** سواءً كان ذلك بإرادتنا أم بغير إرادتنا.. فمجتمعنا.. مثل بقية المجتمعات.. يشهد نقلات وتحوّلات كبيرة ومتسارعة.. لا تمنح أحداً فرصة.. حتى لمجرد التفكير أو مراجعة الحسابات.
** ولا شك.. أن لهذه التحولات.. جانباً إيجابياً.. وجوانب أخرى كثيرة.. سلبية وخطرة وضارّة.. ولا ينكر ذلك أحد.. حتى أولئك الذين يرحبون بهذه التحولات.. ويحاولون مسابقة الزمن لإحلالها.
** الحضارة.. أيّ حضارة.. لها جانب بشع.. ما عدا حضارة الإسلام.. فكلها مشرقة.
** أقول: إن لكلّ حضارة مهما كانت.. وجهاً أو جانباً بشعاً كالحاً أسود.. ولعل حضارة الغرب.. شاهد حي.. على بشاعتها.. عندما حوَّلت الإنسان إلى مجرد آلة صمَّاء.. عليه أن يعمل ويكدح.. أو عليه أن يموت.. ولم تُفرِّق في ذلك بين رجل وامرأة.. وسليم وعاجز.. فالأخ هناك.. غير مسئول عن أخيه أو أخته.. بل الأب أو الابن.. غير مسئول عن الآخر.. وهنا.. أطْرَفْ واحد من الحمولة (يطمر) فازعاً (لِبْنا خِيه) وهكذا.. وبدون شك.. لو كان قريبه.. مثل الأخ أو ابن الأخ.. أو ابن العم اللزم.. وهكذا.. لو كان قريباً من أي جهة أخرى..
** في الغرب.. أكثر ما عندهم.. دور العجزة.. تؤوي الآباء والأمهات حتى يموتوا.. ثم يشعرون أقاربهم.. وقد يُشعرون أو لا يشعرون.. وقد يعنيهم الأمر أو لا يعنيهم.. والمقياس هنا.. هو.. كم ترك من مال؟!
** هنا لو كان عندنا عجوز أرملة أو شيخ هرم أرمل.. ليس له أقارب.. فإن أهل الحي كلهم أقاربه.. يتنادون لمساندته ودعمه والتصدّق عليه وخدمته.. ابتغاء مرضاة الله.. وبحثاً عن الأجر.. وامتثالاً لتعاليم الإسلام.
** وهناك.. لا يرجون أيّ شيء من عمل كهذا.. فالإسلام رحمة للجميع.. سواء كان محتاجاً لمساعدة الآخرين أو غير محتاج للآخرين.. كالموسر مثلاً فكلهم.. يحتاجون إلى هذا الدين العظيم.
** في التحولات التي نشهدها.. ستكون الأسرة والمرأة.. أكثر المتضرّرين.. لأنها.. هي المستهدفة أساساً.. ولأنها.. هي مربط الفرس.. ولأنها.. هي التي تشكِّل المجتمع.. أفراداً وجماعات.
** وهاكم مثالاً ليس بسيطاً من هذه التحولات المخيفة المزعجة المقلقة بالفعل...
** فالبنت إلى وقت ليس بعيداً.. لا تعرف غير بيتها وبيت أعمامها وأخوالها.. والنادر من أقاربها.. وكان لباسها.. لباس حشمة.. وكانت تنام عند العاشرة مساء.. وكانت لا تعرف أي شيء غير أهلها وما حولها.
** اليوم.. البنت - مع الأسف - تذهب مع سائقها إلى أبعد نقطة في المدينة.. ولا أحد يسألها: إلى أين انتِ ذاهبة؟
** البنت اليوم.. تخرج من البيت بعد منتصف الليل.. دون أن ينكر عليها أحد.
** البنت اليوم.. تلبس البنطال والقصير من الملابس ومعها أكثر من هاتف جوال.. فجوال للأم والأب والبعض من ثقال الدم.. وآخر لخفيفي الدم فقط.. حتى الأم والأب.. لا يعرفان رقمه.. وقد لا يعرفانه أساساً.
** البنت اليوم - مع الأسف - تعزم صديقتها.. أو صديقاتها في المطاعم والفنادق والاستراحات.. وتقيم الولائم.. بعيداً عن البيت.. طبعاً (ما وراها رجَّال).
** البنت اليوم.. لها تعاملات مختلفة مع المجتمع والأفراد.. بعيداً عن أهلها.. وبعيداً عن معرفتهم.. فلها حساب بنكي.. وأهلها.. لا يعرفون.. ماذا يدخل.. وماذا يخرج.. ولها خدمات اتصالات تخصّها.. ولا يعرف أهلها أيّ شيء عن الفاتورة.. وماذا تحمل من أرقام وأسعار وكيف تُسدّد!
** البنت اليوم.. تغيِّر ملابسها.. وتشتري بضائع وملابس وحاجيات.. دون أن يسألها أحد.
** البنت اليوم.. تزور الكوافير والمشغل والمطعم والنادي.. حسب جدولها الخاص (فالسَّوّاق تحت الطلب) والوالد يتسدَّح في الاستراحة أو (زارقٍ) مع أحد (الخمَّة) و(الأجودية) الأم.. مائة ريال (تِلْفَزْ) في يدها.. تجعلها تصرَّخ من الفرحة وتردّد (جِعْلِي ما أذوق يومك.. جعل يومي قبل يومك).
** البنت اليوم - مع الأسف - تجوب المدينة بسيارتها مع السائق.. لساعات وساعات.. دون أن يقال: لماذا تأخرت؟
** هذا بعض الشيء.. وليس كله.. ومع ذلك.. هناك من يستغرب: لماذا بعض البنات مدخنات أو مشيِّشات.. أو متورّطات في مخدّرات أو مسكرات.. أو لهنّ.. ممارسات أخرى بشعة.
** ما ذكرته آنفاً.. هو الخطوة الأولى لكلّ ذلك.
** هل.. ما تمارسه البنت اليوم.. كان موجوداً قبل عشر سنوات؟
** أبداً.. أبداً.. ولا نفكر فيه حتى مجرد تفكير.. والله وحده.. العالم..
** ماذا سيكون الحال بعد عشر سنوات من الآن؟
** {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
|