حدثني صاحبي شاكيا ومتعجبا في آن بالقول إنه عرض على أخيه الأصغر - الذي يدرس في الصف الرابع الابتدائي - مرافقته لغرض الأكل بأحد المطاعم، وبالطبع فقد وافق الطفل على مصاحبته بكل براءة وسرور غير أن شيئا ما قد حدث في الطريق مما يبدو أنه قد عكر صفو هذه الرحلة (الطعامية!)، أما ما حدث حسب إفادة صاحبي فيتمثل - باختصار شديد - في الرفض القاطع من جهة أخيه الطفل الذهاب إلى أحد المطاعم المشهورة بتقديم شرائح الهامبروجر وحجته في ذلك كون هذه الساندويتشات تعتبر في عداد المحرمات في ذهن هذا الطفل البريء، هذا وبعد شد وجذب اعتراف الطفل لأخيه بأن أحد مدرسيه قد شدد عليهم مرارا وتكرارا بحرمة هذا النوع من الطعام وأن من يأكله سوف يذهب إلى النار مما خلق في كيان هذا الطفل الجائع نوعا من الذعر الذي حال بينه وبين التمتع بوجبة كثيرا ما استمتع بها أقرانه ومجايليه.
ما سبق تسطيره يدخل ضمن قاموس الغريب.. أما الأغرب فهو ما أضافه صاحبي بقوله: إن الوجبة المعنية كانت في السابق الوجبة المفضلة من قبل أخيه الصغير غير أن موقفه (الالتهامي!) قد تغير مائة وثمانين درجة بعيد التحذير الأخروي الذي تلقاه من أستاذه المربي!
أما السؤال فهو بالأحرى مجموعة من الأسئلة التي سأكتفي بتسطير بعضا منها كما يلي:
من أعطى هذا المدرس الحق في مزج الدين بالسياسة (المقاطعة الاقتصادية) بطريقة اقل ما توصف به بأنها قد أربكت ذهنية هذا الطفل البريء إلى درجة أن حرمته من التلذذ بوجبته المفضلة؟
بل من أعطاه الحق في أن يبادر ليحرم ما أحله الله لأغراض ضيقة لا يعدو كونها تدخل ضمن نطاق قاعدة (الغاية تبرر الوسيلة)؟
وإذا كان للفتوى رجالها وزمانها ومكانها ومقاصدها... الخ فكيف سولت نفس هذا المدرس له حق إقحام تلامذته الصغار الأبرياء فيما لا يعنيهم بل فيما لا يفقهون كنهه أو يفهمون طبيعته وملابساته؟!
الإرهاب زراعة ذهنية..
| 
"محليــات"