كنت استمعت إلى حلقة (هذا رأيي) التي يقدمها الأخ محمد العثمان المنصور، والأخت دنيا بكر يونس، في ضحى يوم من شهر شوال 1391هـ وقد قرأت (دنيا) ما قيل إنه حكم المؤرخ ابن خلدون على حكم العرب، ورد الشيخ زيد بن عبدالعزيز بن فياض على قول ابن خلدون، وأقفلت المذياع، وبعد يومين تناولت قلمي وكتبت دفاعاً عن حكم العرب الاسلامي، وعن ابن خلدون وابديت وجهة نظري المبنية على الاستقراء (ان ابن خلدون) حين قال العرب إذا استولوا على بلد أسرع اليها الخراب - انما يعنى البدو منهم وقد رد علي الشيخ زيد بن عبدالعزيز بن فياض متمسكاً برأيه في ابن خلدون بأنه قسا على العرب، وانه يعني العرب ولا يقصد البادية.وهذا الرأي الذي أبديته في عدد سابق من جريدة الجزيرة تحت عنوان حديث الاسبوع ليس جديداً لدي، فقد سبق ان ابديته في عام 1376هـ في اجتماع رسمي تناول بحث تقرير مقدمة ابن خلدون في منهج دراسي (جامعي) ولم أكن عضواً رسمياً في الاجتماع، ولكنني استأذنت وأبديت وجهة نظري في ابن خلدون وانه يعني البادية من العرب الذين إذا استولوا على بلد اسرع اليها الخراب، يدل على هذا الصفات التي تثبت اسم العرب الذين عناهم ابن خلدون، وأبرأت ذمتي ان كان الامر يدخل في وجوب براءة الذمة؟ خاصة وان أحد أعضاء الاجتماع اقترح الغاء المقدمة من منهج (الكلية) وقبل ثلاثة سنوات كتبت في نشرة أخبار العالم الاسلامي تعقيباً على كاتب نسيت اسمه؟ ودافعت عن حكم العرب المسلمين وعن رأي ابن خلدون في حكمهم وبنيت وجهة نظري في ان المغاربة الذين منهم ابن خلدون في عصره يسمون البادية عرباً ولعلهم يقولون هذا تفريقاً بينهم وبين (البربر) وكلمة التفريق هذه لم تكن واردة في الكلمة المنشورة في نشرة أخبار العالم الاسلامي، وما مجلة هنا لندن، وقد اذيع هذا أسلفته هنا أقصد به الا منهم انني قد تأثرت بالمؤرخ البريطاني (توينبي) واليك ايها القارىء الكريم ما أورده المؤرخ البريطاني (توينبي) عن مؤرخنا العربي العالمي رائد علم الاجتماع في نظري ورجل القضاء الشرعي، والمؤرخ الذي لا يشق له غبار في فلسفته للتاريخ قال المؤرخ البريطاني توينبي في ص 25 من البحث من اذاعة لندن أنقل هنا فقرات منه، ونجد ان تاريخ عائلة ابن خلدون له أثر كبير في تفكيره! فقد جعله يهتم اهتماماً خاصاً بمرحلتين مهمتين في تاريخ الامة العربية! وتاريخ المسلمين خاصة، المرحلة الاولى في سوريا والمغرب والاندلس والثانية تدهور الحضارة العربية الاسلامية في المغرب، وكان ابن خلدون يحس بهذا التدهور احساساً عميقاً، ويدلل على ذلك بنقص عدد السكان في المغرب، وبإطلال القرى والمدن المهجورة فيه؟ثم يفتش عن السبب في كل هذا ويعثر عليه؟ إذا اجتاحت بلاد المغرب موجة تخريبية قبل ايامه بثلاثة قرون ونصف عندما دهمتها الغزوة العربية الثانية وهي (تغريبة بني هلال، وبني سليم) في القرن الخامس الهجري، ويقول المؤرخ الانجليزي توينبي وكان ابن خلدون يعرف ان المغرب يحل به الخراب أيام الغزوة العربية الاولى وهي التي اشترك فيها أجداده من حضرموت، إذ إن العكس هو الصحيح، أي أن الغزوة العربية الاولى قد جاءت في أعقابها فترة من الرخاء المادي، والانتعاش الثقافي، وهنا يتساءل ابن خلدون لماذا اسفرت هاتان الغزوتان للمغرب عن نتائج مختلفة متباينة؟ انتهى كلام المؤرخ البريطاني عن ابن خلدون ورأيه في الغزوتين العربيتين، والذي فهمته من قبل، وأفهمته الآن وأضعه بين يدي القراء الكرام ان المغرب كانت خاربة ففتحها العرب المسلمون وعمروها! وانتشر فيها الرخاء والثقافة! واجتاحتها موجة من العرب البادية واولئك العرب البادية هم قبيلة بني هلال وقبيلة بني سليم، وكانت عامرة تلك البلاد المغربية فخربت؟ وما أورده ابن خلدون عن العرب الذين إذا استولوا على البلاد أسرع اليها الخراب ينطبق تمام الانطباق في مدلوله على البدو الرحل، وما ذكرته في التعقيب الأول كنت أعتقد ان فيه قناعة، الا ان الاستاذ المشرف على صفحة الادب في جريدة الجزيرة، اراد ان يثير الموضوع من جديد، متأثراً بالجو الصحفي الذي يرتاده هذه الايام للمرة الثانية وله العذر في ذلك، وأذكر ان الاستاذ محمد حسن عواد مد الله في حياته وبارك فيها قال على صفحة عكاظ على ما أظنه (الصحفي غير المفكر في إثارته للأشياء وكتابته عنها، فالشاب الجامعي الاستاذ عبدالله بن محمد الشهيل يريد التشويق والاثارة، انه يريد ان يجرنا الى البحث من جديد، وما أخاله يرغب في إساءة العلاقة بيني وبين الشيخ زيد بن عبدالعزيز بن فياض الذي أحترمه وأكن له كل محبة، والشيخ زيد معذور في دفاعه عن العرب وهجومه على ابن خلدون لانه قيل له قال لأنه قيل له قال ابن خلدون إذا استولى العرب على بلد اسرع اليها الخراب فدافع عن الحكم العربي، ولاشك أنه يدافع عن الحكم العربي الاسلامي، وسامح الله الاستاذ عبدالله الشهيل عن طريقة عرضه للموضوع، وان كان في طريقة عرضه، قد دفع بعض الادباء لزيارتي في البيت مستفسرين عن الجوانب الشخصية التي اشير اليها في عدد 374 من جريدة الجزيرة بيني وبين الشيخ زيد بن فياض فأفهمتهم ان الجوانب الشخصية ثناء تفضل به الشيخ زيد بن فياض وضن به الاستاذ الجامعي عبدالله بن محمد الشهيل، وشكر أسداه الشيخ زيد بن فياض على شخصي الضعيف فكتمه الشاب الجامعي عبدالله بن محمد الشهيل، والله يقول {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} (86) سورة النساء، وما قصدت نشر ثناء الشيخ زيد بن فياض في رسالته التي بعث بها إلي ولقد أبقيت لدي اكثر من عشرة ايام ولكن إلحاح الشيخ زيد بن فياض على نشرها جعلني أنشرها، وارجو ان يكتفي صاحب الفضيلة الشيخ زيد بن فياض بما اوردته هنا، او يرجع إذا شاء لمقدمة ابن خلدون فيقرأها من جديد إذا لم ير في هذا الكلام ما يشبع رغبته في العلم للوصول إلى الحقيقة، والله ولي التوفيق.
|