إن المملكة العربية السعودية أمة فتية من عدة جوانب، فدولتنا دولة ناشئة حديثة، وهي كذلك دولة نامية طموحة، كما أن الأغلبية العظمى من مواطني البلاد هم من الشباب. وصغر سن أفراد المجتمع السعودي يعد من المنظور الاقتصادي نقمة ونعمة في الوقت ذاته؛ فهو نقمة؛ لأن هذه الشريحة الكبيرة من السكان العزيزة على قلوبنا فئة معالة غير منتجة تكلف المجتمع مبالغ طائلة لرعايتها وتنميتها، من خلال ما تنفقه الدولة على الخدمات الضرورية الصحية والتعليمية، وخلافها. وهو نعمة؛ لأن الموارد البشرية هي أغلى رأس مال للأمة، وشبابها هم رجالها غداً والأمل معقود عليهم - بعد الله تعالى - في مواصلة مسيرة التنمية والتطوير لوطننا الغالي.
بعد هذا أقول: إن معالجة المشكلات التي تواجه الشباب في مجال الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي ليست نهاية المطاف؛ فمع أن التعليم غاية ويطلب لذاته، فإنه أيضاً وسيلة لإعداد الشباب للعمل المنتج وتأهيلهم لسوق العمل؛ فالحفاظ على فرص العمل المتاحة وإيجاد فرص عمل جديدة للاستفادة من الموارد البشرية والحدّ من البطالة يأتي على رأس قائمة أولويات الدول. بيد أن ذلك أمر لا يتحقق من تلقاء ذاته، وإنما يحتاج إلى رؤية واضحة واقعية وتخطيط استراتيجي متميز وسياسات إيجابية تنصب كلها في ذاك الاتجاه. وغير خاف أن أي دولة، مهما كان حجم مواردها المالية، لا تستطيع توظيف جميع مواطنيها الراغبين في العمل، والقادرين عليه، في أجهزتها ومؤسساتها. ثم إن التعليم مهما كان متقدماً لا يغني عن التدريب؛ فالتعليم والتدريب معاً عملية دائمة ومستمرة، ينبغي ألا تتوقف أبداً ما دام المجتمع يبتغي تحقيق التنمية الشاملة. نحن في حاجة إذن إلى نهضة تدريبية شاملة لا تقل عن النهضة التعليمية. ويبقى أن نسأل: هل مستقبل شبابنا وطلابنا وأبنائنا في الجامعات أم في التوظيف أم فيهما معاً؟ إنني أؤكد أن اهتمامنا المستقبلي ينبغي أن ينصب على التدريب وإتقان مهاراته، وزيادة فرص العمل لأبنائنا.
* عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية |