شاهدت عامل نظافة بمحاذاة الجزيرة التي تتوسَّط الطريق السريع المتجه شمالاً، وعلى بُعد عشرة كيلو مترات من الرياض اتجاه القصيم في وقت الظهيرة الذي تصل درجة الحرارة فيه إلى الستين درجة أو تزيد، يحمل في يده قارورة ماء أصبحت في درجة إعداد فنجان شاي، يسير متحاشياً أخطار السيارات المارَّة به بسرعة شديدة، ملتقطاً ما يُقذف به من نوافذها دون وعي راقٍ من أصحابها بمعنى النظافة.. هذا الرجل وبما يقوم به من جهد أشعر أنه يُقدِّم خدمة جليلة للوطن، مهما صغرت، أو قلَّ تقديرها عند الكثير، مع ما يمكن أن يُقال إن قبوله لهذا العمل ناتج عن حاجة دفعت به ليأتي من بلده متحمِّلاً كل هذه الظروف.
هذا المشهد جعلني أضع مقارنة بينه وبين البعض من شبابنا الذين وفقوا في الحصول على وظيفة هُيئت لهم فيها سُبل الراحة، وفي مقدمتها كرسي مريح، ومكتب فخم، ومكيف هادئ ينقل من في المكتب إلى أجواء الإسكيمو مع تأمين عدد من الصحف، ومع ذلك لا يقومون بما كُلفوا به من عمل يتطلَّب الأمانة، وسرعة الإنجاز لتسهيل مهمة المواطنين، إلا بما يمليه عليهم مزاجهم.. متناسين أن للوطن حقاً، وللنعمة شكراً، وليعلموا أن ما يقوم به ذلك العامل لا يقل عن عملهم، بل يكمله وكل يعمل في مجاله.
|