* إذا لم تأكل سوف آخذك للطبيب حتى يعطيك إبرة
* إذا لم تنم سوف أضربك
* ابتعد عني وإلا قتلتك
* إذا ما تسمع كلامي أكسر رأسك
* إذا بقيت تضايقني سأترك لك البيت وحيداً
هذه الجمل أصبحت عادية القول عند بعض الأهل، وأيضاً كثيرة السماع لدى قسم كبير من الأطفال، حيث يحاول الأهل بها تخويف طفلهم من عصيان أوامرهم، لكن ماذا يحدث هذا النوع من التهديد للطفل سواء صغيراً أو كبيراً، وما هو تأثيره النفسي على الطفل حاضراً ومستقبلاً؟ وهل يصبح هذا الخوف مرضاً، وما هو علاجه حينئذ؟... هذا ما نتعرف عليه من خلال هذا التحقيق..
بداية يقول د. صفاء العيسى استشاري الأطفال والمحاضر بجامعة أدنبرة ببريطانيا : مسألة التخويف والخوف هي من المشاكل المهمة والشائعة التي يعيشها مع الأسف مجتمعنا العربي، فالطفل يتربى على الخوف صغيراً، ويكبر ولديه عقدة الخوف من أشياء كثيرة عندما يدخل معترك الحياة، وهذا بالتأكيد يوجد شخصاً مهزوز الشخصية، ضعيفاً أمام التحديات، وما أكثرها من تحديات تزداد يوماً بعد يوم، وكما هو معلوم فسيولوجيا، فالخوف هو أشد أنواع القلق النفسي، وهي حالة تفرز إفرازات كثيرة للغدة الكظرية من هرمون الأدرينالين فيزداد خفقان القلب وشحوب الوجه والبشرة وقلة التركيز.
ويضيف د. العيسى: أذكر أنني كنت أمشي مع صديق، وله طفل عمره سنتان، على ساحل (شاطئ) في بريطانيا، وعلى الرصيف بالذات حاول الأب الصديق أن يخوف ولده بدفعه إلى الماء (ماسكاً بملابسه حتى لا يقع) وقتها كان هذا الوالد يضحك، ولكن الطفل كان مرتاعاً باكياً ولم يتوقف عن البكاء لمدة عشر دقائق وسط أنظار السياح التي أخجلتني، ولا أدرى إن كانت أخجلت صديقي هذا، وهذا الطفل كبر وهو يمشي بعيداً عن الماء، ولا يريد أن يجرب أن يسبح في أي شاطئ، فهل يلام على ذلك؟ كلا، والأمثلة على مثل ذلك كثيرة لا تعد ولاتحصى في مجتمعنا ومع الأسف، سواء بإخافة الطفل من النار، الوحوش، الضرب، الهجر... إلخ، وكل هذا يوجد حقداً دفيناً عند الطفل ضد والديه وعدم ثقته بهم وبحبهم له، وأحب شيء للطفل هو الحب وثقته بوجود أبويه حوله منعمين عليه فوق الأكل والشرب بكل الحب والحنان.
التسلسل العمري
ويبدأ الخوف عند الطفل الرضيع كفعل انعكاسي عند سماعه صوتاً مفاجئاً وتراه عندها يحرك يديه ويفتح عينيه وهذه أمور طبيعية لا تترك أثراً عند الطفل الرضيع إلا إذا كانت مستمرة، والبحوث الطبية دلَّت على أن الطفل الرضيع يستجيب للأصوات العالية التي حوله بعدم نوم واضطراب في الرضاعة، وهذه نقطة مهمة يجب مراعاتها عند بعض الذين يرفعون أصوات التلفاز عالياً إلى ما بعد منتصف الليل أو أصوات الشجار المستمر!، والشيء الثاني الذي يخافه الطفل الصغير هو تعرضه إلى البرد أوخلع ملابسه لأن ذلك يعرقل حالة الدفء والطمأنينة التي يعيشها، وهذه نراها عند الأطفال عندما نفحصهم طبياً، حيث يبكي الطفل حالما نبدأ بنزع ملابسه لفحصه.
أما في السنتين الأولى والثانية من العمر فيعيش الطفل في حالة نسبية من عدم الخوف فتراه يمشي ويركض ويضرب أي شيء بدون أن يخاف عواقبها لأنه في هذه المرحلة اكتسب مهارة المشي ويريد استغلالها أحسن استغلال، ولكن يبدأ الخوف في عمر 2-3 سنة، وهنا يخاف الطفل أكثر ما يخاف من الظلام، وهذه شائعة حين نرى الطفل يرفض أن ينام وحده، ويريد أن ينام معه أهله أو أن يكون الضوء مفتوحاً، عندما يكون هناك خوف من شيء ما يجب أخذ الأمر بجدية ولن ينفع شيئا قول الأب لطفله (صير رجال وأنت كبير ولا داعي للخوف).. وهنا نقول لكل أب تعاطف مع طفلك، كلمه، اجعله يشكي لك خوفه إن كان يستطيع الكلام، عوِّده على الظلام، مثلاً خذه إلى الحديقة ليلعب فيها في شيء من الظلام، قل له: إنك أنت أيضاً عندما ما كنت صغيراً كنت تخاف من الظلام، وأن أهلك ساعدوك في ذلك، وأنك الآن ستساعده، فهذا يجعل عند الطفل ثقة بأنك جاد في إيجاد حل له، لأن في عقله أن هناك مشكلة (وليس في عقلك كما هو معلوم)، وعندما تأتي إليه، وهو لا ينام لأن الغرفة مظلمة لا تفتح الضوء لأن ذلك يربط في ذهنه بين الضوء والأمان، بل تعال إليه وافتح ضوءاً خافتاً حوله واحك له قصة قصيرة، ثم اتركه، حسسه أنك موجود خارج غرفته (أسمعه صوت أقدامك مثلاً).. وفي عمر الثلاث السنوات (3 - 5سنة) يكون خوف الطفل من ابتعاد الأهل عنه من أصعب الأشياء التي لا يمكن قبولها لأنها تعطي الطفل شعوراً بعدم الاستقرار والطمأنينة، وإذا حدث أن ابتعدت عن طفلك في هذه المرحلة فيستحسن أن تحضره نفسياً لذلك أي أن تعطي الطفل وقتاً حتى يستطيع أن يتذكرك بعد الانفصال، ويمكن القول: إن ولادة طفل آخر وذهاب الأم إلى المستشفى من الأمور التي قد تحدث اضطراباً نفسياً عند الطفل في هذه المرحلة، بالإضافة إلى بعد الأم، فإن قدوم طفل آخر يوجد نوعاً من الغيرة الشديدة لديه التي قد تظهر على شكل انفعالات شديدة..
ويستطرد د. العيسى: والخوف من طبيب الأسنان قد يكون لدى جميع الأطفال فرؤية هذه الآلات الكبيرة الداخلة في الفم ومنظر الألم والأسنان كلها تثير الخوف الشديد، لذا لا نستغرب مطلقاً أن نرى الأطفال في أي مرحلة من العمر يرفضون الذهاب إلى طبيب الأسنان، ويمكن القول: إن مهمة الطبيب هذه ليست بالسهلة على الإطلاق، لذا يجب تعويد الطفل على الذهاب لطبيب الأسنان مع والده قبل أن يؤخذ للعلاج، وهذا ينطبق على أي شيء آخر مثل السباحة، ورؤية الناس، وسماع الأصوات في الشارع... إلخ، ويمكن القول أيضاً إن خوف الطفل من عدم وجود الحب الكافي له في هذا العمر هو أقوى الأسباب لخوفه..
والطفل عليه أن يتغلب على الخوف منذ الصغر وعلى الأهل (وخاصة الأم) أن تشد على عواطفها نوعاً ما لتقبل أعمال قد تبدو خطرة مثلاً عند أدائها ولكنها مهمة لإعطاء الطفل الثقة بالنفس، والجرأة والإقدام، وهذه قد تكون على شكل ألعاب (مثل القفز... إلخ) أو الجرأة في الكلام عند وجود الكبار، وهذه قد تكون مع الأسف ممنوعة عند قسم من الأهل الذين يسكتون طفلهم لأي شيء يقوله عند وجود أناس أكبر من عمره.
فالحياة مليئة بالأمور التي تثير القلق ثم الخوف عند الإنسان، والإنسان عليه الاعتراف بذلك حتى أمام طفله حتى يكون صريحاً وصادقاً مع نفسه ومع غيره وحتى تكون نصيحته مسموعة وصادقة، فالأب الذي يظهر نفسه كسوبرمان بدون أخطاء ولايخاف شيئاً لا بد أن تكون نصيحته لطفله من عدم الخوف لا جدوى فيها وإن يقبلها الطفل صغيراً، فإنه سيعرف عدم صحتها مستقبلاً مما يوجد عدم الثقة بوالده، ويجب تشجيع الطفل على أن يقوم بشيء ما سواء وحده أو بالمشاركة مع الآخرين كأن يقوموا بعمل ما أمام الكبار أو جمع من الحضور، وكلما عمل ذلك صغيراً كانت أسهل والقلق من فشلها أخف بكثير لأن الطفل لا يفكر بعواقب الأمور مستقبلياً، وهناك تجربة طريفة أجريت لطفل صغير عمره 11 شهراً تعطي فكرة عن مبدأ الخوف، وكيف يمكن حدوثه وتجنبه، فلقد أعطي فأرا أبيض لطفل عمره 11 شهراً ليلعب معه، وكان الطفل مستمتعاً بالنظر إليه ولمسه، ولم يحدث له أي خوف منه، ولكن في تطور آخر، بدأ الباحث النفسي بإصدار صوت عالٍ حال ظهور الفأر أمام الطفل، مما أثار فزعاً كبيراً لديه وبقيت التجربة تستمر، إحداث صوت وضوضاء عند رؤية الفأر، مما جعل الطفل بعد ذلك يبكي حال ظهور الفأر حتى وإن لم يكن هناك أي صوت أو ضوضاء حوله..
وهذا ينطبق على الواقع، فإننا نخاف من الأشياء لأنها في عقلنا تصور لنا أشياء غريبة قد تكون لا صلة لها بالواقع، فمثلاً مشاهدة أفلام الرعب وأكثرها تصورا في الظلام، وتُرى الوطاويط والأشكال الغريبة التي هي ليست واقعية مما يجعل المشاهد يخاف من الظلام بشدة وخاصة للأطفال الصغار، وهذه النوعية من الأفلام يجب أن تمنع نهائياً مشاهدتها من قبل الأطفال، فالطفل لايفرق بين الوحش الحقيقي والخيال العلمي السينمائي، وقد ثبت أن مشاهدة هذه الأفلام هي السبب الرئيس للخوف من عمر 10 - 14 سنة ومع الأسف نرى هناك قسماً كبيراً من الأهل تاركين أطفالهم يتفرجون في أي وقت ومتى ما يشاؤون يسهرون الليل كله وينامون النهار كله فاقدين لشهيتهم متعبين جسمياً مع شلل ذهني تام.
وفي عمر 14 سنة قد يعاني الطفل من الخوف من الذهاب إلى المدرسه الثانوية ومشاهدته ودراسته مع أناس أكبر منه عمراً وجسماً يثير القلق والخوف في نفسه، وفي هذه الحالة على الأب تشجيعه ليزور المدرسة مرات قبل بدء الدوام حتى يتعود الجو الدراسي لاحقاً، والنصيحة التي نقدمها لكل أب كن متفائلاً حتى يكون لطفلك الثقة والتفاؤل، وامنح طفلك الوقت اللازم للتكلم معه حتى يشرح لك مخاوفه، وعلمه التغلب على الخوف، وهو بالطبع سوف لا يستطيع ذلك إذا خوفته أوأرعبته بنفسك.
مظاهر القلق
من جانبه يؤكد د. ساري دعاس استشاري أمراض الأطفال في مستشفى الحمادي بالرياض أن مظاهر القلق عند الأطفال تختلف حسب مرحلة نموهم وأعمارهم، ويتبلور الخوف بأنواعه حوالي السنة الثالثة أو الرابعة من العمر، فهناك من يخاف من الظلام، أو من الكلاب، أو من سيارات المطافىء، أو من المشوهين... إلخ، وخيال الأطفال في هذه الفترة يكون قد تطور إلى المرحلة التي يتخيل فيها نفسه مكان الآخرين، وقد يرسم لنفسه أخطاراً لم يسبق له تجربتها وتعظم رغبته في الاستطلاع في جميع الاتجاهات فهو لا يريد أن يعرف سبب كل شيء فقط، بل يريد كذلك أن يعرف ماعلاقة هذه الأشياء بنفسه.. وتكثر هذه المخاوف غالباً عند الأطفال الذين تستثار أعصابهم بشدة أو الذين لم تكن لديهم الفرصة لتنمية استقلالهم وخروجهم من دائرة المنزل أو الذين قد شحنت رؤوسهم بالقصص المخيفة والتحذير المتكرر، فالقلق الذي تجمع لدى الطفل قبل ذلك يبدو كأنه قد تحول بفعل خياله الخصب الجديد إلى مخاوف محددة، وهذا لا يعني أن الطفل الذي يتربى لديه أي خوف هو طفل قد أسيئت معاملته في الماضي فمما لا شك فيه أن بعض الأطفال يولدون أكثر حساسية من غيرهم،وكل طفل بصرف النظر عن مدى العناية التي بذلت في تربيته لا بد أن يخاف من شيء ما.
ويضيف د. دعاس: إذا تربى لدى طفل ما الخوف من الظلام فإنه في هذه الحالة يحتاج إلى من يطمئنه ويعطف عليه ولا يهزأ به، فالمناقشة وحدها هي أسوأ طريقة لتخفيف الخوف عنه، وهذا هو الوقت الذي ينبغي أن يظهر للطفل فيه العطف والحنان وحماية الأبوين له، ومن الطبيعي، بل من الضروري ألا نهدد الطفل بالعفاريت أو برجال الشرطة وكذلك يجب تجنيب الطفل الأفلام والقصص الخيالية العنيفة، فالطفل لديه ما يكفيه من الخوف ومن التخيلات الذهنية.
ولنحاول أن نعد للطفل حياة حافلة متنوعة تتاح له فيها فرصة الخروج إلى خارج المنزل والاختلاط بغيره من الأطفال، فكلما استغرق باللعب قل اشتغاله بمخاوفه الداخلية ولا بأس بترك باب حجرة نومه مفتوحاً بالليل إذا كانت هذه رغبته ولا مانع من نور ضئيل في الحجرة، فهو ثمن بخس لإبعاد العفاريت، فمثل هذا النور، أو ذاك الحديث الواصل من حجرة الجلوس لن يبقيه متيقظاً بقدر ما توقظه مخاوفه، وعندما تتلاشى مخاوفه سيصبح قادراً على تحمل الظلام من جديد.
والخوف من حيوان ما يكثر ذلك في هذه المرحلة من العمر حتى ولو لم يمر الطفل بأية تجربة قاسية فلا داعي لأن نجر الطفل جراً نحو هرة مثلاً لنطمئنه ونجعله يألفها، فكلما جذبناه أكثر زاد شعوره بالخوف منها، أما إذا تركناه فإنه مع مرور الوقت سيحاول بنفسه التغلب على خوفه ويقترب من الهرة تلقائياً، وكذلك في حالات الخوف من الماء فلا داعي لجذب الطفل إلى البحر أو إلى حمام السباحة وهو يصرخ خوفاً، صحيح أن الطفل الذي يرغم على نزول الماء قد يجد أحياناً أن الماء شيء مسلٍ ويزول خوفه منه فجأة، ولكن الأشيع أن الإجبار يؤدي إلى نتيجة عكسية، وعلينا أن نعلم أن الطفل تواق بشدة للنزول إلى الماء حتى وإن كان خائفاً منه، لذلك الأفضل أن تتركه ينمي شجاعته بنفسه وبالسرعة التي يراها هو، وفي حالة الخوف مثلاً من الكلاب أو سيارات المطافئ أورجال الشرطة وغيرها يمكن للطفل أن يعتاد ما يخاف منه وأن يتغلب عليه بتداوله لعباً لأشياء تمثل ما يهابه وتصدر أصواتاً مثلها، وكمبدأ عام يساعد التمثيل واستعمال اللعب الطفل كثيراً على التخلص من مخاوفه خاصة إذا كان لديه الاستعداد لذلك.
ومن الناحية الفيزيولوجية يؤدي الخوف مهمة ضرورية وهي بعث الحركة فينا، فأجسامنا تمتلئ بالأدرينالين الذي يزيد ضربات قلوبنا ويرفع مستوى السكر بالدم فنكون على استعداد للقتال أو للجري بسرعة كالريح، وكلا الجري والقتال يزيلان القلق في حين لا يفيد الجلوس بدون حركة شيئاً في القضاء عليه.. فإذا استطاع الطفل الخائف من الكلب أن يضرب لعبة تمثل الكلب مرات عديدة فإن هذا الطفل سيهدأ إلى حد ما، أما إذا كان لدى طفلك خوف عنيف أو أصيب بكوابيس متكررة أو صار يمشي أثناء النوم فيجب استشارة الطبيب فوراً..
المدرسة التحليلية
أما د. أيمن قطاش إخصائي أمراض الأطفال بمستشفى الحمادي بالرياض فيقول: يتم التعرض للخوف والقلق في الأطفال والرضع كجزء من التطور الطبيعي وبصورة منتظمة، وتعتبر حالات مرضية فقط عندما ترتبط بحالات نوعية أو تصبح معيقة إلى درجة تكون فيها ذات أثر سلبي على الوظائف المتعلقة بالتفاعل الاجتماعي والتطوري للطفل.. والدراسات الحديثة تشير إلى أن نسبة انتشار حالات الرهاب تصل إلى 7%، منها 2% حالات معقدة سريرياً تظهر سوابق التطوري الطبيعي للمرة الأولى في الشهر 7 - 8 من عمر الطفل حين يميز الرضيع حاضنته البدئية ويبدي مظهراً احتراسياً وتبدلات فراجيه بحضور الغرباء، ويجب تمييز الارتكاس من الغريب عن القلق بسبب الغرباء الذي يتميز بانزعاج أشد وكرب فيزيولوجي ونفسي، وفيما يعتبر الارتكاس تجاه الغريب أمراً تطورياً طبيعياً، وإن الخوف والقلق بسبب الغرباء يعلن عن مشاكل لاحقة فيما يخص الارتباط والفصل.
وتتعدد النظريات حول منشأ المخاوف وحالات الرهاب، إذ تعتقد المدرسة التحليلية النفسية أن صراعاً ما لم يتح له المجال لأن يطور أعراضاً عصبية، فيما تميل نظرية التعلم الاجتماعي إلى اعتبار أن المخاوف وحالات الرهاب من ضمن المنظومة التي يتعلم منها الطفل ما في بيئته من معطيات، ويميل آخرون إلى اعتبار القلق المفرط هو انعكاساً لمثيل له عند الأم، وتفترض دراسات أخرى عديدة سبباً وراثياً.
ويضيف د. قطاش: ويعاني الأطفال المصابون بحالات الرهاب من القلق تحت ظروف محددة بحيث يحاولون تجنب الأشياء والأوضاع التي تؤدي أتوماتيكياً إلى القلق، ولباقي حالات القلق الأخرى يعتبر الأمر مرضياً عندما يؤثر سلباً على الآداء الوظيفي الاجتماعي والمهني والشخصي، ويتوجب على والدي الطفل المصاب بالرهاب أن يبديا هدوءاً تجاه ما يعانيه من مخاوف وهلع، إذ يؤدي اضطرابهما لجعل الطفل متأكداً من أن هنالك في الحقيقة شيئاً ما يستحق الخوف، وهنا تستطب المعالجة السلوكية التي تتضمن اللجوء بطريقة إزالة التحسس الجهازي وهي معالجة حديثة يتم فيها تعريض الطفل المصاب للوضع أو الشيء المثير للخوف، ويتم التخلص من القلق بطرق الاسترخاء المختلفة ومن خلال جلسات متعددة من الشرح والتفسير مع الأهل والطفل لتفهم ما يجري فعله، ويمكن أيضاً إيجاد علاقة علاجية مفعمة بالثقة، كما أن تدريب الوالدين على كيفية التصرف في الأوقات الصعبة يعتبر أمراً مساعداً ومهما.
وفي حالات رهاب المدرسة: وهي متلازمة تتميز بأن الطفل لا يلتحق بالمدرسة لأسباب متعددة، وتحدث في (1 - 2%) من الأطفال، ويحتوي الأدب الطبي على ما يعزز الاعتقاد على دور العلاقة ما بين الطفل والأم المتسمة بالعدائية وتعمد المشاركة في المشكلة، ولعلاج رهاب المدرسة لا بد من حل المعضلات النفسية المرافقة والمعالجة العائلية وتدريب الوالدين، وإقامة علاقة وثيقة مع المدرسة..
أما ما يعرف برهاب وقلق الفصل فيتميز هذا الاضطراب بمظاهر مخاوف لا تمت للحقيقة بصلة، وتوهم الخطر المحدق في البعد عن حاضنة الطفل الأولية وينتج عنه نفور من الذهاب إلى المدرسة أو النوم دون مرافقة الوالدين، وتجنب البقاء بصورة منفردة، وكوابيس ذات صلة بالفصل وأعراض شكاوى جسدية متعددة تعبر عن حالات ضيق ذات طابع شخصي، وغالباً ما تظهر العلامة السريرية الأولى في الصف الثالث أو الرابع، وذلك عقب عطلة العيد أو إثر فترة غياب عن المدرسة بسبب المرض، ويميل الوالدان لتشجيع تلك المشكلة بصورة واعية أو لاواعية في معظم الأحيان، وفي هذه الحالة يجب تحويل الأطفال للمعالجة النفسية إذا ما فشلت المقاربات الداعمة المعتادة في إعادة الطفل إلى المدرسة أو تخفيف شدة الأعراض، حيث يوضح معالج الطفل للوالدين توقعاته فيما يتعلق بعودته للمدرسة واصفاً برنامجاً متناسقاً يشمل المدرسة والأهل والطفل لإنقاص ميله للفصل والعزلة، وتصل نسبة كبيرة من الأطفال الذين يعانون من رهاب الفصل بالهلع عندما يفكرون بالانفصال عن الوالدين ويبدو أن قرار استخدام أدوية مضادة للقلق أو مضادة للاكتئاب قرار صائب ويؤدي إلى تعزيز نجاح المعالجة.
وهناك أيضاً الاضطراب التجنبي AVOIDANT DISORDER ويتميز بوجود فزع مفرط الشدة من التماس مع الأشخاص غير المألوفين مما يقود إلى حدوث العزلة الاجتماعية..
ويتحفظ الأطفال والمراهقون الذين يعانون منه في الرغبة بالاختلاط بالعائلة والأقران المألوفين، كذلك اضطراب القلق المفرط ويتميز بوجود مخاوف مفرطة لا أساس لها حول أهداف المستقبل والاهتمامات المتعلقة بالجدارة الشخصية ومدى ملاءمة مظاهر السلوك السابقة، كثيراً ما يعاني المصابون من أعراض جسدية ويكونون واعين لذاتهم وبحاجة إلى الكثير من الأناة والتطمين، وهناك أنواع أخرى كثيرة لاضطرابات الخوف والهلع مثل الخوف من الظلمة - هلع الماء - الخوف من المرض، وتصبح المظاهر السلوكية السابقة جزءاً من الاضطرابات عندما تسبب الكرب وتستهلك الوقت أو تتدخل في الأداء المهني أو الاجتماعي المعتاد. ويتضمن العلاج لهذه الحالات جميعها الأدوية والمعالجة السلوكية، ومن أكثر تقنيات المعالجة استخداماً تعريض المصاب بشكل مفرط للوضع الذي يؤدي إلى الأعراض وظهور القلق.. (وتستخدم بشكل خاص الطقوس التي يمارسها) وقد تفيد بعض الأدوية في تحسين الوضع.
ارتفاع ضغط الدم
قد يستغرب البعض حدوث ارتفاع ضغط الدم عند الأطفال بل وفي حديثي الولادة وأيضاً قد يحدث حتى في الطفل الخديج (الطفل الذي يولد مبكراً)، وفي هذا المقال نتعرض للحديث عن ماهية هذا الضغط وأسبابه عند الأطفال وعلاجه ضغط الدم معناه الضغط الذي يحدثه الدم أثناء مسيره في الأوعية الدموية، وهو حاصل نتيجة كمية الدم المضخة من القلب، وكذلك نتيجة ضربات القلب التي كلما زادت وزادت كمية الدم زاد ضغط الدم.
وضغط الدم يقاس بوحدة زئبقية الوحدة العليا هي ضغط الدم الذي يحدث مع انقباض عضلة القلب والوحدة الثانية هي الضغط الذي يحدث مع انبساط هذه العضلة.
لذا فقياس مثل رقم 120-80 يعني الضغط الانقباضي - الانبساطي، وهذا القياس هو المعدل الطبيعي للإنسان البالغ، ويكون أقل بكثير في الأطفال لذا فقياس الضغط يتفاوت حسب العمر.
يعتبر ارتفاع ضغط الدم من الأمراض التي يعالجها طبيب الأطفال بين الحين والحين، وهي ليست شائعة مثل حدوثها عند الكبار.
إن حدوث ارتفاع ضغط الدم يحدث بنسبة 1-3%، وهذه نسبة عالية نسبياً فما هي أعراض هذا المرض وأسبابه؟
أعراضه: ارتفاع الضغط يحدث صداعا واضطرابا في دقات القلب، وكذلك الشعور بالدوخة والوهن، أما عند الأطفال الصغار فيكون على شكل اضطراب قلة النوم، رفض للرضاعة وتقيؤ ونقص في الوزن.
إذا زاد ضغط الدم عند الطفل فهذا يحدث عجزاً في القلب وأعراض ذلك زيادة شديدة في خفقان القلب وازرقاق مع صعوبة التنفس.
إن ارتفاع الضغط عند الأطفال قد يمر بدون تشخيص لفترة من الزمن لعدم شكوى الطفل منه إلا إذا كان شديداً بحيث ينبه طبيب الأطفال إلى وجوده.
ارتفاع ضغط الدم المفاجىء يحدث اضطراباً شديداً في الجهاز العصبي، مما قد يحدث تشنجاً (صرعياً) بسبب زيادة الضغط الذي يحدث في قحف الدماغ.
ماهي أسباب المرض؟ ان الدورة الدموية ليس فقط القلب هو المسؤول عنها بل الكلية تلعب دوراً رئيساً لطرد السوائل الزائدة، لذا فإن زيادة السوائل الموجودة تؤدي إلى رفع لضغط الإنسان، وهذا أهم سبب عند الأطفال الا وهو عجز الكلى والتهاب الكلى والمجاري البولية أو تضيق في الشريان الكلوي وكلها تؤدي إلى تجمع سوائل كثيرة داخل الجسم.
الأسباب الثانية لارتفاع الضغط هي تضيق الشريان الأبهر الخارج من القلب فهذا يمنع القلب من ضخ الدم إلى الجسم، وهناك أسباب أخرى مثل أورام الغدة الكظرية وأورام الدماغ والتسمم بالرصاص.
لذا ارتفاع ضغط الدم يجب أن يؤخذ مأخذ الجد، وأن يعطى العلاج اللازم، وأثناء ذلك تجرى الفحوصات اللازمة لتبيان سبب ذلك من أشعات وتحاليل دم وبول.
علاج هذا المرض لايختلف من ناحية الأدوية عند علاج الكبار من الأطفال قد يحتاجون مدرات البول مثلاً للتخفيف من هذا الضغط، وكذلك هناك أدوية تعطى تقلل من هذا المرض.
لذا نذكر الأهل ثانية أن هذا المرض ليس من النوادر في الأطفال الصغار، وأن حدوثه يستوجب سرعة في التشخيص والعلاج.
|