قرأت تصريح معالي وزير العمل د. غازي القصيبي بعنوان: (هناك مؤسسات وهمية للتوظيف) (الجزيرة عدد 11624)، وتعليقاً عليه أقول:
لقد كثرت في الآونة الأخيرة تلك المعاهد المتخمة بشهادات الدبلوم والتي تقدِّم مميزاتها وإغراءاتها لحاملي الشهادات الثانوية وتدغدغ أحلامهم بالحصول على وظيفية جاهزة!! ولم تزل تسعى لاستقطاب الدارسين الذين يتكبدون أعباء مالية ورسوماً ثقيلة ويهدرون الوقت والجهد في اندفاع يعكس حماسهم وحرصهم على لقمة العيش.
ولكن ثبت أن جلَّ هؤلاء الدارسين يذهبون ضحية تلك المعاهد التي تغريهم (بوظائف جاهزة) بمجرد حصولهم على هذا الدبلوم...
وقد نشرت الصحف نماذج لأولئك الشباب الذين لم يجدوا (الوظيفة الموعودة) بعد أن بذلوا المال والجهد لتذوب أحلام الوظيفة فوق رصيف الانتظار المثقل بالملل والسأم..
فلماذا لا تتدخل الخدمة المدنية ووزارة التربية ووزارة الصحة وغيرها من الجهات الحكومية وتحدِّد مدى استفادة الدارسين من تلك المعاهد التي أصبحت مشروعاً تجارياً مغرياً..
نعم، كثرت المعاهد التي تمنح شهادة الدبلوم في الحاسوب واللغة الإنجليزية وفي العلوم الصحية.. والتي تحاول سحب الدارسين وجذب الحالمين بالوظيفة من الشباب المكافح.
فهل من المنصف أن يذهب كفاح الشباب ومشاعرهم ويصبح هباءً ولا سيما عندما يتعرَّضون للابتزاز والاستغفال من تلك المعاهد الجشعة ذات الطابع التجاري التي ترفع بريق التوظيف الجاهز وتمتصّ جيوب الشباب المكافح.. لا بد من قيام الجهات المعنية والوزارات بتحديد درجة تلك المعاهد ومستواها ومدى تأهيل الدارسين فيها مع إمكانية التوظيف في دور توعوي، وبالمقابل ينبغي على أولئك الشباب عدم الاندفاع وراء تلك (المميزات البرَّاقة) التي ترفعها هذه المعاهد مع ضرورة التواصل مع ديوان الخدمة المدنية والجهات الحكومية لمعرفة مدى اعترافها بهذا الدبلوم.. وحتى الدورات التي باتت إعلاناتها ودعاياتها تملأ المكان لا بد من تنوير الدارسين هل هي معتمدة ومعترف بها.. هل يحقّ لها أن تسجل عبارة: وظيفة مضمونة.. في إعلاناتها..
لقد آن الأوان لوضع آلية معيّنة وضوابط دقيقة لكل جهة تشرع في إقامة دورة تدريبية ذات رسوم ولكل معهد يعلن عن دبلوم.. حتى لا يصبح الجو خالياً لتمرير تلك الإغراءات والمميزات التي تعبث بأحلام شباب مكافح من أجل كسب سريع.. يستنزف جهود وطاقة هؤلاء الفتية... ولا تستغرب انسحاب كثير من الملتحقين بتلك الدورات والمعاهد بعد اكتشافهم صدفة عدم جدواها وضياع الرسوم.. وتبعثر الآمال.
فهل من المعقول أن يترك الحبل على الغارب لمؤسسات أهلية لتمارس الاستخفاف وتواصل الاستنزاف دون تدخل من الجهات المعنية لمنع أساليب الاحتيال والمتاجرة بالدورات الجوفاء.. ذات المحتوى الهزيل.. والفائدة المعدومة.. حقاً ينالك العجب من إعلاناتها المثقلة بالصخب والضجيج ومميّزاتها البرَّاقة ومستواها العالي ليجد الدارس نفسه أمام محاضرات باردة ومضامين عتيقة وأجواء مشبعة بالجدب والتصحّر العلمي.. وكأن الهدف من هذه الدورة أو الدبلوم.. مجرد تحصيل الرسوم!!
محمد بن عبد العزيز الموسى
بريدة |