أصبح التفحيط همّاً يؤرق مضاجع الغيورين على بلادهم وأبنائهم، وذلك لما يترتب عليه من أضرار كثيرة، وللحد منه اضطرت الجهات المعنية لوضع مطبات صناعية.. ومن المعلوم أنه لا يمكن علاج مشكلة ما، إلا بعد معرفة الأسباب الداعية لها، والأسباب التي تدفع للتفحيط كثيرة منها:
1- ضعف الوازع الديني: هذا الشاب الذي يمتطي سيارته ويدور بها في كل ناحية، غير آبهٍ بما قد يحدث له لو كان حاضراً في ذهنه موقف الشرع الحنيف من هذه التصرفات الخاطئة، وان كل إنسان سيسأل عن عمره فيما أفناه، ووقته فيما أمضاه.. هل سيُقدم على القيام بمثل هذه الأعمال الخطيرة؟
2- الفراغ: الذي لا يوجد لديه أهداف سامية، تشغل وقته وجهده، فإنه سيستغل هذا الفراغ في سفاسف الأمور.
3- انشغال بعض أولياء الأمور، وتركهم الحبل على الغارب لفلذات أكبادهم، فلا يعرفون مع من يذهبون ولا ماذا يفعلون؟
4- لا يجد المفحط صعوبة في تحقيق رغبته في التفحيط، فإما عن طريق سيارته الخاصة أو سيارة أحد رفقائه أو عن طريق الاستئجار.
5- قرناء السوء.
6- الرغبة في لفت انتباه الآخرين.
7- الظروف النفسية والاجتماعية، تدفع البعض للقيام بمثل هذه الأعمال رغبة في التنفيس عما يعتلج في نفوسهم من آلام وأحزان.
8- التقليد: حيث يُحظى الذين يقومون بهذه الأعمال الخطيرة لدى الشباب، وكذلك في بعض برامج القنوات الفضائية، بالحفاوة والتقدير والاحترام من جانب الآخرين.
9- ثقة بعض أولياء الأمور المطلقة في أبنائهم، تجعلهم لا يتقبَّلون نصح الناصحين، بل يستغلون ذلك.
10- التحلل من رباط المسؤولية، فعامة الذين يفحطون، غير مرتبطين بزواج أو وظيفة، وبعضهم منقطع عن الدراسة.
11- العقوبات التي تتخذ ضد المفحطين، لا تتناسب وعِظم هذا الفعل الشنيع، الذي قد يترتب عليه إزهاق أرواح بريئة.
هذا فيما يتعلق بالأسباب والعلاج يكمن في الآتي:
1- تقوية الوازع الديني لدى الشباب، وذلك من خلال الإكثار من الندوات والمحاضرات عبر وسائل الإعلام المختلفة، ونزول الدعاة والعلماء إلى الميادين التي تكون مسرحاً للعب والعبث، والإكثار من الحديث عن الغاية من خلق الإنسان، والحث على المحافظة على الصلوات في المساجد، وأهمية مداومة تلاوة القرآن الكريم وحفظه والعناية بتفسيره، وعدم الاقتصار على الحفظ فقط، كذلك الإكثار من الحديث عن الجنة ونعيمها وعن جهنم وزمهريرها.. إلى غير ذلك من المواعظ التي ترقق القلوب وتقوي صلة العبد بربه، فالناس بحاجة ماسة لتقوية الإيمان في قلوبهم وترسيخ عقيدة التوحيد في نفوسهم، كذلك على أولياء الأمور تعويد فلذات أكبادهم منذ نعومة أظفارهم على المحافظة على الصلوات في المساجد، واطلاعهم على الكتب والاشرطة التي تُعنى بعقيدة التوحيد وتقوية الإيمان في النفوس.
2- شغل أوقات الفراغ، وذلك عن طريق الإكثار من المراكز الصيفية، ويجب ألا يقتصر تنظيمها على جهة واحدة، بل جميع القطاعات معنية بهذا الأمر، كذلك استغلال الإجازات وأوقات الفراغ في زيارة الأقارب والأصدقاء، وزيارة الأماكن السياحية داخل بلادنا، وحضور المناسبات والاحتفالات، والذين لديهم أعمال تجارية.. فرصة سانحة لاطلاع أبنائهم على أسرار أعمالهم، وتدريبهم حتى يكونوا عوناً لهم في القيام بأعباء هذه الأعمال، وكذلك توفير البدائل المناسبة من أدوات وآلات هادفة ومفيدة، ومن أعظم ما يشغل فيه وقت الفراغ، مداومة القراءة في الكتب الهادفة، فيحسن بولي الأمر اقتناء الكتب المناسبة لأعمار وميول أولاده، ويقومون بقراءتها سوياً.
3- على أولياء الأمور لزوم جانب الحيطة والحذر، بحيث يكونون على اطلاع مستمر بمن يصاحب أبناءهم، وإلى أين يذهبون.
4- لابد من جلوس الآباء مع أبنائهم، واستغلال ذلك في توجيههم ومساعدتهم في اختيار الأهداف المناسبة والهادفة، وكيفية تحقيقها.
فللأسف هذا الجانب مهمل عند الكثير، في حين انه من أهم الأمور التي يجب العناية بها، فعن طريق تحديد الأهداف، يستطيع الإنسان تلافي الكثير من جوانب القصور، وتحقيق النجاح تلو النجاح. ويوجد في المكتبات الكثير من الكتب التي تُعنى بهذا الجانب، والتاريخ حافل بنماذج كثيرة جعلت نصب أعينها أهدافاً معينة، وسعت بكل ما أوتيت من قوة في تحقيقها، فكان النجاح بفضل الله ومنته حليفها.
5- الإيحاء للأبناء أن الذي يُحظى بالتقدير والاحترام، هو المتمسك بتعاليم دينه، المترفع عن سفاسف الأخلاق، والذي يعطي كل ذي حق حقه، ويحترم الآخرين.
6- على أولياء الأمور التنبه لما قد يعانيه أبناؤهم، من بعض العلل النفسية أو الضغوط الاجتماعية، فتلك لها دور كبير فيما يصدر من سلوكيات خاطئة، لذا يحسن بولي الأمر، الاطلاع على الكتب التي تتحدث عن أعراض هذه العلل وطرق علاجها.
7- لم يعد التحذير من مشاهدة القنوات الفضائية الهابطة يجدي، بل لا بد من إيجاد البدائل المناسبة والهادفة، فكثير من التصرفات والسلوكيات الخاطئة، سببها التأثر بما يُعرض في هذه القنوات من مشاهد مثيرة.
8- التقرب للشباب والاستماع إلى مطالبهم، والتفاعل معهم وتوجيههم الوجهة الصحيحة، توجيهاً سديداً في القضاء على الكثير من السلبيات.
9- الإكثار من الدعاء، لهؤلاء الشباب بالهداية والصلاح، وعدم التشهير بهم، أو السخرية منهم، فقد يُبتلى من يفعل ذلك، بذرية يسلكون هذا الطريق أو أشد منه.
وبعد: الذي لا يرعوي، ولا يستجيب للنصيحة والتوجيه.. فلابد من الشدة في التعامل معه ومع أمثاله، الذين يخالفون الأنظمة والتعليمات.. مثل السجن أو مصادرة السيارة أو الحرمان من القيادة، حتى يعودوا إلى رشدهم.
|