Friday 6th August,200411635العددالجمعة 20 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

كل نفسٍ ذائقة الموت كل نفسٍ ذائقة الموت
أحمد بن عمر با رشيد

بقلوب مؤمنة يملؤها الأسى تلقيت خبر وفاة العلم العالم (الدكتور) عبد الرحمن بن عبد الله الجمهور أبي محمد يوم الأربعاء الرابع من جمادى الآخرة من عام خمسة وعشرين وأربعمائة وألف من هجرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم. أبو محمد علم من أعلام هذه البلاد المباركة ترك بجهده ونشاطه الدؤوب الذي لا يعرف الكلل والملل، بصمات تحسب له بفضل الله ذخراً في آخرته.
عرفته أستاذاً لي في أواخر المرحلة الجامعية، وكان قدم لتوه من أمريكا بعد أن حصل على شهادة العالمية العالية (الدكتوراه) في اللغة الإنجليزية، وكان يتدفق حين ذاك حيوية ونشاطاً وشغفاً إلى أن يفيد بلده بجميع الخبرات التي اكتسبها في تلك البلاد، ليس ذلك فحسب بل امتدت همته العالية إلى خدمة أمته الإسلامية بأسرها؛ فقد تلمس أحوال المسلمين في الخارج واطلع عن قرب على ما يعانونه - خصوصا أولئك الذين يعيشون في المجتمعات الغربية - فلم تقرّ عينه وهو يشاهد ضياع هوية المسلمين؛ حتى أسس هو ومن معه من الطلبة المبتعثين نشرة تعريفية بأمور الدين تصدر باللغة الإنجليزية، ثم ما لبث أن نما طموحه؛ بعد أن لاقى قبولاً لها، إلى تطويرها حتى أصبحت (مجلة الجمعة) التي حظيت بأصداء واسعة الانتشار وأضحت منهلاً ومصدراً للمسلمين غير الناطقين بالعربية.
ولم تقف همته - رحمه الله - عند هذا الحدّ بل سمت إلى إيجاد مناهج لأبناء المسلمين ممن يعيشون في المجتمعات الغربية، وبالفعل أسهم هو وثلة من الأخيار في إعداد مناهج تربوية إسلامية تدرس في المدارس الإسلامية في الغرب - وهي في طورها النهائي -.
أبو محمد أمة في رجل قلما تنجب الشعوب مثله، حسن الخلق، رحب الصدر، لطيف المعشر، فعاله أكثر من مقاله، يبذل كل ما لديه في كل ما من شأنه خدمة دينه، يفرح بعمل الخير ويسعى لتحقيقه، ويحث الآخرين، ويدفعهم إليه بعبارة تحرك الهمم الضعيفة التي تتعلل بالتسويف الذي قطع مسافة آجالها.
رحل أبو محمد وكل الناس راحل، قال الشاعر:


فلا السالم الباقي على الدهر خالد
ولا الدهر يستبقي جنيناً لمشفق

لكن حسبه أن خطواته كانت في سبيل نصرة أمته، وحسبه أنه لم ينطق لسانه بفكر يضلل به غوغاء الناس، ولا خطت يمينه إلا كل خير، وحسبه أن كل من علم بخبر موته أثنى خيراً، وتلك عاجل بشرى المؤمن، ونحن شهداء الله في أرضه كما قال نبينا - صلى الله عليه وسلم.
قال بعض الحكماء يصف الدنيا ويزهد فيها: (فهذه الدنيا سرورها أحزان وإقبالها إدبار وآخر حياتها الموت؛ فكم من مستقبل يوماً لا يستكمله، ومنتظر غداً لا يبلغه، ولو تنظرون إلى الأجل ومسيره، لأبغضتم الأمل وغروره).
رحم الله أبا محمد رحمة واسعة ورفع درجته وألهم ذويه الصبر وأخلف في ذريته خيراً. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved