* باريس - اف ب:
تثير معاودة ارتفاع أسعار النفط التي تسجل بدون أدنى شك زيادة في الولايات المتحدة أكثر من أي مكان آخر، مجدداً المخاوف من مخاطر تباطؤ النمو الاقتصادي لكن خبراء الاقتصاد منقسمون حولها خصوصاً أنها ستكون مرتهنة بشكل أساسي بطول المدة التي ستظل فيها الأسعار مرتفعة. فقد بلغت أسعار النفط مستويات قياسية الخميس وصباح أمس الجمعة في وول ستريت بعد أن أقفل سعر برميل الخام الأربعاء في نيويورك على رقم قياسي تاريخي إذ ارتفع إلى 43.05 دولاراً خلال الجلسة ولا سيما بسبب القلق على مستقبل شركة يوكوس الروسية العملاقة والشائعات حول احتمال وقف إنتاجها وكذلك بسبب ازدياد الطلب بشكل كبير. وحوالي الساعة 8.30 بتوقيت غرينتش بلغ سعر برميل النفط الخام المرجعي تسليم أيلول-سبتمبر في نيويورك 43.08 دولاراً أثناء المبادلات الإلكترونية بعد أن سجل 43.15 دولاراً في وقت مبكر من صباح أمس.
وفي لندن اقترب سعر برميل النفط برنت المرجع من تسجيل مستوى قياسي جديد خلال 14 سنة إذ تقدم 42 سنتاً ليبلغ 39.67 دولاراً حوالي الساعة 8.30 تغ في الجلسة الإلكترونية. واعتبر خبير الاقتصاد في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية نيغل بين أن (ذلك ليس خبراً ساراً بالطبع خصوصاً أن الاقتصاد العالمي في مرحلة انتعاش. لكن ان كان الارتفاع مؤقتاً فإنه سيكون قابلاً للسيطرة ولن يؤثر سلباً على النمو).
واستطرد (لكن النتيجة ستكون مختلفة إذا بقيت الأسعار فوق الأربعين دولاراً لمدة طويلة). والسؤال المطروح حالياً يكمن في معرفة ما إذا كانت هذه الأسعار التي ترتبط جزئياً في المرحلة الحالية بالشائعات حول يوكوس والمراهنات الناجمة عنها، ستنخفض في الأشهر المقبلة أو أن كان الطلب العالي خصوصاً من الصين سيسهم في إبقائها مرتفعة لمدة طويلة. ويرى الاقتصاديون مثل انطوان برونيه كبير الخبراء لدى (اتش اس بي سي-سي سي اف) ان (ذلك يمكن أن يستمر طويلاً. فإذا لم تحدث صدمة مثلما حدث في السبعينات فإن ذلك قد يشكل اتجاهاً مدعواً للاستمرار طويلاً وربما قد يصل إلى 50 دولاراً (سعر البرميل) في افق العام 2005 . إلى ذلك تسهم أسعار النفط المرتفعة في خفض القدرة الشرائية لدى المستهلكين وهوامش العديد من الشركات كما أنها ستحث البنوك المركزية مجدداً على زيادة معدلات الفائدة. وهذه العوامل جميعها تعوق النمو. لكن الانعكاسات على الدول المستهلكة الكبرى ليست مماثلة. فمنطقة اليورو حيث معدل النمو أكثر انخفاضاً من أي مكان آخر (محصنة حالياً إلى حد ما بقوة اليورو أمام الدولار) كما تلاحظ آن بودو خبيرة الاقتصاد في مصرف الاعتماد الزراعي (كريدي اغريكول). أما دول آسيا فعلى الرغم من اعتمادها على الاستيراد لتلبية احتياجاتها الهائلة إلى الطاقة، فهي تملك قدرة للمقاومة بسبب احتياطاتها الكبيرة من العملات الصعبة وفوائضها التجارية.
وفي هذا السياق لا يتوقع المسؤول في وكالة التصنيف الآلي (ستاندارد اند بورز) شو بينغ في سنغافورة ان (يكون أثر ذلك قاسياً جداً في هذه المرحلة لأن بإمكان الاقتصادات أن تدفع). ورأى البنك الاسيوي للتنمية الشهر الماضي أن (إجمالي الناتج الخام لعشر دول آسيوية منها اليابان والصين والهند لن يتراجع سوى0.1 % هذا العام اذا بقي سعر النفط حول 40 دولاراً). يبقى أن الولايات المتحدة هي الأكثر تعرضاً للخطر بصورة مباشرة في ظرف لا يستبعد فيه الاحتياطي الفدرالي زيادة معدلات الفائدة في حال ارتفاع التضخم بعد أن راجع مؤخراً توقعاته نحو الانخفاض لنمو إجمالي الناتج الخام لعام 2004 الذي بات يتراوح بين 4.50 % و4.75 % قبل أن يتراجع في 2005 إلى ما بين 3.50 % و4 %.
غير أن خبراء الاقتصاد منقسمون حول حجم المخاطر. وسعى معهد الإحصاءات (انسي) خصوصاً إلى التقليل من التهويل في تقريره الأخير حول الوضع الاقتصادي بعرضه سيناريو أقل تشاؤماً من سيناريوهات صندوق النقد الدولي أو منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
|