Monday 2nd August,200411631العددالأثنين 16 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "زمان الجزيرة"

11-11-1391هـ الموافق 28-12-1971م العدد 373 11-11-1391هـ الموافق 28-12-1971م العدد 373
ما هي انعكاسات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد السعودي
بقلم القائد الدكتور: أحمد عبدالله المالك

يتساءل الكثيرون عن انعكاسات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد السعودي، وفي نظرنا أنه يمكن القول بأن آثار الازمة المالية العالمية على الاقتصاد السعودي يمكن فهمها إذا ركزنا التحليل على مركز الدولار وسعره بالنسبة لعملات دول العالم الأخرى والتي يوجد بينها وبين المملكة تعامل في السلع والخدمات وحركات رؤوس الأموال. وتركيزنا على مركز الدولار يرجع الى ان الاسعار المعلنة للبترول والذي يشكل 91.3 في المائة من واردات الدولة في ميزانية 91-92 تحتسب بالدولار. ومعنى ذلك ان أي تغيير يطرأ على سعر الدولار سينعكس على الدخل الحقيقي لكل برميل من الزيت تحصل عليه حكومة المملكة العربية السعودية.. ولتفهم انعكاسات التغير في سعر الدولار بشكل أدق يمكننا ان ننظر الى سعر الدولار بالنسبة لعملات دول العالم الأخرى أثناء فترة التعويم وننظر الى سعره ايضاً بعد تحديد نسبة تخفيضه رسمياً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
وفيما يتعلق بما حدث لسعر الدولار في فترة التعويم فالكل لاحظ ان سعره انخفض بالنسبة لبقية عملات الدول الصناعية الرئيسية الأخرى بنسب متفاوتة تعتمد على قوة اقتصاد كل دولة وعلى مدى حرية تعويم عملة كل بلد.وانعكاس انخفاض سعر الدولار يؤثر في الاقتصاد السعودي على كل من ميزانية الدولة وعلى المستهلكين.. ففيما يختص بأثره على ميزانية الدولة يلاحظ التأثير بوضوح بالنسبة لمشتريات الحكومة وعقودها الطويلة الاجل مع الشركات او الحكومات التي ارتفعت عملاتها لأن الحكومة في هذه الحالة ستجد نفسها ملزمة بدفع ما يسمى (بفرق العملة).. وفي هذا الصدد تجدر الاشارة الى ان الحكومة جادة في الحصول على تعويض من شركات التبرول لتعيوض نسبة الخسارة التي حدثت في الدخل الحقيقي لكل برميل من الزيت نتيجة انخفاض سعر الدولار وارتفاع عملات الدول الأخرى.
أما فيما يتعلق بأثر انخفاض سعر الدولار أثناء فترة التعويم على المستهلك السعودي فالأثر نشاهده يومياً وخاصة عندما نقوم بشراء حاجياتنا اليومية من السلع التي تم استيراها من الدول التي ارتفعت علماتها بالنسبة للدولار، فالذي نشاهده يومياً ان اسعار السلع المستوردة من اليابان وألمانيا وبقية دول أوروبا قد ارتفعت ومن المفروض ان تزيد أسعار هذه السلع بنفس نسبة ارتفاع العملة، فمثلا نلاحظ ان متوسط ارتفاع المارك الألماني منذ فترة التعويم يساوي 8 في المائة تقريباً، إذاً فمن المفروض ان تزيد أسعار السلع الألمانية بمتوسط قدره 8 في المائة كنتيجة لارتفاع سعر المارك الالماني والزيادة تحدث عندما يذهب المستورد السعودي بكمية معينة من الريالات لبنكه لشراء عملة ألمانية لرغبته في استيراد سلعة معينة من المانيا.. وفي هذه الحالة لا بد من ان يدفع نفس كمية الريالات السابقة التي كان يدفعها قبل ارتفاع سعر المارك وسيجد نفسه يدفع زيادة تبلغ في المتوسط 8% لشراء نفس الكمية من الماركات الألمانية التي كان يشتريها في السابق.. وبالطبع فإن هذه الزيادة سيعكسها المستورد على المستهلك ومن هنا يشعر المستهلك بأثر انخفاض سعر الدولار على مشترياته اليومية.
أما فيما يتعلق بالانعكاسات على الاقتصاد السعودي بعد تخفيض الدولار رسمياً وتحديد أسعار عملات الدول الأخرى وتثبيتها فالآثار أو الانعكاسات مشابهة لما حدث في فترة التعويم إلا أننا في هذه الحالة نستطيع قياس الآثار بطريقة أدق وذلك نظراً لثبات أسعار العملات بعد تحديدها وبالمثل فإن تخفيض سعر الدولار رسميا سيؤثر في الاقتصاد السعودي على كل من مزيانية الدولة وعلى المستهلكين وبالاضافة الى ما تطالب به الحكومة من تعويض لما حدث من خسارة لدخلها الحقيقي أثناء فترة التعويم ستجد الحكومة نفسها تطالب بتعويضها من خسارة نتيجة التخفيض الرسمي.. وفي حالة الحصول على تعويض عن الخسارة في فترة التعويم وفترة التخفيض ستجد الحكومة ان قيمة ميزانيتها بالريال لن تتأثر.. وفيما يتعلق بالمستهلك فقد احسنت الحكومة صنعاً باتباعها سياسة فصل العلاقة بين الريال والدولار وربط سعر الريال بالذهب.. ولا شك ان لهذه السياسة الحكيمة مزايا عديدة يمكن حصر أهمها فيما يلي:
1- أنه نتيجة لتخفيض سعر الدولار بنسبة 7.9% وتخفيض أسعار عملات بعض الدول التي اتبعت نفس سياسة الولايات المتحدة الأمريكية فإن المستورد السعودي يستطيع تبعاً لذلك شراء سلع من هذه الدول بسعر أرخص من السابق يعادل نفس نسبة التخفيض.
2- ان سياسة رفع قيمة الريال السعودي بالنسبة للدولار وربطها بالذهب بنفس النسبة السابقة تعني ان أسعار السلع المستوردة من الدول التي ارتفعت عملاتها لن تزيد عما وصلت اليه الآن، وعلى سبيل المثال نجد ان الين الياباني ارتفع سعره بنسبة 7.5% ولو جرى تخفيض الريال مع الدولار بنسبة 7.9% بدلاً من تثبيت العلاقة بين الريال والذهب لوجدنا ان السلع المستوردة من اليابان سترتفع بنسبة 15.4%.. وبما ان الحكومة التبعت سياسة عدم تخفيض الريال مع الدولار، فلن ترتفع اسعار السلع اليابانية نتيجة ارتفاع العلمة بنسبة أكبر من 7.5%، وهذا بالطبع في صالح المستهلك.
3- إن سياسة رفع قيمة الريال السعودي بالنسبة للدولار وربطها بالذهب بنفس النسبة السابقة سيزيد من دخل العاملين في قطاع الحج مقابل الخدمات التي يقدمونها للحجاج إذ ان الريال الذي يحصلون عليه مقابل خدماتهم سيكون ذا قيمة شرائية أعلى من السابق.
4- ان اتباع سياسة تثبيت العلاقة بين الريال والذهب وعدم تخفيض الريال مع الدولار يدل على ان الريال يرتكز على اقتصاد متين وقوي ويمكن ملاحظة ذلك فيما لو قارنا بين الانتاج القومي الاجمالي بين عامي 83-84 وعام 1390-91 اذ نجد أنه بينما كان الدخل القومي الاجمالي حوالي 7000 في عام 83-84 أصبح اعلى من 16000 بليون ريال في عام 90-91 ويتوقع ان يرتفع الانتاج القومي الاجمالي بين عام 90-91 وعام 91-92 بنسبة عالية اذ ان ايراداتنا من البترول قد زادت بنسبة 50%.
والى جانب ذلك فالريال مغطى تغطية كاملة بالذهب والنقد الاجنبي.
فالنقد المتداول في السوق في شهر جمادى الثانية 91هـ يساوي 1924 مليون ريال مغطى بذهب قدره 574 مليون وبنقد اجنبي قدره 1350 مليون ريال. ويكفي دليلاً على قوة الاقتصاد السعودي مقارنة ميزانية 90-91 بميزانية 91-92 ومن باب المقارنة تتضح الفوارق الآتية:
1- ان ميزانية 91-92 تزيد بـ69 في المائة عن ميزانية 90-91 فبينما كان اجمالي ميزانية 90- 91 يساوي 6380 مليون ريال نجد ان ميزانية 91-92 تساوي 10.782 مليون ريال.
2- ان ميزانية المشاريع لهذا العام تساوي 5036 مليون ريال أي 47 في المائة من ميزانية الدولة.. ويلاحظ ان ميزانية المشاريع قد زادت 94 في المائة عنها في ميزانية 90-91 والتي كانت تساوي 2596 مليون ريال مضافاً الى ذلك 1735 مليون ريال رصدت في ميزانية هذا العام لمشاريع التنمية التي ستنفذ في كل من وزارة الزراعة، المعارف، المواصلات ووكالة البلديات.
ان الانفاق على المشاريع سيزيد من الناتج القومي الاجمالي للسنوات القادمة إذ ان الانفاق على المشروعات يولد مشروعات أخرى في صالح الوطن والمواطنين.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved