باسم العداء للسامية تحاول إسرائيل تكديس المزيد من اليهود من أنحاء العالم في أرض فلسطين وعلى حساب الفلسطينيين، وبينما يهيم أكثر من خمسة ملايين فلسطيني على وجوههم في أنحاء الدنيا دون أن يتمكنوا من العودة الى أرضهم التي اخرجوا منها أواخر الأربعينيات من القرن الميلادي المنصرم، فها هي إسرائيل تغدق في الوعود لاولئك اليهود في أوروبا بأن بانتظارهم المساكن الجاهزة ومغريات الحياة في المستوطنات المستقطعة من أرض فلسطين.. وقد خاضت إسرائيل معركة زائفة مع فرنسا كان عنوانها الرئيس (العداء للسامية) حيث تزعم إسرائيل تنامي موجة العداء لليهود في المجتمع الفرنسي، ومن ثم فقد بادر رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون الى دعوة يهود فرنسا الى الهجرة الى إسرائيل وكان في استقبالهم شخصياً عندما وصل الفوج الأول منهم.
صحيح ان أفعال إسرائيل لا تخلف إلا كراهية في النفوس فهي تقتل الفلسطينيين يومياً فرادى وفي مذابح جماعية تقشعر منها الأبدان ولا تترك مجالاً سوى للكراهية، غير ان الفلسطينيين وحدهم هم الذين يتحملون الرد على هذه الممارسات العدوانية، وفي أوروبا هناك ظروف أخرى تاريخية ترتبط بالنظرة الى اليهود تضاف إليها الممارسات التي تقوم بها إسرائيل نيابة عنهم..
ومهما كان فإن يهود فرنسا جزء أساسي من النسيج الاجتماعي من ذلك البلد الذي يحوي أيضاً مسلمين يشكلون 10 بالمائة من عدد السكان، ولهذا فقد اثارت دعوة شارون لليهود الفرنسيين بالهجرة الى إسرائيل حفيظة باريس التي رأت في ذلك اخلالاً بتركيبتها السكانية وتدخلاً مريعاً في شؤونها الداخلية مشيرة الى انها قادرة على التصدي لكل المشكلات.
وبينما تسعى إسرائيل الى اجتذاب اولئك اليهود لأسباب تتعلق بالصراع السكاني (الديموغرافي) امام مجتمع فلسطيني سريع النمو رغم حرب الإبادة ضده، فإن إسرائيل تعمل في ذات الوقت على استعداء باريس ضد جزء من مواطنيها هم المسلمون من خلال الإيحاء بان المشاكل التي يعاني منها اليهود هي من صنع الجالية المسلمة.
وفيما يتصل بالجانب السكاني فمع القادمين الجدد لإسرائيل تعلن حكومتها عن التوسع في مستوطنة كبيرة بالضفة الغربية باضافة 600 مسكن جديد، وعلى الرغم من عدم شرعية ذلك، وعدم شرعية الاستيطان أصلاً وفقاً للقانون الدولي، فإن الخطوة الإسرائيلية تتناقض كلياً مع خريطة الطريق، التي ترعاها بصفة أساسية الولايات المتحدة، حيث تدعو الخطة الى انهاء النشاطات الاستيطانية بما في ذلك ما تسميه إسرائيل بالنمو الطبيعي للسكان الذي ترى انه يستوجب التوسع في المساحات، وهي تدرك ان هذه المساحات فلسطينية.
ومع ذلك ورغم الإعلان عن هذه الخطط الجديدة، فإن كل ما قالته واشنطن، التي يفترض انها راعية السلام، ان على إسرائيل احترام مبادئ خريطة الطريق، دون ان يصحب ذلك أي انتقاد لهذه السياسات التوسعية..
وستظل إسرائيل تعزف على مسألة (العداء للسامية) لتجميع اليهود، الذين تصورهم كمضطهدين، ومن ثم تسعى الى بناء المزيد من المستوطنات بحجة استيعاب هؤلاء القادمين الجدد، ولا يهم ان كان ذلك يتعارض مع مساعي السلام أم لا.. وليس ثمة ضغوط تجبرها على العدول عما تفعل، والأحرى أنا نرى ضغوطاً على الفلسطينيين الذين يتعين عليهم تحمل تبعات كراهية اليهود.
|