أتاتورك: سيرة مؤسس تركيا الحديثة

يقدم اندرو مانجو مؤلف كتاب (أتاتورك: سيرة حياة مؤسس تركيا الحديثة) والخبير في الشئون التركية الذي وضع من قبل ثلاثة كتب عن تركيا، قصة حياة مصطفى كمال أتاتورك (1881-1938) ضابط الجيش الذي انتشل تركيا من براثن الهزيمة التي منيت بها في الحرب العالمية الأولى منذ أيامه الأولى وحتى وفاته في سن السابعة والخمسين متأثراً بمرض التليف الكبدي.
وقد تعامل مانجو - الخبير السابق في قناة البي بي سي ومؤلف ثلاثة كتب أخرى عن تركيا- مع سيرة كمال أتاتورك كأحد مؤسسي تركيا المشاهير في القرن الماضي، وقد تحدث عن حياته منذ توليه السلطة إلى وفاته عن عمر يناهز السابعة والخمسين عاماً.
كما تحدث عن تحديث المجتمع القديم مشيراً إلى التغيرات الراديكالية في الحكومة والتعليم وحتى في الثقافة التي كان عاملا من عوامل حدوثها، وعن تركته الباقية كدليل على نجاحه.
وقد مكنت المؤلف خبرته بتركيا والظروف السائدة فيها آنذاك من أن يلقي الضوء على حياة أتاتورك المعقدة من خلال مصادر قام بترجمتها بنفسه، حيث رسم بورتريه شاملا ومفصلا للرجل الذي أسس تركيا الحديثة وأعماله وحياته وتطلعاته، وبالرغم من قصور المعلومات المحيطة بكمال أتاتورك فلم تظهر سيرة له مؤخراً يمكن الاعتداد بها بالإنجليزية.
وهنا يقوم مانجو في كتابه هذا بملء هذه الفجوة حيث انه-المؤلف- وُلد في اسطنبول ويتقن اللغة التركية اتقانا تاما، كما نشر العديد من المقالات وثلاثة كتب أخرى عن تركيا وعن الأحداث الجارية فيها.
وكمال أتاتورك يعد الآن أحد أبرز أعلام تركيا أكثر من أي وقت مضى وبالتالي بدأت مصادر جديدة تتحدث عنه في الظهور وهي تلك المصادر التي اعتمد عليها مانجو في تأليف هذا الكتاب.فتحدث في الكتاب عن أتاتورك الإنسان وعن عدم شهرته لدى الغرب حتى عام 1919 عندما أصبح زعيماً للحركة الوطنية التركية فذكر إنجازاته وأعماله قبل سقوط الإمبراطورية العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى.وقد نجح مانجو في فرز وانتقاء ما حدث أثناء حياة أتاتورك وحتى تأسيس الجمهورية التركية عام 1923 فأصبح الكتاب يعبر عن الحياة المؤثرة لأحد أعلام تركيا في تاريخ القرن العشرين، كما بحث مانجو في تاريخ أتاتورك من منظور استخدامه للقوة التي قادها طموحه لتحديث تركيا لكي تلحق بركب الأمم الغربية.
ويقول مانجو أن أتاتورك ولد في جزيرة سالونيك (التي هي الآن جزء من اليونان) أثناء احتضار الإمبراطورية العثمانية فقد كان عضواً في -ولم يكن زعيم- الحركة التي اشتهرت ب(تركيا الفتاة) عام 1908 وبعد ذلك بدأ أتاتورك خوض معترك الحياة السياسية في حرب استقلال تركيا ليحررها من اليونان ومن الأعداء الآخرين.
ومنذ بداية دخوله سن العشرين حتى وفاته بمرض التليف الكبدي عام 1938 كان أتاتورك حاكماً مطلق اليد في دولته حيث لم يسيطر فقط على الحياة التركية بل أيضا قام بتنظيم حزب المعارضة، وبعد أكثر من ستين عاماً من وفاته، استمرت تركته في التأثير في تركيا، وهذه السيرة الجديدة عن كمال أتاتورك هي الأولى من نوعها التي كتبت باللغة الإنجليزية معتمدة على مراجع تركية.
فقد استطرد المؤلف في الحديث عن دور أحد رجال الدولة المؤثرين والخياليين والغامضين في هذا القرن والذين كان لهم دور عظيم في بناء الدولة التركية الحديثة.
كما تحدث عن عدم شهرته حتى عام 1919 عندما تزعم الحركة التي أحبطت مخطط الحلفاء الظافرين لتقسيم قلب تركيا وإقصائها عن الإمبراطورية العثمانية.
كما قام أتاتورك بتفريق شمل الحلفاء وهزيمة آخر السلاطين ووفر الأمن والهدوء للدولة التركية، فأصبح أول رئيس للجمهورية الجديدة عام 1923 محققا مجداً منقطع النظير، وقد كشف مانجو النقاب عن الكثير من أعمال أتاتورك الخافية عن الأعين والأسماع ملقياً الضوء على بعض الأمور والموضوعات التي غفل عنها المجتمع التركي مثل الأهمية الكبيرة للوطنية والمؤسسة الدينية وحقيقة الديمقراطية.
وأخيراً نجد أن كمال مصطفى أتاتورك هو أحد الأعلام البارزين في تاريخ تركيا الذين لم يحظوا بالشهرة الكافية حيث يحاول المؤلف في هذا الكتاب إلقاء الضوء على تفاصيل جديدة من حياته وأعماله التي كان لها عظيم الأثر في المجتمعات الحديثة.