مفاوضات صعبة بين باكستان والهند حول منطقة سياتشين الجميلة القاتلة
محاولة لنزع سلاح جبهة قتال يموت فيها الجنود من البرد أكثر من الرصاص

* نيودلهى - من شاكر عبد الفتاح - أ ش أ:
بدأت نيودلهى أمس (الخميس) جولة جديدة من المحادثات الباكستانية الهندية لنزع سلاح مرتفعات سياتشين أعلى جبهة قتال في العالم وأشدها برودة والتي يموت فيها جنود البلدين بسبب الظروف المناخية القاسية أكثر مما يموتون من رصاص العدو،ويمثل الهند في هذه المحادثات التي تبحث الوضع في تلك المرتفعات الجليدية، الواقعة شمال كشمير والتي تستمر يومين، وفد برئاسة وكيل وزارة الدفاع اجاى فيكرام سينج ويترأس الجانب الباكستاني الفريق المتقاعد حامد نواز خان وكيل وزارة الدفاع، ويسعى الجانبان خلال تلك المحادثات إلى وضع نهاية للمواجهة بين قوات بلديهما في تلك المرتفعات والتي تعلو اكثر من 22 ألف قدم عن سطح البحر و تمتد لمسافة 76 كيلو مترا وهي المواجهة التي تكلفهما الكثير دون ان يحققا من ورائها أية مكاسب استراتيجية، وكانت الدولتان قد خاضتا العديد من جولات المحادثات غير الناجحة بشأن هذه الجبهة ولكن المراقبين يقولون إن عملية السلام الجديدة التي شرعت الجارتان فيها منذ أواخر العام الماضي قد منحت أملا جديدا في انقاذ مرتفعات سياتشين وطبيعتها الخلابة من الدمار وهو الأمل الذي تعزز مع اتفاق الجانبين في شهر نوفمبر الماضي على وقف اطلاق النار بينهما في طول جبهات القتال على امتداد حدودهما في وادي كشمير المتنازع عليه بين البلدين منذ استقلالهما معا عن بريطانيا في عام 1947ومن بينها جبهة سياتشين.
وتشير تقديرات هندية إلى أن أكثر من خمسمائة جندي هندي لقوا حتفهم في سياتشين طيلة العشرين عاما الماضية سقط معظمهم ضحية لظروف الطقس الصعبة حيث تقل درجات الحرارة في بعض فترات العام عن الخمسين درجة مئوية، وعلى الرغم من أن الجانبين اقتربا من قبل عدة مرات من التوصل إلى اتفاق حول تلك المرتفعات الجليدية فان المراقبين يعتقدون بأن الأمر قد يستغرق بعض الوقت للاتفاق على تجميد مراكزهما العسكرية على طول تلك الجبهة وسحب قواتهما من هناك.
ويعتقد هؤلاء المراقبون انه سيكون من الصعب على القادة العسكريين الهنود أن يؤيدوا اقتراحات لسحب القوات الهندية من تلك الجبهة لأنه سيكون من المتعذر في واقع الأمر على الهند صد أي توغل باكستاني في هذه المرتفعات الجبلية التي تمثل واحدة من اصعب ميادين المعارك، ويشير المراقبون إلى أن المشكلة تكمن في ايجاد الية موثوق بها لمراقبة أي انسحاب للقوات من هذه المنطقة في حالة الاتفاق على تجميد الوجود العسكرى للبلدين هناك ويقولون إن مثل هذه الآلية يجب ان تحظى بمساندة قوية من كلا الجانبين، ويطالب محللون عسكريون هنود بأن اي انسحاب من مرتفعات سياتشين يجب ان يتبعه ترسيم رسمي للحدود بين البلدين عندما يعرف بخط الوضع الأرضي الفعلي الذي يفصل حاليا بين مواقع البلدين هناك والذى مازال يعد بمثابة خط حدود مؤقت وهو الأمر الذي من المتوقع ان يرفضه الجانب الباكستاني الذي يعارض اي ترسيم دائم للحدود بين الجانبين في وادى كشمير قبل التوصل إلى حل نهائي للنزاع بين البلدين حول هذا الوادي، ويقول المراقبون لتطور العلاقات بين البلدين انه على الرغم من أن التوصل إلى اتفاق حول سياتشين يعد في واقع الأمر مهمة عسيرة أمام الجانبين فان التزام البلدين التام بوقف اطلاق النار بعد مرور حوالي عشرة أشهر على بدء العمل به سوف يشجع الجانبين على دراسة حلول عملية في هذا الخصوص نظرا لأن الكثير من الخبراء العسكريين يرون أن تلك المرتفعات التي تكسوها طبقة كثيفة من الجليد معظم أيام العام لا تمثل أهمية استراتيجية لأي من البلدين ولا تستحق كل هذه الأموال الطائلة التي يتكبدانها للابقاء على قواتهما هناك فضلا عن الخسائر البشرية التي يقع معظمها نتيجة للعوامل المناخية القاسية.