ليس يخفى أن العنصر البشري، هو الركن الأساسي في أي عملية تنموية، أو خطة تطويرية، فمنه تنطلق عملية التطور، وبناء المجتمع، وتقدم الدول والشعوب، وإليه تعود نتائج ذلك كله.ومن هنا أولت حكومتنا الرشيدة بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد وسمو النائب الثاني - حفظهم الله ورعاهم - بناء المواطن كل عناية ورعاية واهتمام، من جميع الجوانب، ومن ذلك العناية بجانب الوقاية والرعاية والخدمات الصحية، لما لها من عظيم التأثير في مسيرة التطور والبناء، فلا يمكن للمسؤول ولا للموظف ولا للعامل ولا لربة البيت ولا للتلميذ أن ينتجوا في أعمالهم المختلفة إلا إذا كانوا يتمتعون بصحة جيدة، وقديماً قالوا: العقل السليم في الجسم السليم.ولهذا نجد هذه الدولة المباركة - أعزها الله - قد بذلت الأموال الطائلة، وبذلت الجهود الهائلة لبناء المستشفيات الضخمة، ومراكز البحث العلمية المتخصصة في جميع فروع الطب، مما جعل المملكة - ولله الحمد - تعد في مصافي الدول المتقدمة والرائدة في مجال الطب، ولا أدل على ذلك من تلكم العمليات الجراحية الكبيرة التي تجرى في مختلف مستشفيات المملكة، حتى رأينا كثيراً من دول العالم ترسل رعاياها إلى المملكة لإجراء عمليات متقدمة ورائدة.
وكما هو الحال في جميع المجالات الخيرية، فإنه لا ينبغي الاعتماد كلياً على الدولة، والاكتفاء بما تقدمه، ولكن يجب على من آتاهم الله سعة من المال أن يبذلوا بسخاء في بناء المستوصفات، والمستشفيات، لمعالجة المرضى والمحتاجين، فإن ذلك من الأعمال الجليلة، والحسنات الجارية، وذلك من التعاون على البر والتقوى الذي أمر الله - تعالى - به، قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).
ولنا أسوة حسنة، وقدوة جليلة بولاة أمرنا، وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني - حفظهم الله ورعاهم - الذين ضربوا أروع الأمثلة في البذل السخي، والعطاء المثمر البناء في جميع المجالات الخيرية، وخاصة مجال العناية بالمرضى، وبناء المستشفيات والمستوصفات، والمراكز الصحية على نفقتهم الخاصة ابتغاء الأجر والمثوبة عند الله - تعالى - فجزاهم الله عن ذلك خير الجزاء.
وإذا ذكر البذل والعطاء والسخاء في الأعمال الخيرية، فلابد أن يذكر فارس هذه الأعمال الجليلة، ورجلها الذي تجاوز صيته حدود الوطن، وذاع ذكره في جميع أنحاء المعمورة، أعني بذلك أمير الإحسان والبذل والعطاء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة الرياض - حفظه الله ورعاه - الذي يعد بحق أبا الجمعيات الخيرية في الرياض بخاصة، وفي المملكة بعامة، ومن ذلك ما يتعلق بالجانب الصحي، ورعاية المرضى، وبذل العون لهم، ومساعدتهم في جميع المجالات، ومن ذلك مساعدته ورعايته لذوي الاحتياجات الخاصة من المعاقين وغيرهم، وكذلك رعايته للذين يعانون من الفشل الكلوي بتأسيس مركز للغسيل الكلوي، وتجهيزه بأحدث الأجهزة والمعدات، إلى غير ذلك مما يطول سرده. فجزاه الله عن هذا الوطن والمواطنين، وعن الإسلام والمسلمين، خير الجزاء وبارك الله في جهوده وأعماله.
إن بداية بناء هذا المركز تعود إلى ما قام به صاحب السمو الأمير أحمد بن عبدالله بن عبدالرحمن - محافظ الدرعية - بزيارة العمارية لتفقد احتياجاتها، انطلاقاً من حرصه الشديد على تلمس كافة احتياجات المواطنين والعمل على توفيرها وتقديم كافة ما يحتاجه المواطن من خدمات وفي مقدمتها ما يتعلق بالرعاية الصحية حيث عرف سموه الكريم بالتخطيط والمتابعة للنهوض بمحافظة الدرعية وما يتبعها من مراكز والسعي الحثيث مع كافة المصالح الحكومية لتوفيرها وقد تحقق - ولله الحمد والمنة - على يده كثير من المشاريع المهمة والحيوية التي تلامس راحة ورفاهية كافة المواطنين فلا غرابة في ذلك فهو بحق من الرجال المخلصين الذين وفق ولاة الأمر - حفظهم الله ورعاهم - في حسن اختيارهم، فرأى أن المركز الصحي بالعمارية في حاجة إلى عناية وتحسين مستواه فوجه باستئجار مقر للمركز الصحي، ولعدم وجود مبنى مناسب لذلك، فقد تبرعنا ببناء المركز، على قطعة الأرض التي سبق أن تبرعنا بها.
وفوز ذلك تم الشروع في بناء المركز على النموذج (أ) الموجود لدى وزارة الصحة بمنطقة الرياض، بتكلفة بلغت مليوني ريال، وبدأ العمل في شهر جمادى الأولى من عام 1423هـ، وانتهى العمل به في غرة رجب 1424هـ ونفذ على أعلى المستويات والمواصفات، وبإضافة عدد من الغرف.
ويتكون المركز من دور أرضي مقسم إلى فئتين: إحداهما للرجال، والأخرى للنساء، تتوسطهما مباني خدمات الأشعة، والمختبر وعيادة الأسنان والصيدلية، بمساحة تزيد على (700م2)، كما تم إضافة ملحق علوي مكون من غرفتين وخدماتهما، بمساحة (200م2)، وتمت - أيضاً - إضافة مبنى للحارس مع خدماته بمساحة (110م2).
وبلغت التكاليف الإجمالية التي تبرعنا بها حوالي ثلاثة ملايين ريال شاملة قيمة الأرض وتكاليف البناء والإعمار.
وفي الختام لا يسعني إلا أن أتوجه بالدعاء إلى الله - تعالى - أن يحفظ هذه البلاد المباركة، بلاد الحرمين الشريفين ويزيدها تقدماً وتطوراً ورقياً، في ظل القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني وأعوانهم من إخوانهم الكرام - حفظهم الله ورعاهم -.
والشكر موفور والدعاء موصول، لصاحب السمو الأمير أحمد بن عبدالله بن عبدالرحمن آل سعود، على جهوده المباركة في خدمة محافظة الدرعية بعامة، والعمارية بخاصة، فجزاه الله عن ذلك خير الجزاء وأجزل له الأجر والمثوبة.
كما أشكر صاحب المعالي وزير الصحة على العناية الكريمة وحرصه ومتابعته لإنجاز هذا المركز الصحي على الوجه المأمول.
كما أشكر سعادة مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة الرياض الدكتور/ عبدالعزيز بن عبدالمحسن الدخيل على جهوده.
كما أشكر كل من ساهم في إنجاز هذا المشروع العظيم الذي نسأل الله - تعالى - أن يعود بالخير والنفع والصحة لأهالي العمارية. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
(*) وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد للشؤون الإدارية والفنية |