حفل الأسبوع الذي لم ينته بعد بجملة من المواقف العربية المطلوبة والضرورية بصورة جماعية وفردية تجاه السودان الذي ما كاد يخرج من محنة الجنوب حتى غرق مرة أخرى في مشكلة دارفور التي أفرزت، ضمن سلبيات عديدة، أخطار التدخل الأجنبي.. وهذا بالضبط ما توجهت إليه أنظار واهتمامات وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الأخير بالقاهرة، حيث رفض الوزراء مجرد التلويح بالتدخل الأجنبي واتخذوا إلى ذلك وسيلة عملية تتمثل في مساعدة السودان على تنفيذ اتفاقه مع الأمم المتحدة، حيث يلاحظ بصفة خاصة حرصهم على تأييد الموقف السوداني في الوفاء بما هو مطلوب منه على أساس الاتفاق الموقع مع الأمم المتحدة والذي يمتد لمدة ثلاثة أشهر وليس بموجب قرار مجلس الأمن الرقم 1556 والذي انتقده السودان باعتبار أنه يتجاوز اتفاقه مع الأمم المتحدة ولا يمهل الخرطوم سوى شهر واحد.
ويبقى من المهم توفير كل أسباب النجاح لهذا الدعم العربي وفق آليات ناجعة تفترض العمل في ظروف دولية معقدة تلوح فيها بشدة ملامح التدخل في هذا الجزء من الوطن العربي وهو أمر يطول كامل الوطن العربي في مراميه النهائية والكبرى، وبالإضافة إلى عمل يفترض أن يكون نشطا ومكثفا على الساحة الدبلوماسية من قبل الدول العربية فإن المشكلة في دارفور تنطوي أيضاً على أبعاد إنسانية ذات أولويات ملحة، وهذا مجال آخر يستقطب الجهود العربية.
وفي هذا المقام نشير إلى جملة من المبادرات الخيِّرة، ومنها وصول رئيس جمعية الهلال الأحمر السعودي إلى الخرطوم لبحث ترتيب أولويات العون السعودي بما يفي باحتياجات النازحين ويساعد من التخفيف من ظروف مئات الآلاف منهم الذين أجبرتهم الظروف على ترك قراهم.. ويلاحظ أن هذا الموقف من قبل المملكة يواكب جهدا سياسيا لها، حيث المؤازرة للسودان في الأمم المتحدة كما دعت المملكة عبر مجلس الوزراء إلى دعم الجهود القائمة من قبل الحكومة السودانية والاتحاد الإفريقي لإنهاء الأزمة في دارفور والكف عن لغة التهديد التي من شأنها أن تعقد الأمور.
إن موقفا عربيا بمثل هذه الفاعلية من شأنه إشعار الآخرين الذين يسعون إلى تنفيذ أجندتهم تجاه الدول العربية كيفما اتُّفق وبما يضر بالأمن العربي، بأن هنالك حدوداً وخطوطاً حمراء ينبغي عدم تجاوزها، وأن أمن الدول العربية هو أمر يحظى بإجماع يتمثل في مواقف 22 دولة.
صحيح أن هناك سلبيات عديدة فيما يتصل بالعمل العربي المشترك، غير أن اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير برسالته الواضحة إلى المجتمع الدولي فيما يتصل بالسودان ورفضه الواضح لأي تدخل أجنبي في الشأن السوداني، هو أمر يعيد قدرا من الثقة إلى العمل الجماعي في إطار الجامعة العربية بما يشجع على دفع هذه الصيغة إلى الأمام.
|