* عمان - الجزيرة - خاص:
بول شاؤول شاعر ومؤلف مسرحي، صدر له من الأعمال: (أيها الطاعن في الموت)، (بوصلة الدم)، (وجه يسقط ولا يصل)، (الهواء الشاغر)، (صوت نرسيس)، و(أوراق غائب)، و(كشهر طويل من العشق)، وله عدة مسرحيات عربية ثرية منها: (المتمردة)، و(ميتة تذكارية)، (الساعة الخامسة)، (الحلية)، و(الزائر) وغيرها من المسرحيات، وله عدة ترجمات مفصلية في سياق الثقافة العربية أبرزها: (مختارات من الشعر العالمي)، (في انتزار جودو)، (نهاية اللعبة)، ويرأس بول شاؤول القسم الثقافي في جريدة المستقبل، وشارك في مهرجان جرش الشعري و(الجزيرة) التقت مع شاؤول وكان معه هذا الحوار:
* هل هوية القصيدة العربية تعاني شروخاً؟
- أولاً ليس هناك شيء اسمه هوية القصيدة العربية فالقصيدة هي هوية ذاتها والقصيدة العربية هي نتاج القصية الغربية (القصيدة العربية طبعاً) فكل شعر عربي وراءه شعر أجنبي، فالياس أبو شبكة وراءه بودلير، سعيد عقل وراءه أب لينير، السياب وراءه اليوت، يوسف الخال وراءه إلى حد ما اليوت، وكذلك صلاح عبدالصبور وانسي الحاج وراءه شيء من السيريالية، وكذلك شوقي أبو شقرة، وادونيس وراءه مجموعة كبيرة من الشعراء الفرنسيين، إذن هوية القصيدة العربية عندما أقول انها هوية ذاتها أي هويتها الابداعية أي الى أي مدى يقرأ الشاعر ويستفيد ويتمكن الشاعر من صوغ صوته، صيده الخاص، إذن قصة هوية عربية للقصيدة هي هوية الشاعر وليست هوية قومية بالمعنى الايدولوجي.
* إلى أي مدى يمكن اعتبار الشاعر بول شاؤول جزءاً من هوية القصيدة العربية؟
- كما قلت لك ليس هناك شيء اسمه هوية القصيدة العربية، وكذلك ليس هناك شيء اسمه هوية القصيدة الغربية، امتداداً الى القول اعتبر انه لا توجد هوية حضارية عربية خالصة ولا هناك هوية حضارة غربية خالصة، فالنهضة العربية قامت على التهجين، يعني على اعتبار عنصري الانبعاث الثقافي هو ما يسمى التراث وما يسمى الغرب إذن الهوية الشعرية العربية هي هوية فردية، كل شاعر له هوية ما ينفيها كل يوم، ينكرها كل يوم، وهي هوية فردية مفتوحة أمامنا وليس وراءنا، وليس هناك شيء جامد أو ساكن في القصيدة بالنسبة للشاعر هناك عدة هويات، وعدة تجريبات في الشعر، وعدة اقترحات ومن خلالها يمكن للشاعر ان ينفي ذاته كل يوم والهوية تكمن في ألا يكون لنا هوية شعرية.
* بأي معنى؟
- بمعنى أن هاجس الابداع هو الهوية الحقيقية للشعر فالشعر لا يخضع لقوانين جاهزة وليست هناك قسمات جاهزة يمكن أن تكون هوية للشعر مطلقا نحن في الشعر العربي نحتاج الى الشعر في العالم لنبني هوية تتحول باستمرار ولا يستطيع الشعر العربي ان يتحول إذا حاورت الذات ذاتها فقط. الذات حين تحاور الذات تقع في الانحطاط أو التجمد أو الاستنقاع، إذن كل حوار حضاري ينبغي ان يتم مع كل ما هو مختلف عنه مع نقيضه، وإلا كيف يمكن أن أقيم حواراً مع شخص يشبهني، وبما انه يشبهني فإن الحوار ينتفي بمعنى انني أحاور ذاتي وذلك يعني انني لا أحاور أحداً، وبالتالي سأتعفن في ذاتي، وانحط في ذاتي وأدفن بها.
* كيف تلتزم بالشعر في حياتك؟
- الشاعر هو أجمل ظاهرة في العالم، أعظم من كل الظواهر، أجمل شيء في الدنيا هو الشعر، فالشعر أجمل من الايدولوجيا، الاحزاب، والحضارات، الشعر هو روح الاشياء، أقول هذا لأنه عندما يحسب الشاعر انه أنبل الظاهر عليه ان يحافظ على نبله، ان يحافظ على هذا المستوى، الشاعر الذي يتزلف عند الانظمة يفسد نفسه كشاعر قبل كل شيء، الشاعر الذي يتزلق على أعتاب الطوائف، الشاعر الذي يكون عصابة من الشعراء يمارسون القمع على شعراء آخرين يدنس صورة الشاعر، الشاعر الذي يرتشي، الشاعر الذي يكذب، الشاعر الذي يبيع ضميره، الشاعر الذي يبيع قلمه، الشاعر الذي يكتب قصائده لجهة ما.. هذه الجهة أو تلك.. الشاعر الذي يذوب في المؤسسات، الشاعر الذي يكتب هويته كشاعر، الشاعر الذي يخون صدقه، يخون تجربته الذاتية، وهذا الشعر يشوه صورة الشاعر التي أراها أنا، ولهذا ينبغي أن نمارس حياتنا اليومية كشعراء وليس كموظفي شعر، شعراؤنا الذين باعوا أنفسهم وباعوا قصائدهم للشر، ولتبرير القمع والعنف والظلم. الشاعر هذا الحر، المتحرر، المستقل، الذي مع انتمائه لكل المجموعات البشرية، والاجتماعية، والذاتية يبقى هو ابن ذاته، ويبقى هو فكر ذاته ولهذا أقول الشاعر الذي يفكر بالجماهير أو يفكر ببيع الكتب، أو يفكر بالرواج، ويكتب قصائده على هذا الأساس هو شاعر مزيف، وأقول أيضاً أنا أشك في كل الشعراء الجماهيريين لأن الجمهور مقياسه رديء للشعر، والجمهور العريض هو ضد الشعر، وضد الفن، وضد القيم الجمالية الكبيرة، وكل الشعراء الذين ادعوا التحامهم بالجماهير وكتبوا قصائد لارضاء الجماهير هم رحلوا، شعراء القضايا الذين كتبوا شعرهم بطريقة مبسطة وبطريقة سهلة وبطريقة متواطنة رحلوا، ورحل شعرهم لأنهم شعراء مناسبات رحلوا مع تلك المناسبات.
|