عندما قال أحد أسلافنا من شعراء الفصحى (إذا مت ظمآناً فلا نزل القطر) انبرى له النقّاد بين مؤيد ومعارض كلٌّ يفسر المعنى حسب فهمه.
ولأن حديثي ليس عن النقاد ولا عن الشعر فلن أدخل مع من دخل في معمعة نقد هذا البيت.
لكنني أقول: إن هذا الشطر أو بالأصح معنى هذا الشطر ينطبق على المبدعين الذي يعانون في حياتهم ويسهرون الليالي لتقديم عصارة أفكارهم لسعادة الإنسانية، ولا يحظى بعضهم ولو بجزء يسير مما يستحقه من التقدير المعنوي وبعضهم يموت وهو مثقل بالديون ولا يجد من يسأل عنه أو يحاول تخفيف مأساته إلا بعد إعلان نعيه.
إن مثل هؤلاء لو قدر لهم معرفة الأمر بعد موتهم لقالوا بلسان رجل واحد (إذا مت ظمآناً فلا نزل القطر).. إن من حق المبدعين في كل مجال أن يروا ما يستحقونه من التقدير في حياتهم، لأن التقدير سواء المادي أو المعنوي يعين المبدع على تقديم الأفضل ويشعره بأن جهده مقدر ممن حوله، بل ومن مجتمعه بكل فئاته.
فاصلة:
(كم فقدنا من مبدع في الأدب والشعر وغيرهما من الفنون الإنسانية عاشوا معاناتين، الأولى: حبهم للمجال الذي تميزوا فيه وسعيهم الدؤوب لتقديم الأفضل دائما.. أما الثانية: فهي معاناة الحياة اليومية.. من فقر.. ودَين.. ومن أجل الحفاظ على التميز الذي عماده عزة النفس، فلم يعلم أحد عن معاناتهم الثانية إلا بعد موتهم.. رحم الله كلَّ من مات على الإسلام.. وأعاننا جميعاً على القيام بواجبنا تجاه كلِّ من له واجب علينا.. وحفظ الله مبدعينا الأحياء وأعانهم).
آخر الكلام:
للشاعر مفرج السبيعي: