* القاهرة - مكتب الجزيرة - علي البلهاسي:
تبدو الجولة الجديدة من الحوار الفلسطيني والتي ستعقد في القاهرة في سبتمبر القادم هي الأهم من وجهة نظر المراقبين والمحللين خاصة في ظل التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة الفلسطينية بعد الانفلات الأمني الذي شهده قطاع غزة وانتقل إلى الضفة الغربية والذي أدى إلى حدوث أزمة في الداخل الفلسطيني هي الأسوأ من نوعها منذ قيام السلطة الفلسطينية.
وكان قد تردد أن حواراً سيبدأ في القاهرة بين مسؤولين مصريين وقياديين من فتح ومنظمات اخرى لاستئناف الحوار بينهم حول الأوضاع في الأراضي الفلسطينية والمبادرة المصرية بخصوص قطاع غزة عقب الانسحاب الإسرائيلي منه إلا ان مصادر مطلعة أشارت إلى ان القاهرة استبعدت استئناف الحوار حالياً وقالت: إن هناك متطلبات عندما تتحقق فسيبدأ الحوار للتوصل إلى اتفاق على الحد الأدنى من العمل لبناء موقف موحد تجاه مرحلة الانسحاب وبناء الموقف الفلسطيني للمفاوضات التالية وأكدت أن تزامن وجود شخصيات من حركة فتح في القاهرة في نفس توقيت زيارة وفد حماس برئاسة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة ورئيس المجلس التشريعي الفلسطيني روحي فتوح للقاهرة هو الذي جعل الكثيرين يعتقدون بوجود حوار فلسطيني فلسطيني بالقاهرة.
وأكدت مصادر فلسطينية أن الحوار متواصل وبمستويات مختلفة ولكنها لم تصل إلى مستوى النضج للاتفاق على جولة جديدة للحوار في القاهرة وهو ما يشير إلى أن القاهرة لن تبدأ هذا الحوار قبل تحقيق متطلباته حتى لا يكون ملغماً بالخلافات التي تؤدي إلى فشله وانهياره خاصة في ظل هذه الأزمة الداخلية التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ولا زالت نتائج الجولة السابقة للحوار بالقاهرة والتي عقدت في ديسمبر من العام الماضي بمشاركة 13 فصيلاً فلسطينياً تثير المخاوف من امكانية انهيار الحوار اذا لم يتم الإعداد له جيداً قبل ان يعقد، فقد شهدت المباحثات وقتها خلافات واسعة حول القضايا المطروحة وكاد الحوار ينهار رغم الأجواء الإيجابية التي كانت تحيط به لولا تدخل القيادة السياسية المصرية ورئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع الذي كان موجوداً بالقاهرة لحل الخلافات التي نشبت خلال المباحثات والتي كادت تسفر عن انسحاب بعض الفصائل وفشل الحوار.
وكانت جلسات الجولة السابقة للحوار قد شهدت انقساماً واضحاً في الاتجاهات والآراء حول موضوعي الهدنة والقيادة الموحدة ولا زالت معظم الفصائل الفلسطينية تجمع على انه بدون الاتفاق على قيادة سياسية موحدة يصعب الاتفاق على أي شيء آخر وانه لا بد من قيادة جماعية تتولى المسؤولية عن الشأن السياسي على أن تقوم السلطة الفلسطينية بتسيير الشؤون الداخلية للشعب الفلسطيني مع التزامها بقرارات القيادة الموحدة.
وما من جدل في ان الأزمة الداخلية التي شهدتها الأراضي الفلسطينية هي بالدرجة الأولى نتيجة صراع على السلطة سواء داخل حركة فتح التي يرأسها عرفات حيث من المرجح ان الإصلاحيين والمطالبين بالتغيير في حركة فتح ساعدوا على الأقل في استغلال الأزمة الحالية في حشد الضغوط على عرفات لإجباره على احداث تغييرات تصب في صالحهم عندما ينسحب الإسرائيليون من غزة، او على صعيد بعض المنظمات والجماعات المسلحة الفلسطينية الأخرى التي كانت جزءاً من هذه الأحداث وكانت عمليات اختطاف الأجانب والمسؤولين التي قامت بها في غزة تمثل استعراضاً للقوة من جانبها فهذه الجماعات هي التي قاومت الاحتلال وهي عازمة على عدم السماح بتهميشها بعد زواله وهي تمارس الضغوط من أجل إدراجها في هيكل السلطة الجديد وعلى ضوء هذه الخلافات تبدو القاهرة متأنية هذه المرة في استئناف جولات الحوار لحين الوصول إلى مواقف إيجابية مشتركة بين الفصائل من خلال مباحثات تجريها مصر مع الفصائل كل على حدة تمهيداً لعقد الحوار الموسع بين جميع الفصائل في سبتمبر القادم.
ولن يتم ذلك قبل حسم القضيتين الأهم في ملف الحوار وهما تحقيق الهدنة والتهدئة لتهيئة الأجواء لتنفيذ المبادرة المصرية وخارطة الطريق واستئناف المفاوضات والثانية البحث عن صيغة توافقية مشتركة لتكوين قيادة موحدة وإشراك الفصائل في القرار الفلسطيني واستكمال الإصلاحات المطلوبة في الهيكل الداخلي الفلسطيني حتى يتم تدارك الأزمة التي تواجهها السلطة الفلسطينية ويتم الحفاظ على وحدة وتماسك الصف الفلسطيني خاصة في مرحلة ما بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة.
|