Saturday 7th August,200411636العددالسبت 21 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

في خطبة الجمعة بالمسجد الحرام الشيخ خياط: في خطبة الجمعة بالمسجد الحرام الشيخ خياط:
الرسول أوجب السمع والطاعة لولي الأمر والنصيحة له وحرّم مخالفته إلا إذا أمر بمعصية

* مكة المكرمة - عمار الجبيري:
دعا إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور أسامة بن عبد الله خياط المسلمين إلى تقوى الله عزّ وجلّ، حيث خلقهم لعبادته وحده دون سواه وأن يخلصوا له الدين ويحسنوا العمل، فالسعيد من أخلص دينه لله وتابع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتاه أمر الله.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها يوم أمس في المسجد الحرام: إنه إذا كانت الأشياء تتميز بضدها وإذا كان الضد يظهر حسنه الضد فإن الأمور التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية هي من أعظم ما يبين ذلك ويجلي حقائقه ولذا كانت معرفتها متعينة والوقف عليها متأكداً والعلم بها مما لا يستغنى عنه وأن من أظهر ذلك ثلاث خصال قام عليها دينهم ومضى عليها أسلافهم واستبان بها جهلهم وضلالهم وعظم خسرانهم.
وأضاف يقول: أما الأولى فاشراكهم بالله ودعاؤهم وأما الثانية فتفرقهم وعدم اجتماعهم وأما الثالثة فمخالفتهم ولي الأمر وعدم الانقياد له، فقد كانوا يتعبدون بالشرك فيدعون غير الله تعالى ملكاً مقرباً أو نبياً مرسلاً أو عبداً صالحاً أو صنماً أو شجراً أو كوكباً أو غير ذلك ويرون في هذا الاشراك تعظيماً لهذا المعبود من دون الله ويطلبون شفاعته عند الله تعالى ظناً منهم أن هذا المعبود يحب منهم ذلك، كما حكى عنهم سبحانه قوله فيهم: { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}، ثم هم بعد ذلك منتهجون نهج التفرق والاختلاف راضون به مستحسنون له حتى أورثهم أحقاداً واحتراباً وأفقدهم أنفساً وأموالاً وأولاداً ويرون مع ذلك أن مخالفة ولي الأمر وعصيانه وعدم الانقياد له فضيلة تحمد وشرف يقصد ومنقبة تتطلب وأن السمع والطاعة مهانة يجب الترفع عنها وضعة تلزم الأنفة منها ومذمة تتأكد البراءة منها ويتعين التجافي عنها، بل كان بعضهم يجعل ذلك ديناً يتعبد به وقربى يزدلف بها، فخلفهم رسول الهدى صلوات الله عليه وسلم بما جاءه من البينات والهدى في كل ذلك، فأمرهم بالإخلاص لله وحده في العبادة وأعلمهم أن هذا هو دين الله الذي لا يقبل سبحانه من أحد سواه وأخبرهم أن كل من تنكب عن هذا الصراط وحاد عن هذا السبيل ففعل ما استحسنوه من عبادة غيره بصرف أي نوع من أنواع العبادة له فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار، كما أخبره بذلك ربه الأعلى سبحانه وبيّن لهم أن هذا الأمر هو قوام الدين كلّه وأساسه ولبه ولأجله افترق الناس إلى مسلم وكافر، كما أمرهم عليه الصلاة والسلام بالاجتماع والاعتصام بحبل الله الذي هو دين الله.
وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أن حبل الله شامل لذلك كلّه والله تعالى أراد أن يكون هذا الاعتصام بحبله سبباً لأن يكون اجتماع الأمة ووحدتها متماسكة راسخة ولذا فإنه وضع لها أساسان لا صلاح لها إلا بهما، أما الأول فهو أن يكون الاجتماع والاتحاد حول كتاب الله وذلك يضمن الأساس المتين للوحدة، إذ ليس من الممكن اجتماع القلوب على غير شيء وليس من المقبول شرعاً أن تجتمع على باطل، بل يجب أن يكون الاجتماع على الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وإذا توفر لهذا الاجتماع أسلوبه الذي تلتقي عنده القلوب وتنتقي الأهواء فقد سلم البناء واستبان المنهاج واطمأن المسلمون ولذلك تتوفر لهذا الاجتماع كل الضوابط التي تصحح تصرفات الفرد وتوجه سلوك المجموع وتسعد حياة الناس لأنه قائم على أساس كتاب جمع الله به خيري الدنيا والآخرة ونهى به عن كل شر في الدنيا يكون مآله الخسران في الآخرة.
وقال وأما الثاني فهو أن يكون هذا الاعتصام والاجتماع مستغرقاً جميع أبناء المجتمع المسلم لا يتخلف عنه شخص واحد ولا يشذ عنه صوت وذلك هو ما جاء جلياً واضحاً في قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا} فإن الله تعالى في هذه الآية كما قال بعض أهل العلم لم يقتصر على مجرد الأمر بالاعتصام بحبل الله، بل جاء فيها قوله سبحانه جميعاً ليؤكد بذلك شمول هذا الاعتصام لكل أبناء المجتمع وهي الصفة التي أرادها الله لهذا الاجتماع، فالأمة كلّها على هذا متحدة الصف بأمر الله مجتمعة على هدف واحد هو عبادة الله وحده والسعي إلى رضوانه.
وبيّن الشيخ الخياط أنه صلى الله عليه وسلم أوجب عليهم السمع والطاعة لولي الأمر المسلم والنصيحة له وحرّم عليهم مخالفته وعدم الانقياد له إلا أن يأمر بمعصية أو يروا منه كفراً بواحاً، أي بيناً محققاً عندهم من الله وبرهان فقال صلى الله عليه وسلم: (أن الله يرضى لكم ثلاثاً ويسخط لكم ثلاثاً يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا وأن تناصحوا من لاه الله أمرككم ويسخط لكم قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال).
وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن الأخذ بهذا الهدي النبوي الحكيم فيه انتظام مصالح الدين والدنيا بسد أبواب الفتنة وتوجيه الطاقات وصرف الجهود في كل ما تطلب به المنافع وتستدفع به المضار ويُصان به كيان الأمة وتحمى به الحوزة ويكبت به الأعداء ويعم به الأمن ويكثر به الخير والرخاء متسائلاً: فأي النهجين إذاً أحق بالاتباع يا عباد الله نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه أم نهج الجاهلية وضلالها وافكها وكيف تصح الحيدة عن هذا النهج النبوي والطريق المحمدي إلى طريق أهل الفتنة والفرقة والاختلاف وما أفضى إليه هذا الطريق من تكفير وتفجير واستباحة للدماء المحرمة وقتل الأنفس المعصومة واختطاف وترويع وتخريب للعمران وإضاعة للأموال وتبديد للطاقات وغير ذلك من الأضرار والأوزار التي أحدثها هذا العدوان التي تعرضت له هذه البلاد الطيبة المباركة الآمنة في الآونة الأخيرة، محذراً من سلوك طريق الفتنة فليس وراء ذلك إلا البوار والدمار.
وأورد الشيخ أسامة خياط قول أهل العلم أن الله يبغض إلينا التفرق والاختلاف لأنه أول الوهن وباب الفشل والضياع والفشل لا وزن له في هذه الدنيا ولا مكانة له في الآخرة {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، بل إنه سبحانه يحذّرنا من السير على نهج المتفرقين أو الاقتداء بهم لأنه أعد لهم أسوأ العقاب عنده جزاء تفرقهم.
وأضاف يقول فإذا مضينا في طريق الفرقة واضعنا هدف الأمة وتقطعنا فرقاً وأحزاباً وتمزقنا رؤوساً وأذناباً فإن أول ما فرضه ربنا علينا هو براءة رسول الله صلى الله عليه وسلم منّا وانفصاله عنّا لأن الأمة التي دعا إليها أرادها لحمل دعوته لا تعرف الفرقة وإنما هي أمة واحدة ربها واحد وكتابها واحد وصفها واحد.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved