Saturday 14th August,200411643العددالسبت 28 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الإصدار الدولى"

هل كان نابليون حقاً عبقرياً؟! هل كان نابليون حقاً عبقرياً؟!

الكتاب: Napoléon Bonaparte The Reigon of
لمؤلف: Robert Aspreyا
الناشر: Basic Books 2002
في الفترة من عام 1805 إلى 1815 غزت جيوش نابليون بونابرت معظم أوروبا مما منح هذا القائد هالة أسطورية وجعله زعيماً لا يبارى. وفي كتابه عن حياة هذا الإمبراطور يقدم المؤرخ العسكري روبرت أسبري قصة مفصلة عن انتصار جيوش نابليون وهزيمته في النهاية ويقتفي أثر خطاه من اسبانيا إلى روسيا وحتى ووترلو. هناك أمر لا يمكن إنكاره وهو أن نابليون كان على الأقل في بداية حياته عبقرية عسكرية ولكن الأمر الذي يثير الخلاف هو مدى عبقريته السياسية. فبالرغم من أنه حقق إنجازات عظيمة في البداية إلا أنه كان أحيانا يسيء الحكم على نوايا الحكام. وسرعان ما بدأت قواته العسكرية تتداعي عندما أخذت جيوش المقاومة الشعبية الأسبانية تعوق جيشه وكان هو نفسه مشغولا بالحروب الأخرى عن أن يتعامل مع مقاومة أسبانيا بنفسه. لقد كان المؤلف بارعا وبشكل خاص في وصف حركة الفدائيين غير المتوقعة التي قامت في أسبانيا المحتلة نتيجة لمحاولة نابليون شن حرب غير تقليدية في بيئة تقليدية ضد شعب غير تقليدي. ويعترف الكاتب بأن القائد العظيم كان قبل كل شيء واهماً وبشكل متزايد وأن تجربة أسبانيا كانت بمثابة مقدمة لما حدث بعد ذلك في أرض روسيا المهلكة لجيوشه من غارات القوقازيين والتقهقر الكاسح من موسكو حيث تحول البشر إلى حيوانات على حد وصفه.
ويعد وصف الكاتب لمعركة أسبرن-أسيلنج ومعركة الأمم أكثر فترات حياة نابليون فظاعة. ورغم أن نابليون كان منتصرا في كل مكان فقد هزم في أسبرن فقط بسبب فيضان نهر الدانوب وفي ليبزيج فقط بسبب نفاذ العتاد المفاجئ.
ولكن ماذا يقول الكاتب عن القوانين والإصلاحات التي أرساها نابليون؟ لقد سقط وضاع معظمها ضحية للأعمال العسكرية. لقد وعد نابليون بطريقة ماكيافيلية بعصر ذهبي لعموم الشعب ولكن الوعود توارت بعد أن أفسحت الطريق للسياسات التوسعية.
لقد جند الشباب بعشرات الآلاف في الجيش. ويقدم المؤلف تساؤلاً محيراً حول نابليون: هل كان حقا عبقريا؟ من المؤكد أنه ربح العديد من المعارك ولكن ما أن غير عدوه تكتيكاته حتى هزم في معارك فاصلة حاسمة وفقد خطوط إمداداته. فهل هذه عبقرية؟ أم أن العبقرية أن تجبر العدو على أن يحارب في ظروف غير مواتية.
وقد غطى الكتاب فترة تنازل نابليون عن العرش تغطية كافية وإن كانت معالجته لفترة نفيه إلي جزيرة إلبا غير كافية وهي فترة هامة لأنها تعبر عن كل ما هو خطأ في فلسفة نابليون. لقد كسب نابليون ثقة شعب الجزيرة الصغير وبدأ مشروعات تحسين مدنية وأصبح إمبراطورهم بمعني الكلمة. ولكن هل كان سعيدا في وجوده هناك؟ ربما مات هناك وهو سعيد، ولكن ظل لديه ذلك الطموح الأسطوري. لقد كان الجزء الأكبر من تطويره المدني في الجزيرة يتمثل في تحديث قصره وكان أكبر قدر من إنفاقه على العسكريين التابعين له وظل يحافظ على جواسيسه في أوروبا وفي النهاية عاد إلي فرنسا واستولى على العرش مرة ثانية.
وأفرد الكاتب فصلاً كاملاً عن معركة واترلو وإن كان قصيرا بالنسبة للموضوع الهام الذي يعالجه. فقد اختصر معركة (كانتر برا) وعرض عبقرية ويلينجتون ونشاطه في نقاط مبهمة وحاول تغطية أخطاء نابليون. أما الفصل الذي يتحدث عن نفي نابليون الثاني إلي جزيرة سانت هيلانة فقد اختلف تماما عن فصله عن معركة واترلو.
فقد أبدى الكاتب حزنه على المعاملة التي تلقاها نابليون بما فيها حرمانه من لقب إمبراطور وطالب بالتعاطف مع الديكتاتور المهزوم واحتقار الذين أسروه وظلموه.
ويبدو أن الكاتب فاته أن يرى الحقيقة الساطعة وهي أن ذلك القائد العجوز لم يعد في سنواته الأخيرة إمبراطوراً. لقد كان سجينا ولو أنه ظل على جزيرة إلبا لاحتفظ بلقبه وكرامته ولكنه بدلا من ذلك اختار أن يهدد أوروبا مرة ثانية. لقد صمم الحلفاء على ألا يحدث ذلك مرة ثالثة.
والحقيقة أن نابليون كان محظوظا لأنهم اكتفوا بنفيه بينما كان هو على الأرجح يفضل الموت على السجن والذل.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved