Tuesday 10th August,200411639العددالثلاثاء 24 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

وسط تحذيرات من وصول السعر إلى 50 دولاراً وسط تحذيرات من وصول السعر إلى 50 دولاراً
أسعار البترول تصل إلى أعلى سعر لها بسبب اضطراب صادرات البترول العراقية

* القاهرة - مكتب الجزيرة -عبد الله الحصري:
سجلت أسعار البترول العالمية ارتفاعاً قياسياً، حيث وصل سعر الخام الأمريكي الخفيف إلى 44.5 دولاراً للبرميل , فيما سجل خام مزيج برنت ( بحر الشمال ) أعلى سعر له منذ عام 1991 ليصل إلى 40.45 دولاراً، كما سجل سعر الخام الأمريكي الخفيف مستوى قياسياً جديداً في بورصة نايمكس يوم الثلاثاء الماضي فوصل إلى 44.24 دولاراً للبرميل وهو أعلى مستوى تشهده البورصة منذ أن بدأت العمل بعقود النفط الآجلة في عام 1983.
وفي فيينا أعلن رئيس منظمة أوبك بورتومو يوسجيانتورو أن إمكانات المنظمة لتهدئة الأسواق فوراً محدودة , حيث إن الدول الأعضاء لا تملك إنتاجاً إضافياً فورياً , وحذّر من أن تجاوز الأسعار حاجز الخمسين دولاراً سيشكل كارثة .
وأكد مراقبون أن هناك عوامل أسهمت في رفع أسعار النفط في مقدمتها اضطراب صادرات البترول العراقية , والإرهاب , وشبح الإفلاس الذي يخيم على شركة يوكوس الروسية للبترول ، والطلب الصيني على النفط مع اجتذاب واردات هائلة من النفط الخام والمنتجات المكررة من مختلف أرجاء العالم.
وما لم يهدأ النمو الاقتصادي الجامح في الصين يتوقع المحللون أن يواصل الطلب الصيني على النفط النمو على مدى عامين أو ثلاثة أعوام مما يشجع صناديق التحوط على المراهنة على أن أسعار النفط ستظل على ارتفاعها.
ومن المتوقع أن ينمو الطلب الصيني على النفط بمقدار 500 ألف برميل يومياًَ أي بنسبة 8% في العام المقبل بعد القفزة المتوقعة هذا العام بنسبة 14.5% مع ارتفاع ملكية السيارات وتنامي احتياجات توليد الكهرباء.
كما يتسارع الطلب الهندي على النفط، إضافة إلى النمو القوي الذي يشهده الاقتصاد الأمريكي الذي يبتلع ربع إجمالي إنتاج النفط العالمي، كما أن ارتفاع الطلب يعني أن نقص الطاقة التكريرية الذي تعاني منه الولايات المتحدة على مدى الأعوام الأربعة الماضية قد امتد الآن إلى آسيا مما يجعل بدوره نظام إمدادات النفط العالمي أكثر عرضة للاضطرابات.
ومنذ أن تجاوزت الأسعار مستوى 40 دولاراً للبرميل الذي هدد بإضعاف النمو الاقتصادي العالمي زادت منظمة أوبك إنتاجها إلى أعلى مستوياته منذ 25 عاماً في محاولة للإبقاء على الأسعار تحت السيطرة، ولم يترك ذلك سوى القليل من الطاقة الإنتاجية غير المستغلة خارج السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم.
وقالت مؤسسة بي.اف. سي انرجي الاستشارية في تقرير لها: إن حدوث موجة اندماجات في أعقاب انهيار الأسعار بين عامي 1998 و1999 خفض من عدد الشركات التي تمتلك مخزونات، والتي تراجعت بسبب سلسلة من تعطيلات الإمدادات في العام الماضي منها حرب العراق والإضراب العام في فنزويلا والاضطرابات العرقية في نيجيريا.
التوترات السياسة
قوضت التوترات السياسة في الشرق الأوسط وأعمال العنف في العراق ثقة المتعاملين في أمان الإمدادات من المنطقة التي تضخ ثلث النفط العالمي، حيث تضررت صادرات العراق بسبب المقاومة العراقية التي تقوم بين الحين والآخر بتفجير أحد خطوط إنتاج النفط.
وأدت الأزمة المالية التي تشهدها شركة يوكوس الروسية العملاقة التي تنتج نحو 20 % من إنتاج روسيا من النفط الخام إلى تفاقم المخاوف، حيث حذّرت الشركة من أنها قد تضطر لخفض إنتاجها مع سعي الحكومة لتحصيل متأخرات ضريبية مستحقة عليها تبلغ 3.4 مليارات دولار، كما لا يزال إنتاج فنزويلا من النفط متأثراً بتداعيات الإضراب الذي هزّ البلاد منذ 18 شهراً وخفض الطاقة الإنتاجية.
ودفعت المخاوف من نقص الإمدادات العديد من الدول لزيادة مخزوناتها الاستراتيجية وسحب الإمدادات من الأسواق، حيث مازالت الولايات المتحدة تسعى لتعزيز احتياطاتها الاستراتيجية رغم ارتفاع الأسعار، كما بدأت دول أخرى مثل الهند وكوريا الجنوبية وتايوان والصين في زيادة مخزوناتها تحسباً لما قد يحدث مستقبلاً من نقص الإمدادات.
الطلب الأمريكي على البنزين
ارتفع الطلب الأمريكي على البنزين لزيادة أعداد السيارات الرياضية ذات الدفع الرباعي التي تستهلك بنزيناً أكثر على الطرق السريعة الأمريكية، حيث تستهلك الولايات المتحدة وحدها نحو 45 % من الاستهلاك العالمي للبنزين، حيث يتطلب الطلب على البنزين الأمريكي كميات متزايدة من الخام الخفيف الذي تنقص فيه نسبة الكبريت.
وتنافس الصين على هذا النوع من الخام لمواجهة الطلب على وقود المواصلات مما يرفع سعر هذا الخام. وأغلب إنتاج أوبك من الخام الثقيل الذي تزيد فيه نسبة الكبريت.
وفي بورصة برلين وصل سعر برميل النفط إلى أعلى مستوى سجله منذ حوالي 21عاماً وبيع ب 43.95 دولاراً، وسط توقعات بارتفاعه في الأسابيع القليلة القادمة، حيث أثر هذا الارتفاع الذي كان متوقعا منذ قرار بعض البلدان المنتجة المنضمة إلى منظمة أوبك رفع سقف إنتاجها على سعر الوقود الذي أصبح يتغير في محطات الوقود في اليوم الواحد أكثر من مرة.
وفي ألمانيا تجاوز سعر لتر البنزين عشرة سنتات للتر الواحد وهي أعلى زيادة له منذ 14 عاماً وقد يصل إلى 1.30 يورو إذا ما ظل الخوف كبيراً من تعرض الولايات المتحدة وأوروبا لعمليات إرهابية، فعندما أعلنت واشنطن إجراءاتها الأمنية في نيويورك نهاية الأسبوع الماضي خوفاً من أعمال إرهابية قفز السعر في ألمانيا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي في يوم واحد إلى 1.20 سنت للتر، كما تشير التوقعات إلى زيادة سعر اللتر من الديزل إلى يورو واحد أي بزيادة أكثر من 10 % عن سعره الحالي، مما سيؤثر بشكل مباشر على حركة النقل والمواصلات الداخلية التي تعمل معظمها على الديزل.
أسباب ارتفاع الأسعار
ومن المثير للدهشة أن ترتفع أسعار النفط في فصل الصيف الذي تنخفض فيه معدلات الطلب على النفط لارتفاع درجات الحرارة الذي يقلل من استخدام أجهزة التدفئة، ولذلك يرى الخبراء أن هناك أسباباً أدت إلى هذه الزيادة السعرية:
- استمرار عمليات المقاومة العراقية ضد قوات الاحتلال الأمريكي والبريطاني مما يعوق استغلال الإنتاج العراقي من النفط الذي يصل إلى ما يقرب من مليوني برميل يومياً.
- الزيادة الكبيرة في الطلب العالمي , خاصة الصين التي سجلت معدلات نمو في الشهور القليلة الماضية خاصة في النشاط الصناعي تعد غير مسبوقة بالمعايير العالمية، حيث زاد معدل استهلاكها اليومي على ستة ملايين برميل تستورد منها أكثر من ثلاثة ملايين برميل يوميا , مما جعلها في المرتبة الثانية كأكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة متخطية اليابان في هذا الصدد , وعلى الرغم من أن هناك خططاً لبناء خطوط أنابيب للنفط تمتد من روسيا إلى الصين , فإن اعتماد الصين الأكبر هو على دول منطقة الشرق الأوسط المنتجة للنفط , وخاصة دول الخليج.
- ارتفاع الطلب العالمي على النفط نتيجة للانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة وعدد من الدول العربية والآسيوية .
دور منظمة الأوبك
ولكن ما هو دور منظمة الأوبك حيال ارتفاع الأسعار؟ فقد قررت أوبك منذ نحو ثلاثة أعوام أن تتراوح أسعار برميل النفط من سلة المنظمة بين 22 و 28 دولاراً للبرميل , وبحيث يتم خفض حجم الإنتاج بنحو نصف مليون برميل يومياً إذا انخفضت الأسعار في السوق العالمية لمدة عشرة أيام عمل متتالية , أو زيادة حجم الإنتاج بمقدار نصف مليون برميل إذا ما ارتفعت الأسعار عن مستوي 28 دولاراً للبرميل لمدة عشرين يوم عمل متتالية , وذلك بهدف الحفاظ على سعر وسطي لبرميل النفط يبلغ 25 دولاراً للبرميل .
ولكن المنظمة تأخرت في اتخاذ قرارها بزيادة مستوى الإنتاج عندما ارتفع سعر البرميل إلى 40 دولاراً للبرميل في مايو الماضي وهو ما عزاه المراقبون إلى تخوفها في اتخاذ مثل هذا القرار من انخفاض مستوى الطلب خلال فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة في الدول المستهلكة وهو ما يحدث تقليديا كل عام , إضافة إلى أن أغلب دول الأوبك تتجاوز حصصها الإنتاجية إلى ما يزيد على 1.5 مليون برميل يوميا وقد شنت الدوائر السياسية في الولايات المتحدة هجوماً حاداً على المنظمة , بل إنه تم استغلال قرار الأوبك في الصراع السياسي الداخلي في الولايات المتحدة , فقد هاجم المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة جون كيري منافسه الانتخابي الرئيس الحالي جورج بوش باعتباره مسئولاً عن الوضع الحالي المتمثل في زيادة أسعار البنزين في الولايات المتحدة لأعلى مستوى له منذ 13 عاما ً.
سوء تقدير للأمور
ومن جانبه اعتبر نيكولا ساركيس الخبير الدولي في مجال النفط أن قرار منظمة اوبك خلال اجتماعها الأخير ببيروت برفع إنتاج البترول بمعدل 2.5 مليون برميل يومياً على مرحلتين يمثل سوء تقدير منها للأمور.
مضيفا أنه لأول مرة يتم اعتماد هذه الصيغة التدريجية التي تنم - حسب قوله - عن عوامل سياسية بالأساس.
وتساءل عمّا إذا كان الهدف الحقيقي لواشنطن هو خفض أسعار البترول في هذا الظرف.. مؤكدا أن الأسعار غير مرتبطة بالعرض وأن الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك احتياطات كبيرة من البترول وأنها لو قامت بضخ هذه الاحتياطات في السوق فستؤثر بشكل كبير في الأسعار.
وأضاف أن الخطاب الأمريكي الحالي يحمل الكثير من التناقضات والمغالطات.. مستدلاً بخطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي أكد أنه مادامت بلاده تعاني من التبعية للخارج في مجال التزود بالنفط فإن الأسعار ستبقى مرتفعة.
وفيما يخص اقتراح الجزائر بتعليق العمل بنظام الحصص داخل المنظمة.. قال ساركيس: إن التخلي النهائي عن نظام الحصص يحمل العديد من المخاطر.. لأنه مكن من إحداث نوع من التوازن داخل المنظمة، مؤكدا أن زواله نهائيا يعني زوال المنظمة ككل وعدم وجود أية آلية لضبط الأسعار.
وأشار إلى أن متوسط أسعار النفط السابق كان ما بين 25 و26 دولاراً للبرميل.. والمتوسط الجديد هو ما بين 30 و35 دولاراً للبرميل.. مؤكدا أنه يمكن أن يستمر هذا المتوسط مدة محددة أما إذا حدث أي طارئ أو حادث كبير في منطقة الشرق الأوسط فإن التوقعات تشير إلى ارتفاع الأسعار إلى ما بين 40 و45 دولاراً للبرميل.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved