يقوم بعض الآباء بتزويج ابنته بريال واحد فقط لا غير كمهر لها، ومع التقدير للنوايا الطيبه وراء مثل هذه المبادرة التي تأتي كرد فعل فردي على غلاء المهور إلا أنه من الصعوبة تفهم أن يكون الريال مهراً لفتاة تعيش في هذا الوقت!.. هذا الموقف ضد غلاء المهور يحرم العروس من حقها في مهر عادل تتصرف فيه مثل بقية بنات حواء، ولو تم التمعن في الأمر لوجدنا أن الفكر الذي يكون وراء تزويج البنت بمائتين أو ثلاثمائة ألف ريال هو نفسه الفكر الذي يزوج البنت بريال!، أي أن هناك سيطرة ووصاية كاملة فيما يتعلق بالزواج، الأولى تتكسب وتستمثر في كائن بشري تبيعه لآخر وفق أسعار السوق السوداء، وأخرى تأخذ مهراً أقل من المعقول!.. فكلتا (المدرستين) يرى أصحابهما أن المهر لولي الأمر وليس للعروس، ولهذا فهو الأحق برفع الأسعار أو تخفيضها إلى أقل درجة إذ ليس بعد الريال وحدة نقدية إلا النصف أو الربع ريال!.. التصرف الثاني يحرم العروس من مهر (معقول) وهو حق شرعي يجب أن يصل ليدها لتشتري أشياء ضرورية تجهز به نفسها قبل الدخول في بيت الزوجية، وكيف يمكن لها أن تجهز نفسها بريال!.. مشكلتنا هي التطرف والمقصود هنا التطرف في مسألة الزواج والمهور وليس باقي أنواع التطرف التي يمارسها البعض في شئون حياتنا المختلفة!، تطرفنا في الزواج إما سيجعله رهينة لا يحرره إلا من يدفع مبالغ باهظة، وذلك سبب جوهري في حرمان البنات من أن يتزوجن في الوقت المناسب والعريس المناسب، أو مبالغ تكاد لا تذكر تحرمهن من مهر حلال يفي بمتطلبات العروس الشخصية ويوفر لها مصروف في شهور مقبلة قبل أن تتعود على عريسها وترفع الكلفة بينهما.. فالبنت محرومة ومصادر حقها في كلتا الحالتين.. وعلى العموم لن تفيد أية نصائح لتخفيض المهور أو مظاهر الزواج التي لا تخلو من إسراف وتبذير ومظاهر باذخة يستطيعها البعض ويستدين لها آخرون.
ولكن يبقى المعيار الحقيقي الذي يجب أن نحتكم إليه في النهاية هو حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة) واعتقد أن المهر المعقول والذي يستطيعه كل الشباب هو من المؤنة الميسرة التي تحقق البركة ولكن الريال لا يمكن اعتباره مؤنة في الزمان!!.
|