Wednesday 4th August,200411633العددالاربعاء 18 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

مركاز مركاز
المنزل الميسر
حسين علي حسين

هناك عدة مساهمات يلحظها المتابع تهدف إلى دعم الشباب والأسر الفقيرة أو المحدودة الدخل، تلك الأسر التي لا يتخطى دخلها الثلاثة آلاف ريال، هذه المساهمات تهدف إلى توفير منزل بأقل التكاليف وأيسرها من ضمن هذه المساهمات مشاريع لبعض جمعيات البر ونفر محدود من رجال الأعمال، لكن هل هذه المساهمات كافية؟ الجواب يقول أنها قطرة في بحر معاناة هذه الفئات التي ذكرتها آنفاً، وهي مساهمات ينتظر الناس أضعاف أضعافها، لقد أحصيت في لحظة زكاة أحد رجال أعمالنا، والتي لو دفعها أولا بأول كما يقتضي العرف والدين، لوجدتها تزيد على المليار ريال سنوياً، انه واحد مقابل مئات، مثل هؤلاء التجار لو خصصوا عشر المستحق عليهم من الزكاة وهو مائة مليون في بناء مساكن ميسرة للشباب فإننا سوف نجد أن هذا المبلغ فقط بامكانه توفير أربعمائة شقة سنوياً بمساحة لا تقل عن 150م2 للشقة الواحدة، ولو ضربنا هذا الرقم في مائة من هذه العينة سنجد (40) ألف شقة سكنية لمحدودي الدخل سنوياً قد أنجزت، فماذا لو استمرت هذه المساهمة الإنسانية؟ سوف نقضي نهائياً على هذه المشكلة، ومعها سوف نقضي على الشطط في أسعار الأراضي وإيجارات الشقق الذي تستفيد منه فئة محدودة من المضاربين، ويتضرر منه آلاف الأسر والشباب المقبلين على تكوين أسرة سعيدة، لا تكدر صفوها سوى الايجارات العالية، أو الحلم بأن يكون لأحدهم قطعة ارض يتقدم بعد الحصول عليها لصندوق التنمية العقارية، حيث أمامه في الطابور آلاف المنتظرين الذين لا يأتيهم الدور إلا وقد أشرفوا على الكهولة أو التقاعد.. هذه بطبيعة الحال معضلة مقدور عليها، لأنه خلال مدة انتظار العقد سيكون منهمكا في سداد أقساط الأرض وأقساط الشقة التي يسكنها، إنه أمر محلول ولكن كيف يحصل على الأرض، ومن يقرضه قيمتها، وكيف بالله يوفر أقساطها؟ لقد حسبت تكاليف المعيشة على شاب متخرج من الجامعة، راتبه يتخطى الأربعة آلاف ريال وليس ثلاثة فقط فوجدته مطالب بأن يدفع إيجاراً شهرياً للشقة في حدود 1500 ريال، أما الباقي فتلتهمه أقساط السيارة والعلاج ومصاريف الهاتف والملابس والأكل والشرب وغيرها، وبحسبة بسيطة سوف نجد هذا الراتب مفقوداً قبل نهاية الشهر، هذا إذا لم يكن هذا الشاب قد بدأ في البحث عن المقسطين الذين يربطونه بسلاسل محكمة، كلما فك سلسلة ربطوا حوله سلسلة أخرى، حتى تلتهمه الهموم والمشاكل التي قد تنعكس على استقراره الوظيفي والعائلي!
ان فكرة المنزل الميسر أو الوحدات السكنية الموجهة للشباب والأسر الفقيرة والمحدودة الدخل، نجحت في العديد من الدول العربية والشرق آسيوية، وهذه المنازل ان عز تقديمها منحة للشباب، فإنه يمكن بيعها أو تأجيرها برسوم رمزية، تخصص لصيانة الوحدات والاعتناء بها، لضمان عدم التعامل معها وكأنها أشياء أو وحدات جاءت مجاناً، ما يبرر عند بعض الفئات اهمال صيانتها، ومن الممكن أن تقوم المحافظات التي بنيت أو ستبنى فيها هذه الوحدات، باطلاق أسماء رجال الأعمال أو التجار على كل تجمع أو كتلة سكانية ساهموا أو تكلفوا بانشائها، ان مساهمة مثل هذه واجب ينبغي ان يقوم به رجال الأعمال، وليست منحة أو صدقة، لكنها ضريبة يجب دفعها لهذا البلد الذي علمهم واحتضنهم، وقدم لهم كافة التسهيلات والقروض والمساعدات، لكي يصعدوا ويصعدوا في دنيا المال والأعمال، حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه، وأبرز هؤلاء الآن اباطرة المخططات العقارية، الذين يربحون الملايين في ساعات وبعدها يبدأون في الخطوة التالية وهي بيع الأراضي والوحدات السكنية بالتقسيط، حتى وصلوا بسعر وحدات لا تزيد مساحتها على الـ400م إلى مليون ونصف المليون ريال! كل واحد من هؤلاء التجار كان من المفروض أن يخصص مائة ألف متر لفئات من محدودي الدخل، ليتولى رجال أعمال آخرين، بناءها وتقديمها بطريقة تحفظ لأهلنا كرامتهم وتسد حاجتهم!
إن رجال وسيدات الأعمال في أمريكا وأوروبا وحتى آسيا، يعطوننا دروساً في خدمة المجتمع، ما أحوجنا للاطلاع عليها، خاصة وأن بلادنا من الدول القليلة التي ليس لها طلبات عل رجال الأعمال، مثل الضرائب المتصاعدة والالتزام بتوظيف أو تدريب الشباب، كما تفعل الدول الأخرى مع رجال الأعمال الذين يعملون على أراضيها، ومن ضمنهم رجال أعمال من بلادنا حيث يتبرعون هناك للجامعات والأبحاث والجمعيات!! ان الثروة ليست جهداً فردياً فقط، فهي لا تنمو بدون التفاعل، تفاعل الثري مع الناس أولا وبكافة السبل، وأبرزها المساهمة الجادة والرؤوفة في تقديم العون لكل شيء في بلاده: البناء، الأبحاث، التعليم، الأجهزة الطبية وغيرها!

فاكس: 014533173


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved