ترتفع وتيرة الحوار والنقاش يوماً بعد يوم داخل المجتمع، وهذا يعتبر ظاهرة صحية إذا كانت تعتمد على تقبل الرأي بروح متفهمة ومتسامحة ومتقبلة مرتقية في أسلوب الحوار مبتعدة عن التشنج والانفعال والتسرع والتشهير والتجريح والتقريع الشخصي المستهجن الذي يجعل من الحوار أحياناً غير ذي جدوى وعقيماً يولِّد النفور والجفاء ولا يصل إلى هدفه المنشود نلاحظ أننا نجدها أحياناً تطفو على السطح من قبل النخب المثقفة لدينا التي تظل في دائرة مفرغة حول كلمة تتعمق في تفسيرها ومعناها فتجعل من الحوار شبه حوار الطرشان يقتل الوقت ويعطي صورة مغايرة عن مفهوم الحوار.
وهناك أمر آخر ما زال هو المسيطر يتلخص في أن النخب المثقفة هي المحتكرة والمعنية بعملية الحوار، والقصد هنا هو غياب صاحب المشكلة، فعند مناقشة مشاكل الشباب على سبيل المثال تجد أن النقاش والحوار يقتصر فقط على الباحث أو المتخصص بينما الشباب مغيبون عن هذا الحوار وهم أولى بالرأي والمشاركة، ولمعرفة أثر ذلك خذ مشكلة مثل المخدرات التي ندرك مدى خطورتها على المجتمع والشباب بخاصة، فقد شهدنا خلال طرحها تفاعلاً كبيراً من خلال المواجهة مع من وقع ضحية لها وجهاً لوجه من أجل إعطاء المصداقية عن واقع المشكلة واستخلاص العبرة والدرس، فنوقشت المشكلة عن قرب ومن صاحبها وليس فقط من قبل قال الباحث أو المسؤول، وأعتقد أن النتيجة كانت ذات وقع بالغ في عملية التحصين وتجنب الوقوع في خطر تلك السموم، لهذا لا يجب تهميش صاحب المشكلة مهما كانت درجة ثقافته وتعليمه هذا إذا أردنا الإلمام الكافي بطبيعة كل مشكلة وإيجاد الحلول الناجحة لها. يضاف إلى ما ذكر وهو تفعيل عملية النقاش والحوار بشكل موسع وعدم حصره في مكان معيَّن، بل يجب نشره وذلك عن طريق استغلال المناسبات ما أمكن ويكون حواراً جدياً لا يأتي من طرف واحد ينصب في معظمه فقط على الإلقاء والخطابة، بل يكون عبارة عن تبادل آراء وطرح وجهات نظر يقوم عليه إنسان متخصص على درجة عالية من الثقافة والخبرة يتطرق إلى مواضيع متعددة وشاملة.
لا بد من بوادر مشجعة على إدراك أهمية الحوار وذلك من خلال الاهتمام به وتشجيعه في مدارسنا، وتعد هذه خطوة على الطريق الصحيح سوف تكون ذات أثر كبير على المدى البعيد تخدم المجتمع فتوجد نوعاً من أواصر التقارب والتفاهم وتوصل إلى احترام الرأي والرأي الآخر وكيفية مواجهته بحقائق وبراهين دامغة تعتبر العنصر المهم في أي نقاش أو حوار ما زال هناك من يفتقدها عند طرق الكثير من المواضيع وهي التي تجعل من الحوار ذا جدوى وفائدة الذي أرجو أن تتسع دائرته في سبيل مصلحة هذا البلد.
|