من المعلوم عند الجميع صغيرهم وكبيرهم أن الجزيرة العربية كانت مشبعة بشرية ومضمارا للغارات ومأسدة تصول فيها السباع البشرية على الظاعنين وعابري السبيل، حتى قيض الله لهذه البلاد رحمة بها المؤسس الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود قدس الله روحه، ونور ضريحه.. فأبدل بعد توفيق الله خوف البلاد أمناً، لأن الأمن أغلى عند الناس من المال النفيس.. قال الأول:
أغلى من اللؤلؤ المكنون والذهب
أمناً تصان به الدنيا من العطب
أغلى من العيش أمن تستقر به
حياتنا دونما خوف ولا رهب |
أخي الكريم إن أعظم نعم الله تعالى على العباد بعد الإيمان نعمة الأمن، فإن المسلم إذا حقق التوحيد وحصل له الأمن كله دنيا وآخرة.. قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}.
فالأمن أهم المطالب وهو ضروري لكل جهد بشري لتحقيق مصالح الأفراد والمجتمعات ولا تزدهر حياة ولا تسعد نفوس ويهنأ عيش إلا بالإيمان.
لقد جاءت الشريعة الإسلامية بحفظ الضرورات الخمس: الدين والنفس والعقل والعرض والمال، وشرعت الأحكام الوقائية للحفاظ على سلامة تلك المقاصد.
روى الإمام أحمد في مسنده أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً.. وقال عليه الصلاة والسلام كما في المتفق عليه: (لا يشير أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار).
وفي الأمن أخي في الله تصلح الحياة، وتنبسط الآمال، ويتيسر الرزق، وتزيد التجارة، وتتقدم الأمة، وينشر العلم والخير، ويعز الدين، ويظهر الأخيار، وتحقن الدماء، وتصان الأموال والأعراض وتنام العيون.. لذا جعله الله عز وجل من نعيم أهل الجنة: {ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ}.
الأمن للجميع مسلمهم ومستأمنهم ومعاهدهم وذميهم ولكل حق وضد الخوف حيث تضيع الأموال ويضعف الدين وتنقطع السبل وتتعطل المصالح ويسطو الأشرار وتنتشر الفوضى وتقسو الحياة فإن الخوف يشل الحياة كلها.
أسأل الله أن يحفظ علينا أمننا وإيماننا وأن يرد كيد الكائدين وعدوان المعتدين وتسلط الباغين، وأسأله أن يحفظ ولاة أمرنا بحفظه ويكلؤهم برعايته ويجعلهم مباركين أينما كانوا رخاء حيث أصابوا، وأن ينصر بهم دينه ويعلي بهم كلمته.
|