جاء قرار مجلس الوزراء بالموافقة على إنشاء صندوق وقفي لعمارة المساجد، تجسيداً صريحاً لعناية ولاة الأمر - حفظهم الله - ببيوت الله، هذه العناية المباركة التي أصبحت معها المساجد المنتشرة في طول البلاد وعرضها، مفخرة لكل أبناء بلادنا الطيبة، وشاهد عيان، على جهود الدولة ولاة الأمر وأهل الخير ورجال الأعمال في عمارة المساجد وتفعيل دورها الدعوي والتوعوي والاجتماعي.
وهذه الحقيقة يدركها بعين اليقين، آباؤنا وأجدادنا الذين عايشوا التطورات الهائلة التي شهدتها عمارة المساجد في جميع مناطق المملكة، فبعد ما كانت تبنى من الطين والسعف، أصبحت تشيد وفق أحدث النظم والأساليب المعمارية التي تتناسب مع مكانة المسجد في المجتمع الإسلامي ولا سيما في بلاد الحرمين الشريفين، التي من الله عليها بأن وضع فيها أول بيت لله، وأول مسجد تنطلق منه دعوة التوحيد، لتعم أرجاء الأرض بخيرها، ونورها، وسعادتنا بإنشاء هذا الصندوق الذي يضمن - بمشيئة الله تعالى - إيجاد وقف لكل مسجد، مرجعها أن فكرة إنشاء هذا الوقف الذي يخصص ريعه لعناية مسجد بعينه، بدت ملحة للغاية وضرورية لتنظيم الجهود الأهلية في بناء المساجد وصيانتها وتوفير ما يلزمها من فرش وتجهيز وغيرها.
وهي دعوة سبق أن طرحناها، بعدما ثبتت فاعليتها وجدواها، من خلال برنامج العناية بالمساجد ومنسوبيها الذي نفذته وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وقد لوحظ من خلال العمل في هذا البرنامج أن كثيراً من المبالغ التي يوقفها أصحابها لبناء مسجد في منطقة ما، لا تكفي لإتمام عملية البناء وهناك بالفعل الكثير من المساجد التي توقف العمل بها بعد نفاذ المبالغ التي أوقفت لبنائها، والصندوق الجديد الذي وافق مجلس الوزراء على إنشائه يحل هذه المشكلة، ولا سيما أن وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، تمتلك من الخبرات والكفاءات ما يؤهلها لإيجاد أفضل الاستثمارات لما يرد للصندوق من تبرعات أهل الخير والواقفين، يضاف لذلك أن هذا الصندوق يعد حافزاً للخيرين والراغبين للوقف لبناء عمارة المساجد، ولا يمتلكون المبالغ الضخمة اللازمة لذلك، فقد أصبح بإمكانهم من خلال هذا الصندوق أن ينالوا ثواب الوقف والتبرع لبناء بيوت الله، بمساهماتهم البسيطة، التي تربو - عند الله - أضعافاً مضاعفة.
ولا شك أن صندوق وقف لكل مسجد يدعم بقوة جهود الدولة حرسها الله للعناية ببيوت الله وإنشاء المزيد منها في المناطق المحتاجة لذلك، ويتيح مورداً ثابتاً لكل مسجد في كل حي، ويلبي احتياجات هذا المسجد، من دون مضاعفة الأعباء المالية الضخمة التي تتحملها الدولة لتحقيق هذا الهدف.
ندعو الله أن يكون هذا الصندوق حافزاً لإحياء سنة الوقف لصالح المساجد، وجميع الأعمال الخيرية التي يعم نفعها المجتمع بأسره وتتضاعف بها الحسنات.
ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نتوجه بالشكر إلى الله - جل وعلا - على نعمه الكثيرة، وما يوليه ولاة أمرنا من عناية بالمساجد، وكل ما فيه خير الإسلام والمسلمين، كما نتوجه بالشكر لكل من دعم وساند اقتراح هذا الصندوق الوقفي للعناية بالمساجد وعمارتها وبخاصة معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ومجلس منطقة الرياض الذي تبنى الفكرة، ورفعها للمجلس الأعلى للأوقاف الذي رفعها لمجلس الوزراء.
والأمل الكبير أن يتنافس أهل الخير لإنجاح هذا المشروع المبارك، ليكون امتداداً للمشروعات الوقفية في جميع ميادين الخير.
|