اطلعت على ما كتبه الأستاذ عبدالرحمن بن سعد السماري بزاوية (مستعجل) في عدد الجزيرة رقم 11609 بعنوان (أطباء بالمجان في المجالس) فأقول: إنها الحقيقة المرة إن كانت كما ذكر الأستاذ عبدالرحمن السماري، وفعلا هي الحقيقة برأيي فما أن تجلس بمجلس من المجالس العامة ويشتكي - كما ذكر الأستاذ السماري - رجل من مرض ما إلا ويجد الإجابات قد تهافتت عليه حتى إن السائل ليظن بأن الجلوس أطباء كلهم، فمن مشخص للمرض لواصف للعلاج، ولذاكر لطبيب ما بمكان ما، إنها قمة الاستهتار بالنفس البشرية التي أمرنا الله أن نحافظ عليها، والمتبقي منهم يورد القصص التي أشبه ما تكون خيالية، وأحب أن أزيد الأستاذ السماري والإخوة القراء بأن المجالس لا توزع أطباء بالمجان فقط، بل توزع حتى (إناس) يفتون، بما لا يعلمون، فما أن يسأل شخص في أمر من أمور الدين حتى ليتسابق الكثير في الإفتاء في أمره هذا، ولو كان يخص أمرا دينيا لا يعلمه المجيب.
ويعلم هذا الرجل عقوبة الشخص الذي يغوص في الكلام بأمر من أمور الدين بغير علم، فيحل ما حرم الله، ويحرم ما أحل الله، فالأولى والثانية على قدر متفاوت من الخطورة الجسمانية والدينية، فعجبا من (بعض) رجال اليوم طبيب وصاحب علم بأمور الدين فلا يتورع في الإجابة عن أي سؤال يسمعه فكأن وجوب الإجابة واقع لا محالة على سامعها.
وأزيد أخي القارئ كما يقال - من البيت شعرا - بأن أمرا غير محبب للنفس يقع في كثير من مجالس اليوم، وهو من خلال جلسة الرجل في مجلس واحد يلحظ بأن رجلا ما عندما يتكلم المجلس في الطب يشارك، وكأنه الخبير في هذا لا كلام المشارك برأيه، وما أن ينتقلوا لموضوع يخص الدين حتى يفتح شدقيه بأوسع ما يكون، ولو لم يكن لديه معرفة فيه، وما أن يخوضوا في موضوع سياسي حتى ليعدل من جلسته متفوها، وكأنه من رجال الساسة الأكابر لا نمنع الشخص أن يبدي رأيه في موضوع ما، ولكن يجب أن يفرق بين المواضيع التي يصح أن يبدي الشخص فيها رأيه والمواضيع التي لا يجب، ويعرف الحضور بأنه رأي له وليس قاعدة تتبع، وأن يتوقف عن المواضيع التي ليس لديه أدنى خلفية.
بدر عبدالله عبدالرحمن الجلعود
حائل - مدينة سميراء - سميراء ص.ب: 111 |