* الرياض - سلطانة الشمري:
تتفاقم أزمة البطالة يوماً بعد يوم في ظل تزايد أعداد الخريجين (من الجنسين) ويرى المحللون أن حل هذه المعضلة يتمثل في توطين الوظائف والاستغناء عن العمالة الأجنبية الموجودة بالمملكة والتي تتجاوز 14 ضعفاً عن العدد المصرح به من وزارة العمل.
هل عملية توطين الوظائف تبدأ من أعلى الهرم الوظيفي أم من أسفله حين يطالب الشباب السعودي (الحاصل على مؤهلات علمية عليا) بالقبول بأي عمل كالأعمال الحرفية التي (لا تتطلب شهادات) والتي يشغل معظمها أجانب برواتب متدنية بالنسبة لعملة الريال السعودي في حين يغض الطرف عن وظائف يشغلها أجانب مؤهلاتهم العلمية موازية أو أدنى مما يحمله السعودي برواتب ضخمة وبدلات!!..
وهل من العدل أن نطالب الشاب الذي أمضى أكثر من 16 عاماً في التحصيل العلمي ببيع الخضراوات على الأرصفة وقيادة سيارات الليموزين وما إلى ذلك من وظائف لا تسد الرمق؟
بائع الحطب
منذ ثلاث سنوات والشاب م. س. عاطل عن العمل برغم مؤهله الجامعي، لم يترك باباً إلا وطرقه باحثاً عن عمل يناسب مؤهله؟ تساءل بغضب: الذين يطالبوننا من أعلى كراسيهم الوظيفية بأن نعمل في بيع الخضراوات ألا يدركون أن حتى هذه المهنة البسيطة تتطلب التدريب ومعرفة طرق البيع والشراء والتعامل مع الزبائن ومعرفة الأنواع الجيدة من الرديئة من الخضراوات والفاكهة؟؟ وهل يعرفون أن العائد المادي من وراء البيع والشراء على الأرصفة لا يكفي لتعبئة سيارتي بنزين؟ وإلى متى ساستمر بائع خضار باليومية؟ إلى أن يشيب شعر رأسي؟ من يقبل حينها أن يزوج بائع خضار عجوزاً وبلا منزل؟
وأضاف: والذين يطالبون من منظور عالٍ أن يقبل السعوديون بأي عمل كان، كالمهن الحرفية التي تتطلب شهادات، كأعمال النظافة والحمالين والسباكين والكهربائيين وما إلى ذلك من مهن متدنية لماذا لا تجعلوننا مكان الأجانب الذين يتمتعون بالإضافة لرواتبهم المرتفعة ببدلات وحوافز لا يحلم بها السعوديون؟
وأشد ما يضحكني ما يردد الآن من أنه على الشاب الباحث عن عمل أن يأخذ فأسه ويذهب ليحتطب! (احتطب في القرن 21) ومن أين أجيء بالحطب من الثمامة أم من الربع الخالي؟ وعلى من أبيعه وفصل الشتاء لم يجيء حتى يطلبه الناس للتدفئة؟ الأمر يحتاج لعقلانية أكثر ودراسة لموضوع السعودة الصحيح.
أما كيان. م: جامعية وحاصلة على عدة دورات تدريبية وعاطلة عن العمل منذ 6 سنوات، قالت: موضوع السعودة لا يعنيني كفتاة سعودية لأن الفرص الوظيفية النسائية لدينا تنحصر في مجالي التعليم والطب، وتخصصي الدراسي (تعليمي) غير مرغوب به لدى جهات التوظيف، وأما مسألة الموظفات الأجنبيات عندنا فلا أعتقد أن مجالهن يناسبني حتى أطالب أحل محلهن في وظائف مندوبات المبيعات أو الكوافيرات وما إلى ذلك من مهن تتطلب التنقل في الأماكن العامة والمنازل، وأضافت: أتمنى في موضوع السعودة أن تفتح فرص عمل (مهنية) للمرأة، وأتمنى أن ينظر لمسألة توظيف الشباب بشيء من الرأفة وأن يعطى كل ذي حق حقه وألا نتعلل بأن الشباب لا يقبل بوظائف متدنية الرواتب فمن حقهم الحصول على رواتب معقولة تمكنهم من العيش الكريم بعد مشوار تعليمي طويل رافقه السهر والتعب وصرف الأهل عليه.
بينما قال سلطان بن عبد الله العماش مسؤول تطوير الموارد البشرية صندوق النقد الدولي - واشنطن واستطلعت رأيه لموضوع التحقيق:
من وجهة نظري أن أهم خطوة يمكن القيام بها لحل مشكلة البطالة هو عبر تحديد قائمة بالوظائف التي لا يمكن بأي حال من الأحوال إشغالها بغير سعودي لتوفر القاعدة البشرية من المواطنين وهو أسلوب متبع حتى في أكثر الدول تقدماً بحيث تبقى هذه الوظائف متاحة للمواطنين فقط ويمنح في أضيق الحدود المقيمين بصورة شرعية من المرافقين فرصة العمل بها إذا لم يتوفر منافس من المواطنين، وقد قامت وزارة العمل بخطوات طيبة في هذا المجال وإن كانت ليست بدرجة السرعة والشمولية المنشودة إلا أنها خطوات تحسب للحكومة. أما مسألة إذا ما كان التخفيض في العمالة هو الحل الوحيد، فالجواب حتماً لا حيث يمكن من خلال تشجيع الاستثمارات الأجنبية ومنح الحوافز للقطاع الخاص من قيام منشآت جديدة في مجال الصناعة أو التجارة أو الخدمات توفر فرص توظيف جديدة شريطة أن يرافق ذلك إيقاف لعملية الاستقدام وتحديد نسب عالية من السعودة في الشركات الجديدة.
أما بالنسبة لمسألة سعودة جميع الوظائف حتى التي لا تتناسب مع السعوديين من ناحية التأهيل فمن وجهة نظري أن ذلك ليس بحل واقعي أو منطقي خصوصاً إذا ما علمنا أن عدد العمالة الأجنبية في السعودية يتجاوز 14 ضعفاً العدد المصرح به من وزارة العمل للعاطلين عن العمل من المواطنين ومسألة سعودة جميع الوظائف ستلحق ضرراً بالاقتصاد السعودي أكثر من خدمته، فالبلد مازال في حاجة لأعداد كبيرة من العمالة وخصوصاً من ذوي المهارة والرواتب المتدنية للقيام بالوظائف التي عادة لا يقدم عليها المواطنون وليس من المتوقع أن يقدموا عليها في المستقبل المنظور بسبب قلة العائد المادي مقارنة بظروف العمل السيئة والصعبة. كما أن مسألة الاستغناء عن العمالة الأجنبية تحكمها ظروف أخرى غير مسألة توطين الوظائف وتعيين المواطنين، فالبلد مهما بلغ من التقدم والتطور والكفاية على مستوى الموارد البشرية يظل في حاجة إلى العمالة الوافدة نظراً للبعد الذي تضفيه هذه الفئة وخصوصاً من فئة الأجانب العاملين في مجالات تتطلب تأهيلاً ومهارات عليا كوظائف الخبراء والباحثين وغيرها.
وأوضح العماش نوعية العمالة الأجنبية الموجودة في المملكة فقال: إن كل وافد ينتمي لأحد الفئات الأربع وهي:
فئة الأجانب الذين يشغلون وظائف مهمة عالية التأهيل يحتاج لشغلها نوعية من الخبرة والمهارة والقدرة الشخصية التي قد لا تتوفر في المواطن في الوقت الحاضر أو ليس هناك عدد كافٍ من المواطنين لتغطية الطلب عليها وهذه الفئة من الأجانب من وجهة نظري يجب المحافظة عليها في البلد لدورها المهم في دفع عجلة التنمية سواء في الوقت الحاضر أو في المستقبل.
فئة الأجانب الذين يشغلون وظائف محدودة المهارة كوظائف أعمال النظافة والحمالين وغيرها والتي لا يحتاج لشغلها شهادة أو خبرة وهي فئة من المهم بقاؤها أيضاً لصعوبة تعويضها بمواطنين إما لضعف المقابل المادي أو لحاجة البلد للمواطنين في مجالات عمل أخرى.
فئة الأجانب الذين يشغلون وظائف متوسطة وتتميز بالمقابل المادي المناسب والذي يكفي المواطن للعيش بصورة كريمة وتتميز بطبيعة العمل المقبولة كوظائف المحاسبين ومسؤولي المبيعات وموظفي الاستقبال في الفنادق والسكرتارية وغيرها، وظائف هذه الفئة هي التي تحتاج إلى تركيز من قبل المسؤولين لتوطينها وخفض العمالة الأجنبية بها وهي من وجهة نظري كافية لاستيعاب أعداد الشباب العاطلين عن العمل من الجنسين ليس فقط في الوقت الحاضر بل حتى في المستقبل المنظور.
فئة الأجانب الذين يشغلون وظائف حرفية فنية كالخياطة وأعمال التجميل وغيرها وهذه الفئة من وجهة نظري يجب أن تكون هدف المخططين طويل المدى لتوطينها في المستقبل من خلال التركيز أولاً على تلك الوظائف التي تتناسب مع طبيعة المواطن ومن ثم التي تليها حتى يتم توطين جميع الوظائف في هذه الفئة.
إحصائيات البنك الدولي
** وعن التأثيرات السلبية على الاقتصاد الوطني من خفض العمالة الأجنبية قال العماش: فكما أن لعملية خفض العمالة الوافدة جوانب إيجابية عديدة فإن الأمر لا يسلم من وجود سلبيات ولذلك فاتخاذ القرار لتطبيق الخفض من عدمه يحدده إذا كانت الإيجابيات من عملية الخفض تضاهي السلبيات وهو أمر لا يختلف عليه اثنان، البلد إن عاجلاً أم آجلاً يجب أن يعتمد على ثروته الوطنية من الموارد البشرية لأهمية ذلك في تعزيز الاقتصاد الوطني بدلاً من تلك التحويلات الهائلة والتي تأتي المملكة العربية السعودية على رأس قائمة الدول في تحويلات العمال الأجانب بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية إذا ما أخذنا في الاعتبار نسبة حجم التحويلات السنوية إلى الناتج القومي، حيث إن تحويلات العاملين الأجانب حسب آخر الإحصائيات من البنك الدولي تشير إلى أن الولايات المتحدة تأتي في المرتبة الأولى بمبلغ 28 ألف مليون دولار سنوياً بينما تأتي السعودية في المركز الثاني بمبلغ 15 ألف مليون دولار.
وعلَّق على مسألة كيفية التوفيق بين المطالبة بخفض العمالة الأجنبية والتشجيع على الاستثمار الأجنبي بالمملكة: أما بالنسبة للتوفيق بين خفض العمالة وتشجيع الاستثمار الأجنبي فمن وجهة نظري الخاصة أن الضرر يكاد يكون معدوماً خصوصاً أننا ننادي بخفض جزئي للعمالة الأجنبية التي تشغل وظائف يتوفر لها قاعدة كبيرة من المواطنين المؤهلين وليس خفضاً كاملاً ولذلك فمسألة التخفيض ليس لها علاقة البتة في إعاقة تدفق الاستثمارات الأجنبية للمملكة، حيث إن ما يهم الشركات الأجنبية عند الاستثمار هو توفر الموارد البشرية القادرة على القيام بالواجبات الوظيفية ويفضلون في العادة تعيين المواطن على الموظف الوافد لأسباب عديدة.
ولذلك فإن من يدعي بأن خفض العمالة الأجنبية يتعارض أصلاً مع تشجيع الاستثمار الأجنبي فقد جانبه الصواب إذ إن أهم الأهداف الرئيسية من قيام الدول بفتح وتشجيع تدفق الاستثمارات الأجنبية هو خلق فرص عمل جديدة لمواطنيها والسعودية ليست باستثناء في هذا الجانب.
** ونفى أن تكون مسألة فرض رسوم ضريبية على التحويلات المالية مطلباً واقعياً، فكونك قبلت شخصاً للعمل في بلدك يتطلب منك أن تعطيه نفس الحقوق التي يتميز بها المواطن كونه يعمل لساعات موازية للمواطن أو أكثر وهدفه من التغرب عن بلده هو تحسين وضعه المادي وهو حق مشروع يجب أن يحفظه القانون للجميع بلا تمييز، ناهيك عن أن سن مثل هذا القانون قد يخلق سوقاً ثانوية غير رسمية للتحويل يتضرر من خلالها الاقتصاد بشكل أكبر.
وأضاف: أشرت آنفاً إلى أن أعداد الأجانب العاملين في السعودية يشكل أكثر من 14 ضعف عدد العاطلين عن العمل من المواطنين (فالعاملون الأجانب في حدود 7 ملايين وعدد العاطلين عن العمل حسب تصريحات المسؤولين في وزارة العمل لا يتعدى 500 ألف مواطن) ولذلك فنحن لسنا بحاجة على الأقل في المستقبل المنظور لتوطين أنواع كثيرة من الوظائف والتي لا تتناسب وطبيعة المواطن.
فكل ما ننشده الآن هو أن يتم تخفيض العاملين الأجانب في الوظائف المناسبة للمواطن من ناحية العائد المادي والبيئة وترك تلك الوظائف الفنية البحتة وغيرها للظروف المستقبلية خصوصاً إذا ما علمنا أنه حتى في الدول الضعيفة اقتصادياً والتي لديها نسبة بطالة عالية يوجد بها عمال أجانب يعملون في وظائف إما بدائية أو فنية بحتة.
وحول مطالبة السعوديين أن يعملوا بوظائف متدنية المستوى والمرتب بينما كثير من الوظائف الإدارية ذات المرتبات الكبيرة في القطاع الخاص يشغلها أجانب ولم يطلب سعودة هذه المهن قال: حسب اطلاعي على نوعية الوظائف التي أشرت إليها وقربي من عدد من مسؤولي القطاع الخاص، فأنا أعلم بأن هناك محاولات كبيرة لتوطين تلك الوظائف حتى من قبل مسؤولي القطاع الخاص أنفسهم ولكن المشكلة أكبر من أن يتم التعامل معها بإصدار قانون بالإلزام بتوطينها. إن أكبر مشكلة يواجهها القطاع الخاص في هذا الجانب هي كثرة المعروض من هذه الوظائف وقلة المؤهلين من المواطنين، ولا أعني بالتأهيل هنا المؤهل أو الخبرة، بل حتى الرغبة من المواطن المؤهل في العمل بهذه الشركة أو تلك كون هذه الفئة من المواطنين والتي يتوفر لديها التأهيل العالي والخبرة المناسبة والتوجه الإيجابي هم في الغالب ممن يشغل وظائف مجزية في الدولة أو في القطاع الخاص وحسب اعتقادي أن نسبة البطالة لهذه الفئة تكاد تكون معدومة.
تفاقم المشكلة
** ونفى العماش جدوى الحلول الأخرى غير الحد من العمالة الأجنبية مثل: (فتح مجالات عمل جديدة حكومية أو أهلية تستقطب الشباب الباحث عن عمل أو تقديم قروض مالية ميسرة - بشروط جزائية - من قبل رجال الأعمال أو البنوك، وبدعم من الدولة تمكن الشباب من الاستثمار بمشاريع عمل صغيرة تكفل لهم حياة كريمة) حيث إن كل المعطيات تقول: إنه حتى ولو تم فتح مجالات عمل جديدة في الحكومة أو القطاع الخاص فإن مشكلة البطالة ستتفاقم أكبر وأكبر في ظل عدم وجود قوانين تحد من الاستقدام، إذ إنه بمجرد فتح مجالات عمل جديدة سيقوم مسؤولوها في الغالب باستقدام عمالة أجنبية لتشغيل هذه المجالات ونكون كمن جاء ليكحلها فأعماها.
أما بالنسبة لتقديم قروض ميسرة، فأنا من المؤيدين ولكن على أن يكون عن طريق مؤسسة متخصصة تقوم ليس فقط بتقديم الدعم المالي للشباب ولكن أيضا بتقديم خدمات ما قبل منح القرض وتتلخص في نقطتين غاية في الأهمية:
- دراسة المشاريع من قبل مختصين مشهود لهم بالكفاءة والتميز لتقييم طلبات المشاريع الاستثمارية المقدمة من الشباب قبل الموافقة عليها وفي حالة عدم وجود جدوى من إنشاء بعض المشاريع يقوم المختصون بتقديم النصح للشباب لتعديل المشاريع أو تغييرها لتحسين فرصهم في النجاح.
- إخضاع الشباب الذين تمت الموافقة على مشاريعهم قبل منحهم القرض لتدريب مقنن عن كيفية إنشاء المشاريع الصغيرة وإدارتها بنجاح وعلى أن يكون ذلك شاملاً للتوعية بأهمية التخطيط والتنظيم وإعداد الميزانيات ودور ذلك في تعزيز المشاريع وتنميتها.
هذا من وجهة نظري أهم من أن تعطي شاباً مالاً وهو عديم الخبرة لإدارة المشروع وتتركه ما قد يتسبب في فشل المشروع وضياع المال.
بينما قالت عواطف سليمان المقبل مساعدة مديرة القسم النسائي للغرفة التجارية الصناعية بالرياض - ماجستير اقتصاد:
إن السعودة حسب رأيي موضوع وطني سيحل كثيراً من المشاكل المتعلقة بالبطالة لدى السعوديين ولكننا عند سعودة الوظائف يجب دراسة الموضوع دراسة مستفيضة بحيث نحدد ما هي أنواع البطالة الموجودة في المملكة، وكم عدد الوظائف التي يحتلها الأجانب، وهل هذه الوظائف تحتاج إلى مهارات غير موجودة لدى طالبي العلم من السعوديين، وما هي القطاعات أو المؤسسات التي فيها أكبر عدد من العمالة الأجنبية.
وللأسف نحن إحدى دول العالم التي تعاني من جميع أنواع البطالة فلدينا بطالة إجبارية بمعنى أن هنالك عدداً من الخريجين والراغبين في العمل ولكن لا توجد لهم وظائف مقابلة لتخصصاتهم، ولدينا بطالة اختيارية بمعنى أن لدينا وظائف مهنية أو حرفية بسيطة لا تتطلب شهادات عليا ولكن الأفراد الذين تناسبهم هذه الوظائف لا يريدونها لأنها لا تحقق لهم نفس المستوى الاجتماعي الذين يرغبون به، كما أننا (لدينا بطالة مقنعة) بمعنى أن هناك عدداً من الوظائف المشغولة بالسعوديين ولكنهم لا يعملون بشكل فعلي سوى سويعات بسيطة من ساعات العمل الرسمي، كما أن هناك تقارير مخيفة تقول: إن متوسط عمل الموظف السعودي لا يتجاوز خمساً وأربعين دقيقة فقط من ساعات العمل خاصة في القطاع الحكومي وذلك لعدة أسباب لا يتسع المجال لذكرها، أما بالنسبة للوظائف التي يحتلها الأجانب فهي كبيرة العدد بالنسبة لسكان المملكة وذلك لا ينطبق على القطاع الخاص فقط، فهنالك دوائر حكومية يعمل فيها أجانب. كما أن هنالك وظائف لا تتطلب مهارة عالية وموجودة عند كثير من السعوديين ولكنها مشغولة بالأجانب، كما أن هناك وظائف تتطلب قدراً كبيراً من الخبرة والمعرفة والتقنية لا يستطيع أن يشغلها السعوديون حالياً وهي موجودة من بدايات التخطيط في المملكة ولكن حالت عملية استيراد التقنية دون توطنيها عن إحلال السعوديين مكان الأجانب فيها.
ومما سبق يتضح أن خفض عدد العمالة الأجنبية ليس هو الحل لمواجهة مشكلة البطالة بين السعوديين فيجب ألا نستغني عن العمالة الأجنبية إلا بعد أن نتأكد من أن السعوديين يملكون نفس المقدرة والمهارة التي لدى الخبراء الأجانب، وأن فكرة العمل المهني قد زاد قبولها لدى السعوديين الذين لا يملكون شهادات أو مؤهلات، وأن الفئة غير المنضبطة من السعوديين أصبحوا أكثر انضباطاً وإحساساً بالمسؤولية، ويجب بالتالي أن نستغني عن العمالة الأجنبية في المواقع التي من الممكن أن تحلها عمالة سعودية مؤهلة وبدون ظهور أي مشاكل.
خفض العمالة
وأضافت: أن العمالة الأجنبية موجودة في كثير من المؤسسات وهي متركزة بشكل خاص في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في القطاع الخاص ولو الزمنا هذه المؤسسات بخفض عمالتها الأجنبية فإن ذلك سيؤدي إلى خسارتها بشكل كبير لأنها لا تستطيع تحمل رواتب الموظفين السعوديين المرتفعة مقارنة بالعمالة الأجنبية مما سيؤدي إلى خروج ما يزيد على 70% من المؤسسات من السوق نظراً لأن تكاليفه ستصبح أعلى من إيراداتها مما سيؤثر تأثيراً على حجم الاستثمار في المملكة، ولو كانت هذه المنشآت صناعية تصدر إنتاجها للخارج فإن ذلك سيترتب عليه انخفاض حجم الصادرات وزيادة حجم الاستيراد مما سيؤثر سلباً على الدخل الوطني.
كما أن الاستغناء عن العمالة الأجنبية التي تعمل في الوظائف والمهن الحرفية التي يتطلبها قطاع الإنشاء والتعمير سيترتب عليه زيادة تكاليف الإنشاء والتعمير بنسبة كبيرة ربما تتجاوز 100% ومن ثم سيؤثر ذلك سلباً على حركة التوسع العمراني في المملكة وبالتالي على التنمية الاقتصادية.
ورأت عواطف المقبل صعوبة فرض رسوم ضريبية فإذا كانت العمالة الموجودة في المملكة يستفيد منها الاقتصاد السعودي فمن الصعب فرض رسوم ضريبية على تحويلاتها، لأن اتخاذ هذا الإجراء من شأنه أن تعزف العمالة عن العمل في المملكة وخاصة أننا نفترض أن العمالة الموجودة لا يمكن حلها بعمالة سعودية في الوقت الراهن - لأن لديها خبرة ومهارة وتقنية غير موجودة لدى السعوديين - ومن الأفضل أن نحاول أن يكتسب المواطن السعودي هذه الخبرة والمهارة عن طريق زيادة البرامج التدريبية وعن طريق عملية توطين التقنية ومن ثم يعمل بكل كفاءة ونجاح بدلاً من ذلك. وبالتالي نعالج كافة المشاكل الاقتصادية التي نتعرض لها وتؤثر على اقتصادنا بشكل سلبي.
وأضافت: عملية السعودة تحتاج إلى توازن، فالوظائف الحرفية والمهنية تحتاج إلى من درس هذه المهن في المعاهد المتخصصة أو لا يملك مؤهلات أو شهادات تؤهله إلى وظائف أعلى من هذه ولكن في المقابل نحن نسعى أن يكون لدينا خبراء ومهندسون وأطباء وإداريون وأكاديميون حاصلون على أعلى الشهادات والمؤهلات يعملون في أعمال تتطلب قدراً كبيراً من الكفاءة والمهارة والخبرة.
الدول المتخلفة تركز على الحرفيين وتهمل الأكاديميين
وفي الحقيقة أننا نسعى أن تكون المملكة كالدول المتقدمة لديها عدد كبير من الخبراء والأطباء والمهندسين والإداريين لأن تأثيرهم على الاقتصاد يكون أكبر ويجب ألا يكون كالدول المتخلفة التي يوجد لديها عدد كبير من الحرفيين مع إهمال الشهادات الأكاديمية لأن تأثير هذه الفئة على الاقتصاد يعتبر بسيطاً. ويجب أن نقر أننا جميعاً نتيجة لظروف اجتماعية واقتصادية وثقافية نسعى أن يتفوق أبناؤنا وإخواننا وحتى يكونوا في وظائف أكاديمية ومهن تتطلب قدراً عالياً من الخبرة والمهارة وليس مهناً حرفية، وإذا أردنا تحقيق إنجاز فعلينا الاستفادة من خبرات الآخرين بمعنى إذا أردنا أن نكون بلداً صناعياً متطوراً فعلينا الاستفادة من خبرات الدول المتقدمة صناعياً مثل اليابان والصين، أما إذا أردنا أن نكون بلداً متقدماً في طريقة توظيف مواطنيه فعلينا أن نستفيد من خبرات الدول المتقدمة اقتصادياً مثل بريطانيا وألمانيا، فهذه الدول بدأت في توظيف مواطنيها بدءاً من أعلى الهرم الوظيفي وليس من أسفله بمعنى أننا يجب أن نهتم بشكل خاص بالوظائف الكبيرة والتي يوجد سعوديون من الممكن أن يعملوا بها ويفيدوا من خبرتهم وإبداعهم. وأعتقد أن من الظلم أن نجبر السعوديين الذين تخرجوا من الجامعات ولفترة تعليم لا تقل عن ستة عشر عاماً أن يعملوا في وظائف متدنية لا تحقق تطلعاتهم لتطوير بلدهم ولا آمالهم في تحسين مستوياتهم الاقتصادية والاجتماعية.
تأثير العمالة على المجتمع
** الأستاذ سلطان العماش بيَّن ضرر العمالة الأجنبية في المجتمع، فوجود بعضها وخصوصاً التي لها بديل من المواطنين يتركز في كونهم يشغلون وظائف المواطن أولى بها ولهذا فالضرر على المجتمع ضرر كبير وان كان غير مباشر من خلال ما تحدثه البطالة في المجتمع من سلوكيات غير قويمة. ولهذا فالوافد أياً كانت صفته الذي يشغل وظيفة يمكن استبداله بمواطن يجب أن يُستغنى عنه بلا تردد، فالبلد ملك لأهله وأهله أولى بفرص العمل التي يقدمها.
** وتخالف عواطف المقبل هذا الرأي: فالعمالة الأجنبية موجودة في المملكة منذ اكتشاف البترول وبداية خطط التنمية في المملكة أي منذ ما يزيد على الثلاثين عاماً، ونسي المتعللون في هذه الجزئية أن عادات المجتمع بدأت تتغير منذ فترة لا تزيد على خمسة عشر عاماً والسبب هو وجود عدد من الثقافات والفضائيات الدخيلة على مجتمعنا والتي للأسف تنعت نفسها إنها إسلامية، وفيها من الانحراف الشيء الذي ينعكس على أخلاقيات أبنائنا وشبابنا بشكل سلبي ومخيف، وهي أصبحت الآن كالتيار القوي الذي ينجرف معه أكبر عدد منهم وبدون مقاومة، ولذا اعتقد أن ظهور عادات وأخلاقيات عربية في مجتمعنا يتطلب حلاً لها ولكل المسببات التي يدركها التربويين وأغفل عنها.
|