* الجزيرة - خاص:
أكد فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم العباد رئيس المحكمة الشرعية في محافظة العلا على أهمية الإسراع في الاستفادة من وسائل الاتصال الحديثة وعلى رأسها الإنترنت والقنوات الفضائية في الدعوة إلى الله بين المسلمين وغير المسلمين، معرباً عن أسفه لتأخر الأمة الإسلامية في توظيف هذه التقنيات لخدمة مناشط الدعوة.
وأضاف الشيخ العباد في حديث ل(الجزيرة) حول الدعوة والتقنية أن الدراسات والإحصائيات تؤكد ضآلة نصيب المسلمين من هذه التقنيات، مشيراً إلى أن إجمالي عدد المواقع المختلفة على شبكة الإنترنت يزيد على عدد المواقع الإسلامية بمعدل 1200%، وأن المنظمات المسيحية تتصدر المقدمة من حيث عدد المواقع التابعة لها على شبكة الإنترنت بنسبة 62%، تليها المنظمات اليهودية، بينما تساوى المسلمون والهندوس بنسبة لا تتجاوز 9%، وهو ما يدل على أن أبناء المسلمين مستهدفون في عقيدتهم وأخلاقهم، حيث إن كثيراً من المواقع الإسلامية القائمة بجهود فردية محدودة التأثير، وتحتوي على معلومات سطحية أو غير صحيحة، مقارنة بعدد قليل للغاية من المواقع المتميزة التي ظهرت في الآونة الأخيرة ويقوم عليها متخصصون تدعمهم هيئات وشركات ومنظمات ووزارات إسلامية في بلدان مختلفة من العالم الإسلامي وهي مواقع تتميز بحسن التخطيط والتصميم إلا أن الساحة بحاجة إلى المزيد من المواقع الإسلامية القادرة على استيعاب الإقبال المتزايد من شباب الأمة الإسلامية على استخدام الإنترنت، وتزايد استخدام هذه الشبكة عموماً حيث بلغ عدد مستخدميها أكثر من 300 مليون مستخدم في جميع أنحاء العالم.
واستطرد فضيلة الشيخ العباد أن الواجب بات يحتم علينا نحن المسلمين وخاصة الدعاة إلى الله أن نستفيد من هذه الثروة الإعلامية والاتصالية قبل غيرنا من بني البشر باعتبار عالمية رسالة الإسلام التي نحملها ويجب علينا إبلاغها لكل من يحيا على هذه الأرض، ولا سيما أن الشبكة العالمية الجبارة (الإنترنت) قد فتحت آفاقاً جديدة للدعوة الإسلامية والعمل الإسلامي واستغلالها في الدعوة أصبح ضرورة ملحة إلى جانب كل ما وصل إليه العلم من وسائل إعلامية كالطباعة والتصوير والكمبيوتر والإذاعة والتلفاز وبخاصة الإذاعات الموجهة والقنوات الفضائية.
مؤكداً أن الإنترنت كوسيلة للدعوة إلى الإسلام تتميز بمجموعة من الخصائص التي تجعلها أكثر حيوية وتأثيراً من أي وسط إعلامي آخر ومن هذه الخصائص:
الاندماج: حيث أحدث الإنترنت نوعاً من الاندماج بين خصائص الوسائل الإعلامية الأخرى من إذاعة وتلفاز وصحف ومحليات، فهي تجمع بين الكلمة المكتوبة والصوت والصورة والفيديو في وسيلة واحدة وتجمع كذلك بين التربية والتعليم والتثقيف والترفيه.
الانتشار: فقد بلغ عدد المشتركين بالإنترنت في العالم أكثر من 300 مليون مشترك منهم نحو مليونين في العالم العربي، والرقم في زيادة مستمرة وحسب أحدث الدراسات فإن مستخدمي الإنترنت هم أكثر الشرائح الحيوية في المجتمعات في حين أن الراديو على سبيل المثال مضى عليه 38 سنة قبل أن يصل مستمعوه إلى 50 مليون نسمة من البشر، وكذلك التلفاز فقد احتاج إلى سنوات كثيرة لتحقيق انتشاره الحالي، والكمبيوتر استغرق 13 سنة حتى يصل إلى رقم الـ 50 مليوناً، أما الإنترنت فقد استمرت خمس سنوات للوصول لهذا العدد.
التفاعلية: حيث أحدث الإنترنت نوعاً من التفاعل بين المشاهد وبين مصدر المعلومات في حين أنه في التلفاز كان المشاهد مجرد مستقبل لا يستطيع أن يسهم بالمشاركة، وكذلك الراديو، بينما الإنترنت يتيح للمشاهد أو المستخدم أن يشارك في هذه المعلومات عن طريق قنوات الحوار والاستطلاعات والإدلاء بالرأي في القضايا المختلفة.
ومن خصائص الإنترنت أيضاً: أنه من أسرع وأرخص وسائل الاتصالات في العالم، إضافة إلى سهولة نقل وتخزين المعلومات والبيانات.
وأضاف الشيخ العباد: ومما لا يخفى أنه ظهرت ومن خلال هذه المميزات ومن خلال ما أشرنا إليه من نسب المستخدمين وبدافع من القوى المعادية للإسلام في هذه الشبكة الكثير من البرامج المعادية والمنافية للإسلام والمستهدفة للمسلمين وخصوصاً الشباب، وهو ما استنفر كثير من المسلمين في الآونة الأخيرة للاستفادة من هذه الشبكة ونجحوا في كثير من دول العالم في استغلالها لنشر قضايا الأمة على العالم، والدعوة إلى الله وفي دول مثل بريطانيا بدأ المسلمون باستخدام الإنترنت لبث الأذان كرسالة صوتية عبر الهواتف المتحركة وذلك لمعرفة أوقات الصلوات في بلد لا يرتفع فيه صوت الأذان، وقد وصفت إحدى الصحف البريطانية هذه الخطوة بقولها: إن المسلمين أصبحوا يستخدمون آخر مخترعات التكنولوجيا لمعرفة أوقات الصلاة وذلك للتغلب على مشكلة منع رفع الأذن بسبب زعم غير المسلمين بأنه يسبب لهم ضوضاء، والمتابع الجيد لهذه الثورة المعلوماتية والاتصالية الجديدة يجد مئات المواقع العربية والإسلامية على شبكة الإنترنت كلها في مواجهة الباطل ونشر الحق وتخصص في علوم وشؤون الإسلام والقرآنيات والأحاديث الشريفة والدعوة الإسلامية والتاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية إلى جانب مواقع للغة والأدب وهي متعددة وغزيرة فيما تقدمه من معلومات وإرشادات وخدمات فقهية وعلمية، لذا يتعين على الدعاة بذل المزيد من الجهد والعطاء خدمة لهذا الدين الحنيف ومحاولة نشر المواقع الجيدة والتي ظهرت على الشبكة مثل موقع (الإسلام على الإنترنت) وموقع (الموقع الإسلامي) وغيرهما، كما يتعين على الدعاة إنشاء مواقع إسلامية متميزة تخدم الإسلام على الإنترنت، وينصح الخبراء بأن يحتوي الموقع الإسلامي على خصائص منها:
- جودة المحتوى من حيث وفرة المعلومات المنشورة وشمولها وتغطيتها لمجالات تخصص الموقع وأهدافه وأيضاً تعدد لغات هذا المحتوى ليصل إلى أكبر عدد ممكن من مستخدمي هذه الشبكة.
- سهولة تصفح الموقع والتنقل بين أجزائه وهذه السهولة تعتمد على جودة تنظيم صفحاته وترابطها وتوافر أدوات بحث داخل المحتويات.
- توافر الخدمات التفاعلية مثل الدردشة وسجل الزوار وخدمات أخرى مثل توفر فرص عمل وعرض طلبات الزواج أو بريد مجاني أو مفكرة أو بطاقات تهنئة وغيرها.
- التكامل مع بقية المواقع الإسلامية الأخرى للبعد عن التكرار مع وجود ربط بهذه المواقع.
- البعد عن الخلافات المذهبية والسياسية لتحقيق أكبر قدر ممكن من العالمية والانتشار.
- جودة التصميم وجمال الرسوم والإطارات.
- توافر العمل المؤسسي في نشر الصفحات والمواقع الإسلامية على الإنترنت من خلال تحقيق الدعم المادي والدعم الفني المتخصص في العمل.
- ضرورة وجود فريق علمي لكل موقع يخصص أفراده كل حسب مجاله بحيث يتحقق في النهاية التكامل والنجاح لهذه المواقع، فالشبكة الإسلامية الناجحة تتطلب وجود فريق شرعي وفريق فني وفريق إعلامي وفريق استشاري.
- أن تخصص مجموعة من المواقع الإسلامية في طرح الدعوة الإسلامية لغير المسلمين وللمهتمين الجدد بشكل تخصصي لنحقق بذلك انتشاراً وقبولاً واسعين بين غير المسلمين.
- أن تتولى بعض المواقع الإسلامية مواجهة المواقع التي تحمل أسماء إسلامية لكنها في الحقيقة تبث مفاهيم وأفكاراً وعقائد مخالفة للإسلام مثل مواقع القاديانية والأحمدية وغيرها.
- ضرورة توافر الدعم والموازنة لتحقيق التنوع والتطور المستمر وللمحافظة على زوار الموقع، وجذب زوار جدد، فالصفحات الجامدة يقل عدد زوارها تدريجياً، بل قد لا يزورها أحد فيما بعد، فلا بد من البحث المستمر والتطوير والتجديد لتحقيق الحضور للمواقع والشبكات والصفحات الإسلامية.
ورداً على سؤال حول كيف يمكن استغلال الإنترنت في نشر الدعوة الإسلامية؟ قال الشيخ العباد: إن الأمر يتطلب إلى جانب بث دعوة الحق من خلال المواقع الإسلامية التفكير في وسائل ابتكارية للوصول إلى أكبر عدد من مستخدمي الشبكة وبخاصة ممن لا يزورون المواقع الإسلامية.
ولعل وجود الكثير من المواقع على الشبكة لكبار العلماء مثل ابن باز، وابن عثيمين، رحمهما الله والمنجد وغيرهم دليل قوي على أهمية الإنترنت وضرورة تسخيره لخدمة الإسلام ودعوته.
أما عن الوسائل الممكنة عبر الإنترنت لنشر الدعوة الإسلامية فيمكن تحديدها في الآتي:
- إنشاء مواقع إسلامية تقدم الإسلام الصحيح بشكل سهل وجذاب ومشوق.
- نشر الصحف الإسلامية على الشبكة.
- توافر الكتب الإسلامية المختلفة من خلال المواقع الإسلامية والعربية وبخاصة أمهات كتب التراث كتفاسير القرآن وترجمات معانيه باللغات المختلفة وكتب الأحاديث والموسوعات الفقهية.
- استغلال غرف المحادثة والحوار عبر الكثير من المواقع ومحركات البحث في عرض دعوة الإسلام على الآخرين وهذه وسيلة طيبة ومثمرة وقد جربها بعض الدعاة وأسلم على أيديهم الكثيرون من جنسيات مختلفة.
- استخدام البريد الإلكتروني للدعوة إلى الله وهو وسيلة جيدة للدعوة ومكملة للوسائل الأخرى وباستخدام البريد الإلكتروني يمكن توجيه دعوة الإسلام إلى ملايين من العناوين الإلكترونية ويمكن اختيار شريحة ذات مواصفات معينة لكي تصلها الدعوات، ويتم ذلك إما بالمراسلة الفردية أو الاتفاق مع شركات الإنترنت التي تقدم الخدمات البريدية مقابل أجر معين، فهذه الشركات لها قوائم بريدية تتجاوز أحياناً الخمسين مليون عنوان بريدي مشترك بالإنترنت وهذه وسيلة جيدة إذا أحسن استخدامها وقام عليها علماء ودعاة ومصلحون غيورون على الإسلام ودعوته.
|