* قيل: كتب الرشيد في ليلة من الليالي إلى أبي يوسف صاحب أبي حنيفة: أفتنا أحاطك الله في هذه الأبيات:
فإن ترفقي يا هند فالرفق أيمن
وإن تخرقي ياهند فالخرق أشأم
فأنت طلاق والطلاق عزيمة
ثلاثا ومنه يخرق أعق وأظلم
فقد أنشد عزيمة ثلاث بالرفع وعزيمة ثلاثا بالنصب، فكم تطلق بالرفع وكم تطلق بالنصب.. قال أبو يوسف: فقلت في نفسي هذه مسألة فقهية نحوية إن قلت فيها بظني لم أمنه الخطأ وإن قلت لا أعلم قيل لي كيف تكون قاضي القضاة. وأنت لا تعرف مثل هذا، ثم ذكرت أن أبا الحسن حمزة بن علي الكسائي معي في الشارع فقلت ليكن رسول الخليفة بحيث يكرم وذهبت فدخلت على الكسائي وهو في فراشه فاقرأته الرقعة فقال لي: خذ الدواة واكتب:
أما من أنشد البيت بالرفع فإنه طلقها مرة واحدة وأنبأها ان الطلاق لا يكون الا بثلاثة لا شيء عليه وامامته انشد عزيمة ثلاثا فقد طلقها وآياتها، لانه قال أنت طالق ثلاثاً.
فأنفذت الجواب، فحملت الى آخر الليل جوائز وصلات فتوجهت بالجميع إلى الكسائي.
* قال حماد بن إسحاق عن أبيه قال كنا عند الرشيد فحضر الأصمعي والكسائي فسأل الرشيد عن بيت الراعي:
قتلوا ابن عفان الخليفة محرما
ودعا فلم أر مثله مخذولا
فقال الكسائي كان قد أحرم بالحج. فضحك الأصمعي فقال الرشيد ما عندك؟
فقال والله ما أحرم بالحج ولا أراد أيضا أنه دخل في شهر حرام كما يقال أشهر وعام اذا دخل في شهر أو عام فقال الكسائي ما هو الا هذا والا فما معنى الاحرام؟
قال الأصمعي: فخبرني عن قول عدي بن زيد:
قتلوا كسرى بليل محرما
فتولى كم يمتع بكفنه
أي احرام لكسرى فقال الرشيد: فما المعنى؟
قال يريد أن عثمان لم يأت شيئاًَ يوجب تحليل دمه، فقال الرشيد يا أصمعي ما تطاق في الشعر.
عبد الله الحمد الجوير |