فقد وصلنا إلى درجة من الإتقان في الحياة لم نحلم بها من قبل).
وسوف يجد الناشئة كتاب (قصة الإنسانية) سهل القراءة، أما الكبار المنشغلون في أعمالهم فسوف يهرعون إلى قراءته بنهم من أجل العثور على تلخيص للتاريخ، وسوف يحركون سبابتهم راجعين إلى الوراء لتعقب الحقائق التي تملصت منهم. وإذا كنت متشككاً في معرفة من كانوا السكان الهنود الأوائل في القارة الهندية، أو ماذا تحكي قصائدهم ومقالاتهم عن أولئك الفلاسفة الذين وضعوا أسس حضارة الهند الحديثة، فسوف تجد في هذا الكتاب العديد من الأمثلة التي تذكرك. ثم يختم ديفيز كتابه قائلاً: (بالرغم من كل ما سمعناه وقلناه، فإن العالم قد تحسن منذ فترة طويلة للغاية)، أو كما يلخص تاريخ الإنسانية في تلك الجملة: (حتى الآن، كل شيء على ما يرام).
|