طالعنا في الأسبوع المنصرم تقرير منظمة هيومن رايتس واتش الذي ينال كعادته من المملكة العربية السعودية بحجة إساءة معاملة العمالة الوافدة وبشكل خاص لثلاث جنسيات من بين الجنسيات العالمية التي تشاركنا المأكل والمشرب وتنعم بما ننعم به من رفاهية اقتصادية وأمنية عالية.
ولم يكن مثل هذا التقرير ليمثل محور اهتمام خاص لولا أنه جانب الحقيقة بكل ما تحمله الكلمة من معنى خاصة في ظل ما نلمسه من رعاية خاصة للعمالة الوافدة سواء عند كتابة وتطوير أنظمتنا أو عند مراجعة الجهات الحقوقية التي لا تفرق في معالجتها للقضايا بين سعودي وغير سعودي استناداً لتعاليم ديننا الحنيف ومنطلقات مجتمعنا المسلم. فكيف يمكن قبول مثل هذه الادعاءات ونحن نلاحظ التسابق الحميم من شعوب دول العالم للحصول على فرصة عمل في سوق العمل السعودي، وكيف يمكن تصديقها ونحن نعلم بأن السوق السعودي يخضع وللأسف لسيطرة شبه كاملة من قبل الأيدي العاملة الأجنبية التي يبلغ تعدادها حوالي سبعة ملايين عامل أو تزيد.
فهل من المعقول أن تقبل الدولة المتقدمة والنامية أن يكون مواطنوها في بلد لا يراعي حقوقهم ولا يحفظ لهم مكاسبهم ويعرضهم كما يدعي التقرير إلى المهانة والمذلة؟ فإذا كنا كمتخصصين وكمواطنين نعي هذه الحقيقة فقد يكون من الملائم أن نتساءل عن الدوافع الخفية التي تقف وراء مثل هذه الادعاءات الغريبة التي تحاول النيل من سمعة ومكانة المملكة العربية السعودية. وفي اعتقادي أن أول باعث لمثل هذه التصرفات هو السعي لتشويه سمعة المملكة في المحافل الدولية للحد من دورها الريادي في هذه المحافل ولإضعاف موقفها أمام الحملات الإعلامية الشرسة التي مازالت المؤسسات الإعلامية الصهيونية تتبناها بشكل مكثف خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
ومن الدوافع وراء مثل هذه الادعاءات محاولة تعطيل مشاريع إصلاح سوق العمل السعودي الذي مازال يعاني من الوجود العشوائي المكثف للعمالة الأجنبية ومن ارتفاع معدلات البطالة بين صفوف الأيدي العاملة السعودية في ظل تزايد معدل تدفق عنصر العمل السعودي إلى سوق العمل نتيجة لارتفاع معدل النمو السكاني.
وبالتالي فإننا مطالبون في هذا الوقت ألا نقف كثيراً عند هذا التقرير وأن نستفيد منه في زيادة التأكيد على ضبط متغيرات سوق العمل السعودي بما يكفل حقوق الجميع بما فيهم الأيدي العاملة السعودية التي تعاني من محاربة العامل الأجنبي لها في سوق العمل وأن نسعى إلى التسريع بالإجراءات التصحيحية التي تحد من فرص الاستقدام وتقلل من وجود العمالة الأجنبية وما يرتبط بها من تداعيات سلبية على مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
كما علينا أن نستفيد من هذا التقرير لنعي أهمية القيام بالعملية التصحيحية اليوم قبل الغد حتى لا تزداد الأمور صعوبة وحتى لا يزداد الوجود الأجنبي وتزداد معه القوى المدافعة عن مبدأ هذا الوجود غير المقنن.
ولعل سرعة رد معالي وزير العمل على فقرات التقرير تمثل الخطوة الأولى في عملية التصحيح ولكن المطلوب ألا نقف وأن نستمر في الإصلاح الهيكلي لسوق العمل حتى لا يأتي اليوم الذي يشتكي المواطن السعودي من ظلم ذوي القربى.. فهل يتحقق ذلك؟ أتمناه عاجلاً..
|