* بريدة - خاص ب(الجزيرة):
أكَّد رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم ببريدة الدكتور علي بن إبراهيم اليحيى، أن مسيرة الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالمملكة لم ولن تتأثر بالأكاذيب والدعاوى الباطلة التي يطلقها الحاقدون على الإسلام والتي تتهم جمعيات ومدارس التحفيظ بتفريخ الإرهاب والتطرف.
وأضاف د. اليحيى في حديث ل(الجزيرة) رداً على مثل هذه الاتهامات بأن حفظة القرآن الكريم الذين تخرجوا في جمعيات ومدارس التحفيظ هم الأكثر التزاماً ووعياً بسماحة الإسلام ووسطية الشريعة والأكثر قدرة على الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فطالب الحلقة الذي يسعى دائماً إلى التحلي والتخلق بآداب القرآن الكريم والاهتداء بهدي من أنزل عليه هذا القرآن الكريم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، من أصدق الناس وأحسنهم أدباً وخلقاً وتواضعاً، لأنه يسلك مسلك السلف - رحمهم الله - في الأخذ والتتلمذ على المشايخ والمعلمين، كما أنه يزن حياته في أسرته ومجتمعه بميزان ما يحفظه وما يتلقاه من توجيهات ربانية خلال قراءته وتدبره لكتاب الله واقتدائه بسنّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو أبعد الناس عن مواطن الشُبه والريب والزيغ والجهل والضلال، وذلك لوضوح مصدر تلقيه، بخلاف غيره ممن تتجاذبهم الأهواء والانحرافات، لتخبطهم وعدم وضوح الهدف والرؤية لدى كثير منهم - هدانا الله وإياهم - وهذا يكفي للرد على هذه الدعوات، وكشف تلك المزاعم الجائرة الظالمة التي تنهال على طلاب الحلق وهم منها براء, ولاسيما وأن المسؤولين القائمين على هذه الجمعيات والحلقات يتفانون بتخريج طلاب حفظة لكتاب الله على وجه يُرضي الله سبحانه وتعالى أولاً وآخراً، ثم تسليحهم بسلاح العلم الشرعي وتأصيله بقلوبهم علماً واقتدءاً، علم يمنعهم من الزيغ والتهور والغلو، وقدوة يسيرون خلفها متبعين ومترسمين مواقع خطاها، وهي السيرة العطرة والمنهج القويم، سيرة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وحول ما يشاع حول تعارض الانتظام في حلقات التحفيظ مع الدراسة بالمدارس والجامعات، أكد د. اليحيى أن جميع جمعيات التحفيظ تأخذ بالحسبان أوقات الاختبارات بالنسبة للطلاب والطالبات بحيث يتوقف التدريس في الحلق قبلها بوقت كاف، مشيراً إلى أن الدراسات التربوية أثبتت أن ثمة علاقة قوية بين حفظ كتاب الله وبين التفوق العلمي يشهد لهذا الواقع العلمي وذلك من خلال مجموعة من طلاب العلم سبق أن تخرجوا في التحفيظ وانخرطوا في تخصصات علمية مختلفة ظهرت عليهم الاستمرارية والجدية والنبوغ والصدق والإخلاص في كل ما يقومون ويكلّفون به.
وفيما يتعلق بوجود تفاوت بين مستوى الحلقات تبعاً لتفاوت مستوى المعلمين بها، قال رئيس جمعية بريدة: لا شك في وجود هذا التفاوت بين معلمي القرآن بسبب ما يحمله كل واحد منهم من هم تجاه الرقي والنهوض بحلقته، فكلما عظم الهم والشعور بالمسؤولية وعظم الواجب، ارتقت الحلقة، وبقدر ضعف ذلك تضعف الحلقة، وأحسب أن كثيراً من المدرسين - وفقهم الله - لديهم الشعور الأول من العناية والاهتمام بالحلق، ولا ريب أيضاً في أنه إذا لم تكن المناهج متابعة ومنضبطة سوف تتسع درجة التفاوت وعدم الاتزان والمثلية في جميع الحلق، ولذلك لا بد من السعي الجاد من أجل وحدة المناهج المنضبطة المراعى فيها السن والعدد والمرحلة.
وحول سبل الاستفادة من خريجي حلقات ومدارس التحفيظ في علاج بعض القضايا والسلوكيات غير المسؤولة في المجتمع، أكد رئيس جمعية التحفيظ ببريدة أن طالب وحافظ القرآن الكريم متى ما عُني به عناية جادة ورُبي تربية سليمة على كتاب الله وسنّة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وشجع على ذلك وجعلت له المناهج التربوية المضبوطة والمؤصلة، فأكرم به من شاب له دور رائد ونافع في المجال الدعوي والتربوي، ويبين أثره على نفسه وينقله للآخرين عبر الخُلق الحسن، والأدب الجم، والتواضع ولين الجانب، والفقه الدعوي، مما يمكنه من التصدي لكل ما يضر بإخوانه وبني وطنه من سلوكيات اجتماعية خاطئة وانحرافات ظاهرة، وإلى جانب الاهتمام بالطالب وعنايته بحفظ كتاب الله وتلاوته وتدبره، فإن ثمة علاجاً مهماً يرقى وينهض بمستوى طالب وحافظ القرآن وهو إيجاد محاضن تربوية تقوم عليها الجمعيات الخيرية لتنفع بها طلابها وترفع من مستواهم التربوي، مما يكون له أكبر الأثر في التأثير في بني جنسهم من الواقعين في الانحراف.
وطالب د. اليحيى بضرورة مواكبة الواقع التقني من قبل الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم متى ما توفرت الإمكانات التي قد تعاني من نقصها كثير من الجمعيات وخاصة في هذه الظروف الراهنة، وذلك لما هو معلوم من نفع تلك التقنيات في سرعة الإنجاز والدقة والضبط مما يخدم الجمعية في اختصار كثير من الأمور التي قد تثقلها في بعض الأحيان سواء في الجانب الوظيفي، أو في جانب المتابعة والتوجيه للطلاب.
مشيراً إلى توافر الإمكانات الفنية القادرة على تشغيل تلك التقنيات ولكن تبقى المعضلة هي ضعف الإمكانات المادية، وهنا يصبح لزاماً على أمانة الجمعيات السعي لتأمين تلك التقنيات وفق خطط مدروسة متفق عليها للارتقاء بمستوى الموجهين والمعلمين والموظفين في هذه الجمعيات المباركة.
وفيما يتعلق بمزايا حفظ القرآن الكريم في الصغر، ومسؤولية الآباء والأمهات في هذا الصدد قال د. اليحيى: إن واقع سلف الأمة يدل دلالة واضحة على سهولة الحفظ في سن الصغر، لصفاء الذاكرة وسلامة الفكر من الهموم والأفكار والشواغل، لذلك كان الحفظ في سن مبكرة من بديهيات شباب سلف هذه الأمة - رحم الله الجميع - وقد لقنونا تلك المقولة القديمة: (العلم في الصغر كالنقش على الحجر)، ولا شك أن الحفظ المبكر له أثره على نشاط الحافظ العلمي، والشحذ الذهني وسرعة الاستذكار والاستحضار، وعلى ترسيخ وتثبيت ما يسمع ويرى ويعلم، وهذا ظاهر في جميع مراحل الشباب المتلقي الحافظ، أما مسؤولية الآباء والأمهات فتكمن في المتابعة الجادة لولدهما، وملاحظة سلوكياته، والتشجيع المادي والمعنوي المستمرّيْن له وللجمعية، والتواصل الهادف بينهم وبين الجمعية، وغرس روح التدين العلمي للولد داخل البيت وخارجه؛ وذلك من خلال ما يعلم وما يحفظ، ومن خلال القدوة الحسنة المتمثلة بصلاح واستقامة والتزام الأبوين كقدوة له يراهما ويقتفي أثرهما؛ فالوالدان هما صاحبا الحظ الأوفر في أسهم تربية الأولاد وتوجيههم.
واختتم رئيس الجمعية الخيرية للتحفيظ ببريدة تصريحه، ببعض ملامح من إنجازات الجمعية مؤكداً أن عدد الحلقات التابعة لها تجاوزت 600 حلقة يدرس بها أكثر من 13000 طالب وطالبة.
|