أعجبتني جداً فكرة (عمل المرأة من المنزل) التي طرحها الدكتور- حامد الشمري - مدير عام إدارة الدراسات بمجلس الشورى - على هذه الصفحة منذ فترة، وتدور الفكرة حول إيجاد مجالات عمل تتناسب وطبيعة تكوين المرأة، والعادات والتقاليد في ضوء الشريعة الإسلامية، وذلك باستغلال وقتها المتاح في تأدية بعض الأعمال - وهي بين أفراد أسرتها فيتوفر لها دخل مادي في الوقت الذي لا تبرح فيه بيتها، ولا تزاحم أحداً، أو يزاحمها أحد.
دونما شك الفكرة رائعة - شكلاً وموضوعاً - إضافة إلى نجاح تطبيقها - كما يقول الدكتور - في الكثير من دول أمريكا وشرق آسيا وجورجيا.ويقول الدكتور:( يمكن للمرأة السعودية أن تعمل من منزلها خلال ساعات فراغها في العديد من المهن والأعمال التي لا تحتاج معها إلى الخروج من المنزل، ومن هذه الأعمال: النسخ وإعداد البحوث والترجمة والتجميع الإلكتروني لبعض الأجهزة وتغليف الأدوات والسلع والأعمال اليدوية والفنون وإعداد المواد الغذائية المتنوعة وطهيها ومواد التجميل والخياطة والتفصيل والتطريز).
وأقول: إن لكل بيئة أو مجتمع - معطياته وعاداته وتقاليده وموروثاته التي هي من ثوابت وجوده وفكره، فالمجتمع الشرق آسيوي مجتمع علمي بطبيعته.. والمجتمع العربي مجتمع مستهلك (بكسر اللام) بطبيعته، وبالتالي فإن كل ما يصلح هناك ليس بالضرورة يصلح هنا، ومن ثوابتنا - كمسلمين أن لنا دستوراً - لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه - ينهانا عن التقليد الأعمى ولا ينهانا عن الأخذ بأسباب الرقي والتقدم، فقد كان صلى الله عليه وسلم يستعين بالبعض من أهل الكتاب، ينهانا عن تقليدهم في أعيادهم أو مناسباتهم لكنه لا ينهانا عن تقليدهم فيما وصلوا إليه من أسباب الرقي والتقدم.لذلك أرى أن كثيرا من الأعمال التي ذكرها الدكتور قد لا تصلح هنا، لعلي أكون مخطئا - أو ذا نظرة قاصرة - والسبب أن:
- النسخ: يحتاج إلى تصويب ومراجعة (أي أنه لا يمكن أن يكون عملاً فردياً) ومن غير المعقول هدر الوقت ما بين النسخ والتصويب وما بين التصويب والمراجعة.
- إعداد البحوث: من المفترض أن هذه العملية جهود شخصية عدا بعض الجهات العلمية والجهات ذات العلاقة بالأبحاث الزراعية والصناعية حيث يقوم خبراؤها بإجراء الأبحاث المتعلقة بأنشطتها.
الترجمة: وهذه أيضا - كالنسخ - تحتاج إلى تصويب - سواء في الهجاء أو في اللغة المترجم إليها، والأسلوب.
التجميع الإلكتروني لبعض الأجهزة: وهذا العمل يحتاج إلى فنيين متخصصين كخريجي كليات عملية أو معاهد فنية، وهذه مهن يندر تأنيثها.
- إعداد المواد الغذائية وطهيها: وهذا الفرع أعتقد أنه من الصعوبة بمكان بعد الاعتماد على الآلات والمطابخ الحديثة، كما أنه يمكن القيام به ولكن ليس على مستوى شركات أو مصانع، بل على مستوى عائلي.
- قد تكون الفكرة المطبقة في اليابان من قيام بعض المصانع بالاتفاق مع بعض ربات البيوت على وضع وحدات إنتاجية صغيرة في منازلهن وإنتاج بعض المنتجات الخفيفة ثم قيام مندوبي تلك المصانع بالمرور عليهن - بعد فترة متفق عليها دون شك لارتباطها بأوامر توريد - واستلام الإنتاج وتسويقه فكرة صائبة وكذلك أعمال الخياطة والتطريز من خلال ورش بسيطة.أما فكرة أن العمل من المنزل يعطي المرأة المرونة والحرية التامة في تحديد ساعات عملها - حسب ظروفها - فهذه حقيقة لكن يجب أن نعلم علم اليقين أنها مرتبطة بحجم عمل معين في زمن معين لأن هذه الفكرة إن قدر لها أن ترى النور ستراه على يد القطاع الخاص الذي يهدف إلى الربح بالدرجة الأولى والربح يرتبط بالتكلفة، والوقت عنصر أساسي فيها.
وأخيراً.. ذكر المقال خمسة مكاسب تتحقق من تنفيذ هذه الفكرة، وأراها أربعة فقط لأن المكتوب الثالث والرابع وجهان لعملة واحدة، وتحية خالصة للدكتور حامد على دعوته لمناقشة الفكرة وتداول الرأي حولها.
حمدين الشحات محمد / بريدة |