Friday 13th August,200411642العددالجمعة 27 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "أفاق اسلامية"

نبض المداد نبض المداد
لا تكن عوناً للشيطان
أحمد بن محمد الجردان

المخطئ قد يكون قريباً إلى أن يصيب ويعدِّل خطأه، وذلك متى ما كان الداعية عوناً لهذا المخطئ، أما إذا لم يكن عونا له بل كان عوناً عليه فعندها يفقد الداعية دوره ويتحول دون أن يشعر إلى دور مغاير جداً، وهو دور تكون نتيجته أن يوغل هذا المخطئ في خطئه، فمنا من يرى أن دوره هو دور الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر الداعية إلى الله، بل تراه يتبنى هذا الدور في جميع أحواله إلا أنه دون أن يشعر يكون في لحظة قد تغير مساره بل صار مساراً معاكساً تمام المعاكسة، فعلى سبيل المثال: رجل وقع ابنه في منكرٍ (ما) فإن كان الأب يقف من ابنه موقف الشامت به وبإغواء الشيطان له فهو في الواقع لم يكن أباً داعية بل كان وبكل أسف عونا للشيطان على ابنه، ولو أن أمَّاً وقفت على ابنة لها قد وقعت في منكرٍ (ما) فإن كانت ترفق بها وتعالج خطأها بكل سرية وكتمان في جو من الرأفة والحنان متلمسة مواطن القبول لدى ابنتها فتلك أم بحق داعية مربية، أما إن كانت شامتة بابنتها هامزة لها لامزة تسمعها عبارة تصف بتندر سيطرة الشيطان عليها فأنى لهذه الأم أن تكون داعية إلى الله؟ وكيف لها أن تهدي هداية الدلالة إلى الحق ابنتها؟ أمَّا هداية التوفيق فالموفِّق للهداية هو الله جل وعلا. وعن أبي هريرة قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بسكران فأمر بضربه، فمنّا من يضربه بيده، ومنا من يضربه بنعله، ومنا من يضربه بثوبه، فلما انصرف قال رجل: ما له أخزاه الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تكونوا عوناً للشيطان على أخيكم)، وعنه رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب، قال: (اضربوه) قال أبوهريرة: فمنّا الضارب بيده والضارب بنعله والضارب بثوبه، فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان)، وفي رواية: ثم قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: (بكّتوه) فأقبلوا عليه يقولون: ما اتقيت الله؟ ما خشيت الله؟ وما استحييت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم أرسلوه، وقال في آخره: (ولكن قولوا: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه) وبعضهم يزيد الكلمة ونحوها، وفي رواية: فلمّا انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : (لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان ولكن قولوا: رحمك الله) هذا هو المنهج الذي افتقده البعض منَّا، فالأصل أن المسلم وإن وقع في الذنب والمعصية فهو لا يزال مسلماً، له ما لنا وعليه ما علينا، له حقوق واجب علينا أداؤها له، لذا من حقه علينا أن ندعو له لا أن ندعو عليه، وأن نعينه لا أن نعين عليه، أن نشفق عليه لا أن نقسو، وهكذا فالمسلم لا ريب أن بينه وبين أخيه المسلم أواصر صلة ورحمة وشفقة تحتم على الداعية أن يرأف بالناس ويرحمهم ويلين لهم ويعينهم على كيد الشيطان ومكره.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved