* القاهرة -مكتب الجزيرة - عتمان أنور:
ما يحدث في دار فور هو صورة مكررة للحرب الأهلية في الجنوب السوداني، فأزمة دار فور نتاج لصراع طويل معقد شهده السودان ما بين الشمال والجنوب وهذا الوضع المأساوي يدعو لتأمل مسيرة حق تقرير المصير لجنوب السودان للوقوف على التناقضات والتداعيات. ويؤكد الخبير بوحدة الشؤون العربية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية الباحث هاني رسلان في كتابة حق تقرير المصير لجنوب السودان.. جدلية المسار والتداعيات الصادر ضمن سلسلة كراسات استراتيجية التابعة لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام أن جولات التفاوض الماراثونية الطويلة والمرهقة التي سبقت كل التفاهمات والاتفاقات الجزئية التي تم التوصل إليها حتى الآن مع تعثر المفاوضات أكثر من مرة توضح بشكل عملي مدى تعقد الأزمة السودانية وتداخل عناصرها ومكوناتها وإذا حدث الانهيار في جزء فإن أثره لن يقف عند نقطة معينة، بل سيتعداها إلى نقاط أخرى وقد بات واضحاً إذا لم تنجح هذه المفاوضات فقد لا يكون هناك بديل آخر سوى التفكك. ويرصد الكاتب الإرهاصات الأولى للدعوة إلى حق تقرير مصير الجنوب والوقوف على التناقضات التي شابت هذه الدعوة والتداعيات التي أسفرت عنها حتى الآن ويقول الكاتب: إن هذه الدعوة مع مسيرة السودان للحصول على الاستقلال عام 1956م حيث طالب الجنوبيون قبل إعلان الاستقلال بالحكم الفيدرالي الذي وُعدوا بأن يتم النظر فيه عند وضع الدستور الدائم للسودان إلا أن اللجنة القومية للدستور التي مارست عملها في الفترة 1956- 1958م رفضت مطلب الحكم الفيدرالي وتعللت بتخوفها من أن يشكل ذلك المطلب خطوة نحو انفصال الجنوب عن الشمال.
ويشير الكاتب إلى حق تقرير المصير في عهد الإنقاذ فيقول: إن مسألة جنوب السودان جاءت على رأس برنامج سلطة الإنقاذ التي أعلنت في بيانها الأول أن القوات المسلحة السودانية قد قامت بالثورة لإنقاذ الوطن من التردي والانهيار الذي أدت إليه سياسات الحكومة المنتخبة والتقت الحكومة بالحركة الشعبية لتحرير السودان لأول مرة في أديس أبابا في أغسطس عام 1989م وقد فشل الاجتماع الأول وتم عقد اجتماع ثانٍ في نيروبي في ديسمبر بوساطة من الرئيس الأمريكي كارتر وقد لحق به الفشل أيضاً.
ويتطرق الكاتب إلى مبادرة الإيغاد عام 1993م والتي تم التوصل خلالها إلى إعلان مبادئ كان أهمها أن يقوم بالسودان دولة ديمقراطية علمانية تكفل حرية الاعتقاد والعبادة لكل مواطن وأنه يجب فصل الدين عن الدولة والاعتراف بالتعدد العرقي والثقافي والديني وضرورة استيعاب كل أنواع التعدد، كما أكد إعلان المبادئ على أن كل الأطراف يجب أن تعطى الأولوية للمحافظة على وحدة السودان وأنه يجب التأكيد على حق تقرير المصير على أساس الفيدرالية أو الحكم الذاتي وإذا تعذر الاتفاق على هذه المبادئ يكون للطرف المعني الخيار في تقرير المصير بما في ذلك الاستقلال عن طريق الاستفتاء.
|