تهويد الهنود لتكريس الاستيطان

هناك من يجادل بأن إسرائيل تتخير الأغنياء من يهود العالم لاجتذابهم إليها وتوزيعهم في المستوطنات المنتشرة في الأراضي الفلسطينية، لكن الواقع يقول غير ذلك إذ إن الفلاشا الذين أتت بهم اسرائيل من أصقاع وهضاب اثيوبيا لم يكونوا من بين الطبقات التي تتمرغ في الثروات بل كانوا من بين افقر فقراء اثيوبيا.
والآن ها هي اسرائيل تنقب في الارض الهندية عن آثار أو ملامح يهودية بين السكان الذين تضيق بهم ارضهم ومواردهم، فالهند تعرف ببلاد الانفجار السكاني بمواطنيها الذين يتجاوز عددهم المليار نسمة وهي بذلك تشكل مورداً طيباً لموارد بشرية.
والمسألة السكانية دوماً في صلب الاهتمامات الإسرائيلية، فالذين تأتي بهم سرعان ما يغادرونها بعد أن يواجهوا الأهوال في بلد تعيش حالة الحرب وعدم الاستقرار والبعض تصدمهم العدوانية الإسرائيلية المبالغ فيها تجاه الشعب الفلسطيني.
وهناك شكوك في ان الهنود الذين تسعى اسرائيل الآن لتهجيرهم اليها هم يهود، غير ان اي شبهات او شكوك لن تقف حائلا امام هجرة هؤلاء طالما تلاقت رغبتهم في الخروج من دائرة الفقر مع حرص اسرائيل على جلبهم وزيادة المستوطنات في اطار تحقيق الاهداف الاسرائيلية التوسعية..
ولا تتوقف اسرائيل كثيرا في مسألة الاوضاع المادية بل هي تسعى الى تكديس البشر في المستوطنات لخلق واقع جديد، وفقا لسياسة الامر الواقع التي تتبعها، وذلك من خلال اغراء هؤلاء الفقراء بالمسكن ومختلف صنوف الرعاية التي تحدث تبدلا محوريا في اسلوب حياتهم، والثمن هو ان يكونوا يهودا مخلصين وان يطوروا آليات (وطنية) تتيح لهم التشبث بالارض مع اظهار مشاعر الكراهية اللازمة ضد الفلسطينيين والاستعداد لقتلهم متى وجدوهم او صادفوهم.. هذا بالطبع الى جانب الانخراط في جيش الاحتلال.
وبصرف النظر عن التناقضات والحقائق المرة التي سرعان ما تواجه هؤلاء المهاجرين الجدد فإن القادمين من قيعان المدن والدول الفقيرة يجدون ان هناك فرصة يجب اغتنامها قبل الفرار بجلودهم الى حيث يمكنهم العيش بقدر من الكرامة، فهم سيدركون حال وصولهم ان هذه المستوطنات لن تكون وجهتهم الاخيرة، وسيتعلمون اثناء وجودهم كيفية التسلل الى انحاء الدنيا الأخرى او العودة من حيث اتوا.
التركيز الاسرائيلي على الهند لا يستهدف البشر فقط، فهناك تعاون راسخ بين البلدين في المجال الدفاعي، وبينما كانت الهند على روابط متينة مع العرب ومؤيداً قوياً للمواقف والقضايا العربية خصوصا القضية الفلسطينية فإن عدم رعاية هذه العلاقة بما تستحقه من اهتمام أوجد ثغرة تنفذ منها اسرائيل التي افادت كثيرا من جهة الحصول على سوق واسعة وواعدة لمنتجاتها فضلا عن الاستفادة القصوى من التقنيات الهندية في مجالات الصناعات المتطورة وبالذات في الجانب الدفاعي.