لقد تتابعت الأدلة، وتظافرت النقول، وصحت الأخبار، ودلَّت الوقائع، وتحدث التاريخ قديماً وحديثاً على أن (يد الله مع الجماعة).
تقول الأيام:
ظهر أمير العراق الحجاج بن يوسف مع فسقه أمام الناكثين للبيعة (سعيد بن جبير - وعامر الشعبي وابن الأشعث) مع كثرة أعدادهم وأنصارهم، ولكنهم غُلبوا أمام ولي الأمر عبد الملك بن مروان بقيادة الحجاج بن يوسف الفاسق.
وقتيبة بن مسلم الباهلي القائد المشهور، والفاتح المعروف صاحب البطولات ذو الشدة والهيبة والشكيمة، لما نقض البيعة، ونكث العهد مع ولي أمره سليمان بن عبد الملك قتل شر قتلة، ولم يفلح.
وتقول: أما يزيد بن المهلب بن أبي صفرة، الشجاع ابن الشجاع، فخرج على الخليفة يزيد بن عبد الملك، ودعا الناس لذلك، فكانت نهايته أن يقتل وأعوانه.
كما ذكرت عن زيد بن علي بن الحسين - رضي الله عنهم - أنه خلع الإمام هشام بن عبد الملك، ودعا الناس للخروج عليه وكانت العاقبة للخليفة، وقتل زيد وأنصاره وجيء برؤوسهم بين يدي الإمام، وكذلك ابنه يحيى بن زيد لما خرج على الإمام قُتل.
ولما سخر واستهزأ أبو مسلم الخرساني بالخليفة أبي جعفر المنصور، كانت بداية نهايته مع أن أغلب من تقدم من الخارجين أهل سابقة وجهاد، ومواقف بطولية، انتصروا فيها على الأعداء، وفتحوا الأمصار ودوَّخوا المناوئين للإسلام، ولكن ضد ولي الأمر لم يفلحوا، كما أن أغلب الأئمة (ولاة الأمور) في ذلك العصر كانوا أهل فسق ومعصية وانحراف ومع ذلك انتصروا، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه فإنه من خرج عن السلطان شبراً فمات، مات ميتة جاهلية) الصحيحين واللفظ للبخاري (7054).
فهل نستفيد من تاريخنا، ونأخذ العبرة والعظة، وكم من حق يراد به أباطيل {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ..}، أما غير أولي العقول فلن ينتفعوا، لن ينتفعوا، لن ينتفعوا!!!
( * ) المجمعة |