تفتر ابتسامة الرضا والقبول حين يبدأ الطفل بأبجديات الكلام، وخلالها يعمد بعض الآباء والأمهات إلى تلقين الطفل بعض الكلمات البذئية لينطقها الطفل بلغة مكسرة فيحلو للآباء ترديدها واستمراء خروجها من بين شفتي صغيرهم، وتشجيعه على تكرارها واستمتاعهم بسماعها مما يجعل الطفل يعتاد عليها، ويكبر وقد امتلك حصيلة وافرة من تلك الألفاظ السيئة!.. وحيث إن محاور تربية الطفل هي الأسرة والمجتمع الذي يتمثل بالمدرسة وجماعة الأصدقاء، إضافة إلى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة, لذا فإن للوالدين دوراً كبيراً في توجيه أبنائهم وتعويدهم على استخدام الكلمات المهذبة التي تدعو إلى الفضيلة ولاسيما في أوقات اللعب الذي عادة تتخلله مشاجرات بين الإخوة مع بعضهم البعض أو بينهم وبين الأقارب، ويتركز دورهم في ضرورة الانتباه لهم ودعوتهم إلى الكف عن استخدام عبارات جارحة أو مؤلمة أو تحمل السب أو الشتم وعدم التساهل في ذلك، ولا بد من التوجيه المباشر وبصورة آنية، وعند التكرار يأتي العقاب الحكيم ليدرك الطفل خطورة ما يفعله فيقلع عنه.. كما ينبغي للوالدين - أنفسهم - حفظ ألسنتهم عن الكلام البذيء عند التوجيه والإرشاد، فالطفل يرى في والديه القدوة والمثل الأعلى والسلوك الرفيع.. كما أن المهمة لا تنتهي عند هذا الحد، بل لا بد من مساعدة الأبناء في اختيار الأصدقاء الصالحين، فالصديق مؤثر قوي وخصوصاً حين يكون ملازماً للابن في المدرسة أو النادي أو في نفس الحي.
والمدرسة - وهي المؤسسة التربوية الاجتماعية - تمثل بيئة خصبة لتراشق الألفاظ النابية بين الطلاب كوسيلة هجوم أو دفاع وخاصة في أوقات الفسحة أو عند غياب معلم عن الفصل.. ومما يؤلم أن بعض المعلمين يلجأ إلى التلفظ بتلك الكلمات وإلقائها كالحمم على مسامع الطلاب، ولاسيما المقصرين منهم، وهم من يفترض أن يكونوا قدوة لطلابهم ورحماء بهم!.
ونلاحظ أن انتشار تلك الألفاظ بين طبقات معينة في المجتمع أصبح مألوفاً، فهي تشكل ظاهرة سيئة لدى فئات متدنية تعليمياً واقتصادياً واجتماعياً!.. وهذا يعود - بلا شك - إلى قلة الوعي الديني والثقافي.
وتلعب وسائل الإعلام - المرئية منها بالذات - دوراً رئيسياً في استخدام الأطفال الألفاظ السيئة خصوصاً الأفلام الكارتونية المدبلجة التي تعتمد على تلك الألفاظ حيث تلقى بظلالها على شخصية الطفل فيلجأ لتقليدها شكلاً ومضموناً ودينياً الإسلامي يحثنا على استخدام الألفاظ المهذبة والمناسبة والداعية إلى جلب المحبة والوئام، حيث يقول عزّ وجلّ {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} كما أشار إلى مقت رفع الصوت والدعوة إلى خفضه بقوله تعالى: {وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}.
ولعله يشدنا جميعاً ذلك الطفل المهذب في سلوكه وفي حديثه وتصرفاته ونأمل أن يكون أبناؤنا مثله.. واستشعار مسؤولية الرعاية للأبناء وأهمية التربية والتوجيه برفق باستخدام الأساليب المحببة والألفاظ المهذبة يجعل الأبناء يعتادون على استخدام الألفاظ الجميلة في تصرفاتهم وتعاملهم.. أفلا يستحق الأمر اهتمامنا؟!.
روافد المنشود:
الأخت أم نورة صاحبة مشغل نسائي، أوافقكِ على بعض ما ذكرت، بيد أنني أكاد أجزم أن ارتفاع أسعار الخياطة في المشاغل النسائية أحد الأسباب التي تدعو إلى الاتجاه للخياطين الوافدين.. ألاّ رفقاً بالناس؟!.
الأخ سطام العتيبي أشكرك على ما جاء في خطابك، ويسعدني أن يكون شبابنا أمثالك يحملون فكراً نيراً وثقافة واسعة، ووطنية صادقة.. أتمنى لك التوفيق والسداد.
الأخ مشعل فهد الصويطي.. ألا ترى - يا أخي - أن العقول الخاوية تحتاج توعية وتوجيه، وأن المسؤولية جماعية، فأفراد مجتمعنا لديهم عقيدة صافية ويقين ثابت، ولكن ينقصهم التوجيه، وإيجاد البدائل، فالغيبة والنميمة فضلاً عن كونها محرمة شرعاً, فهي مظهر غير سوي حين يستمرئها البعض، فيلوكون لحوم البشر إما حسداً وغيرة أو سخرية وشماتة وانتقاصاً!!.
ص. ب 260564 الرياض 11342
|