14 عاماً مع سماحة العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين
العلماء رموز الأمة وصوتها المعبر.. قاموا بدور بارز في تبليغ العلوم على أكمل وجه.. رأينا فيهم سيرة السلف الصالح في الزهد والتواضع والبعد عن زهرة الحياة الدنيا وفي العلم والتعليم وقضاء حوائج المسلمين مع ورع وتقى وعبادة وجهاد.
ومن أبرز هؤلاء الرموز الذين تحبهم الأمة فتصدر عن آرائهم وعلمهم وتضع ثقتها بهم ويوضع لهم القبول في الأرض فتدين الأمة لربها بطاعتهم والاهتداء بعلومهم هو سماحة الشيخ الفقيه والعلامة أبو عبدالله محمد بن صالح بن عثيمين -رحمه الله- المفسر الأصولي المدقق والحبر الفهامة الزاهد العابد. وقد أحسنت دار طويق صنعاً حينما أضفت للمكتبة الإسلامية عملاً بارزاً يضيف لها الكثير بعنوان: (14 عاماً مع سماحة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين) للكاتب والإعلامي عبدالكريم بن صالح المقرن.
وترجع أهمية هذا العمل وقوته إلى أن المؤلف لازم الشيخ على مدار 14 عاماً في البرامج الإذاعية والندوات واللقاءات فكشف الكثير من القضايا وطرح المزيد من الأفكار.
يحكي المؤلف عن الشيخ بن عثيمين بحكم علاقته القوية به بأنه نجم ساطع من نجوم العلوم ومنجم من مناجم الفقه إذا ذكر اسمه ذكر العلم والفقه والاستدلال والتأويل والتحليل والتحقيق، ويرى الكاتب انه كان زاهداً متزهداً لم تغره الشهرة ولم تفتنه الدنيا فكان الأب المشفق والعالم الحنون والمربي الفاضل فاستفاد منه طلابه من علمه وخلقه وتعامله وجهاده، ليصبح مدرسة شاملة. ولأن العلامة ابن عثيمين كان موسوعة شاملة في العلوم الفقهية لعمق معارفه وصحة استدلاله وقوة استنباطه ووضوح في منهجه فقد استطاع الكاتب من خلال ترتيب وفهرسة دقيقتين ان ينقلنا من محطة لأخرى في مسيرة العلامة ابن عثيمين بأسلوب بسيط وسلس لتكون المحصلة عملاً موسوعياً رائداً ومتميزاً في الشكل والمضمون.
في البداية يطوف بنا الكتاب في مسيرة الشيخ من خلال إلقاء الضوء على نشأته ودراسته وأعماله ومنهجه المتكامل في التدريس والدعوة والفتوى ثم يتدفق في طرح الكثير من القضايا بعضها في الآثار العلمية ومؤلفاته ليعقبها بالمزيد من المواقف والذكريات لينهي الرحلة الطيبة في التطرق إلى اهتمام ابن عثيمين بقضايا الشباب، بالإضافة إلى المراحل الأخيرة من حياته ورحلته مع المرض التي صبر خلالها واحتسب، وكان يقاوم الآلام بصبر وجلد فظل يمارس أعماله العلمية والتعليمية والدعوية.
************
المصالح العليا للأمة وضرورة رعايتها والمحافظة عليها
ضمن سلسلة المحاضرات العلمية والتي تصدرها الإدارة العامة للعلاقات العامة والإعلام بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد صدر حديثاً كتاب (المصالح العليا للأمة وضرورة رعايتها والمحافظة عليها)، لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.ويتضمن الكتاب وهو نص محاضرة لمعاليه ألقاها بجامع الإمام تركي بن عبدالله بمدينة الرياض تعريف المصلحة في ضوء الشريعة وقواعد الفقه، مشيراً إلى ما ذكره أهل العلم من أن المصلحة هي المحافظة على مقصود الشرع، ومقصود الشرع من الخلق خمسة وهو أن يحفظ عليهم الدين والنفس والعقل والنسل والمال، ومؤكداً أن كل ما يتضمن المحافظة على أصل من هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة راجعة إلى الخلق، فكل وسيلة يتحقق بها المحافظة على الدين فهي مصلحة.
وتطرق معالي الشيخ صالح آل الشيخ - في كتابه - إلى مسؤولية رعاية مصالح الأمة، ومدى الحاجة إلى معرفة من الذي يرجع إليه في فهم هذه المصالح، وفي مقدمتها المصالح العليا، ثم المصالح الوسطى التي تتعلق بعامة الناس، يليها المصالح الفردية، التي تتعلق بالفرد المسلم في ذاته.ويخلص معالي وزير الشؤون الإسلامية إلى أن كل فرد في الأمة مخاطب بتحقيق مصلحة بحسب ما خوطب به من الشريعة، فالمصلحة المنوطة بالإمام وولي الأمر لها شأنها، والمصلحة المنوطة بالقاضي لها شأنها، والمصلحة المنوطة برجال الإفتاء، ورجال السياسة والاقتصاد أو الأمن لها شأنها.
ويتساءل عمن يلي هذه المصلحة العليا ويعلم الأمة بها، ويجيب أن الإمام وولي الأمر هو المسؤول الأول عن ذلك، وذلك لكونه هو المخاطب بتحقيق المصالح الدينية والدنيوية للأمة، من خلال إدراكه للأمور بنفسه أو بغيره من أهل الحل والعقد أو المستشارين من أهل الثقة.
ويلي الإمام في رعاية المصالح نواب ولي الأمر، أفراداً أو جهات، لأنه لابد من التنظيم لتسيير الأمور وتحديد الاختصاصات، مشيراً إلى أن تفويض الأفراد أو الجهات من قبل ولي الأمر، هو تفويض برعاية مصالح فئة ما في منطقة ما، وعلى ولي الأمر محاسبة هذا الفرد أو هذه الجهة، لأنه المسؤول عن تحقيق المصالح الدينية والدنيوية للناس.ويؤكد معالي الشيخ صالح آل الشيخ أنه لما كانت المسألة موزعة من حيث من يلي هذه المصالح فإن مصالح دفع المنكرات وتحقيق المعروف منوطة بالجميع بحسب الاستطاعة، وبجهة مختصة في ذلك يقيمها ولي الأمر إن أراد ذلك.ويطرح معالي الشيخ صالح أبرز المصالح العليا للأمة ومنها الإجماع ونبذ الافتراق والاختلاف، وصيانة العدل وتوفير آليات تحقيقه، وصيانة الأمن والعمل على استقراره، وضبط القضاء والفتوى، والتشاور في كل ما يعين من قضايا أو أمور تخص الأمة في دينها أو دنياها.
|