* منذ ما يزيد على ثلاثين عاماً عرفت الأمير عبدالرحمن بن سعود بن عبدالعزيز عاشقاً للشعر والأدب، مستقطباً لتجلياته، حين حول (نادي النصر) بشارع الخزان بالرياض إلى (نادٍ أدبي ثقافي) قبل انطلاق نشاط (النادي الأدبي بالرياض) بسنوات عديدة، وقد استقطب نماذج من الادباء والمفكرين والشعراء، لالقاء المحاضرات والاشتراك في الندوات الأدبية والأمسيات الشعرية، وعندما أقول حوّل النادي الرياضي إلى أدبي فقد احتفظ بفاعلية النشاط الرياضي محرّضاً لكل العناصر الرياضية إلى التوجه الثقافي وصياغة جيل رياضي يعنى بالثقافة والانفتاح على تجليات الشعر وهمومه وانطلاقاته المعبرة.
ولا زالت الذاكرة تختزن أسماء نماذج من المستقطبين المشتركين في أعمال النشاط الثقافي بنادي النصر وفعالياته ومنهم أستاذي الدكتور محمد بن سعد بن حسين والاستاذ الدكتور محمد عبدالمنعم خفاجي، والشيخ أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري، والأستاذ أحمد فرح عقيلان والشاعر أحمد الصالح (مسافر).
* وكان الأمير عبدالرحمن بن سعود يشعل حماس المشتركين من المعبرين بحواره وتعليقاته وتساؤلاته المثيرة للجدل الثقافي المتجدد عبر أنسجة النماذج الأثير المنسجم مع آفاق الوعي الصحافي الذي كان آنذاك يطمح إلى الحضور المعبر للثقافة والأدب عبر أروقة النوادي الرياضية في غياب الاندية الثقافية، وضآلة الدعم الادبي والثقافي حيث لا توجد غير الفعاليات الثقافية في نادي كلية اللغة العربية ومعهد الرياض العلمي وجامعة الملك سعود، وقد استمر نشاط الأمير عبدالرحمن بن سعود المنسجم مع وعيه المبكر لأهمية التقاء عناصر الفعاليات الرياضية بالتجليات الأدبية والثقافية عبر القنوات الصحافية والاذاعية، ثم التلفزيونية إذ كان ذا حضور مثير ومؤثر في نسيج الاثارة الاعلامية الصاخبة، فما تكاد تنتهي مبارزة رياضية يكون النصر فيها طرفاً إلا ويستقطب عبدالرحمن بن سعود الاضواء، وتستقطبه الأضواء الاعلامية ليعلق ويطرح آراءه الصريحة ووجهات نظره، واضاءاته المقلقة النابضة بالحماسة والوفاء لمهنته التي منحها من وقته وعمره وجهده وهواجسه أمداء ومساحات لا يمكن أن تنسى، ولعل من أهم السوانح التي لا يمكن أن ينساها وجدان أي لاعب نصراوي ولا أي شاهد للقاءات الرياضية وهو يرى الأمير عبدالرحمن بن سعود يترك مقعده في المنصة الرئيسة ليجلس في الملعب مع أعضاء التدريب والاحتياطيين ليتابع لعب فريقه ثم يشهده وهو يترجل بكل تواضع وشفافية وانتماء ليحتضن أبناءه اللاعبين، ويمسح عرق جهودهم ويقبلهم مهنئاً أو مطمئناً مواسياً كأنه قائد معركة، إن من يرى ويتذكر هذا المشهد لا يستطيع إلا أن يحترم هذا الرجل الذي يحترم مهنته ورفاقه، ويعترف في اللحظة نفسها وأمام هذا الموقف ان (الرائد لا يكذب أهله).
* إن أي إنسان يحسن التعامل مع الآخرين واستقبالهم دون تمييز ينبغي ان يحترم ويقدر ويبقى في الذاكرة والوجدان، أما تحيزه لفريقه وانتقاده للآخرين في نطاق الحماس والانفعال فذلك له شأن آخر، لا نملك ونحن نودع الفقيد الراحل حزانى على رحيله إلا أن نبتهل إلى الله له بالرحمة والغفران ونذكر محاسنه الباقية في أنسجة الذاكرة وخلايا الوجدان.
عبدالله بن سالم الحميد
عضو النادي الأدبي بالرياض
|