قبل أن تتهور وتتسرع أيها (الأب) في لحظة غضب وترمي يمين الطلاق على زوجتك (أم عيالك) لتهدم صرحاً لأسرة جمعها الحب والتفاهم والحنان فكر ألف مرة قبل اتخاذ مثل هذا الأمر وبذلك يتيه فلذات الاكباد في دياجير الحياة مع معاناة من قسوة الأيام حيث التشرد والسؤال إلحافاً لأناس لا يجدون لديهم حنان الأم والأب. نعم.. فكر ايها الأب وفكري أيتها الأم ملياً حتى لا تصلا لأبغض الحلال عند الله ..تريث أيها الوالد قبل ان تقول لوالدة أبنائك (أنتِ طالق) وتمهلي أيتها الأم.. قبل أن تطلبي صارخة كلمة (طلقني.. طلقني).وتالله.. لن يدفع ثمن هذا إلا الأطفال الذين لا ذنب لهم إلا كونهم ينتسبون إليكما ..ومن وحي التجربة والحياة والواقع المعاش.. ثمة فتاة.. في المرحلة المتوسطة كانت رقيقة وحساسة تملك الموهبة وقدرات إبداعية عديدة وما من أحد يتأمل في حالها وفي علاقاتها مع من حولها حتى يجدها في غاية التهذيب والاحترام والذوق ولكن يلحظ في نفس الوقت أنها شديدة التعلق بصديقاتها ومعلماتها وقد يقول قائل إنه أمر طبيعي ولا يخرج عن كونه طالبة في سن المراهقة لها مشاعر عابرة وستصقلها الأيام ولكن هذا لم يكن دقيقا فهذه الفتاة بقيت وظلت محافظة على هذه المشاعر الجياشة تجاه أي صديقة أو معلمة تقدم لها يد العون أو لمسة من عطف أو نحو ذلك حتى وهي تجتاز المرحلة الثانوية.
استمرت على هذا الوضع مرهفة الحس متمسكة بمن يومىء لها بأدنى اهتمام ليس ذلك وحسب بل إنها بلغت إلى درجة من الحساسية والانفعالات لحد الإغماء والانهيار الكامل أن أعلنت إحدى صديقاتها المقاطعة أو الابتعاد وجراء هذه العواطف غير العادية تجاه الآخرين هزل جسمها وضعفت بنيتها وفي مرات عديدة فقدت القدرة على الكلام لأن صديقة عزيزة على نفسها هجرتها ولم تعد تواصلها.أتدرون لم هذه الفتاة حالها كهذا.. إنها ببساطة إحدى ضحايا الطلاق وقد قلت في نفسي ستداوي جراحها الأيام قريبا تلتحق بالجامعة وقد تتزوج وتكوِّن أسرة وتنجب أطفالاً يكونوا لها العزاء فيما فقدت من حنان وحب وظللت أسأل عن أحوالها باستمرار حتى رأيتها وفرحت كثيرا عندما علمت أنها تخرجت من الجامعة وأصبحت معلمة فوجدت أنها شخصية رائعة ولكن ما زال بداخلها جرح نازف وألم لم تمحه السنين والأيام ظننت أن نجاحها الوظيفي سيخلق منها شخصية مغايرة لما كانت عليه في فترة المراهقة إلا أن الوضع لم يتغير والحال لم يتبدل فما زالت تشعر بحرمان عاطفي كبير وكآبة متناهية وحزن دفين وأسى وألم عميق. إنها.. نتاج علاقة زوجية فاشلة.فهذه الشخصية نموذج حي لبعض آثار الطلاق.. ويدفع الأبناء الثمن باستمرار ألا يستحق الأمر أن نتروى قبل اتخاذ قرار (الطلاق).
لا أيها (الأب) لا تتسرع وتذكّر أبناءك وأمل من كل أب المحافظة على بيت الزوجية والتحمل في سبيل إسعاد أسرته وأبنائه.
|