من البديهي أن يكون لفشل منتخبنا وانتكاسته في الصين كل هذا الزخم من الانتقادات وردود الأفعال والآراء التي تدور غالباً حول نقاط بعينها من يتحمل المسؤولية وأين يكمن الخلل، وما هي الأسباب الحقيقية، وهل هي مستجدة أم لها جذورها وخلفياتها القديمة..؟!
في مثل هذه المواقف كل الرؤى تبدو مقنعة وصحيحة وبدرجات متفاوتة حسب مستوى ونوعية وقوة مضامينها.. لكن الوضع بخطورته وانعكاساته لا يحتمل أسلوب بث الانفعالات لمجرد (امتصاص الغضب)، دون الخروج بقرارات مصيرية حاسمة، واجراءات جادة ونافذة وشاملة لسائر مصادر الاخفاق ومختلف الاسماء المتورطة والممارسات الخاطئة..!!
نحن اليوم أمام أمر مأساوي واقع، علينا الاعتراف به وبالتالي لا بد من التعامل معه بطريقة تتخلى عن فكرة (كبش الفداء الواحد)، وتتجاوز مفهوم ان جميع البلاوي والأخطاء تبدأ وتنتهي من تحت رأس المدرب، وان الحل ينحصر بإقصائه واستبداله بآخر سيلقى نفس المصير، وهكذا تستمر العملية ويستمر معها تنامي المشاكل وغض الطرف عن أصل العلل وفصلها وفداحة آثارها حاضراً ومستقبلاً.
برأيي أن ما يمر به المنتخب الأول والكرة السعودية عموماً نابع من قرارات ولوائح وأنظمة لم تعد مناسبة وليست صالحة لتغيير وتطوير مستوى الكرة السعودية وقد حان الوقت لإلغائها والبدء بدراسة وتنفيذ خطط وبرامج جديدة تفهم الواقع وتعالجه وتنسجم مع ظروفه ومتطلباته.
تغيير حان وقته
قبل (12) عاماً اتخذت الرئاسة العامة لرعاية الشباب عدد من القرارات المهمة، أبرزها احتراف اللاعب السعودي وعودة اللاعب الأجنبي وسبق ذلك تطبيق أسلوب المربع الذهبي للدوري العام.. وهي لا شك قرارات مفصلية وتاريخية للكرة السعودية، وكانت وقتذاك ضرورية لزيادة فاعلية وقدرات وطموحات اللاعبين والأندية والجماهير، واعتبرها الكثيرون نقلة رائعة أثمرت حينها عن تأهل منتخبنا لأول مرة لنهائيات كأس العالم 1994م، ولم يكتفِ بذلك بل قدم عروضاً قوية ومميزة ونتائج مشرفة للكرة العربية والقارة الآسيوية..
حالياً وبعد كارثة اليابان 2002م وإخفاق الصين 2004م نتمنى من اتحاد الكرة برئاسة الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز ان يبدأ سريعاً بإعادة النظر بجدوى ومردود الأنظمة المعمول بها حالياً، وبالذات اللاعب غير السعودي الذي أثبت في السنوات الـ(12) الماضية ان ضرره أكثر من نفعه وعدمه أفضل وأوفر من وجوده كما ان الاهتمام به والانفاق عليه أصبح على حساب بناء اللاعب السعودي واهدار حقوقه وقتل مواهبه، الأمر الذي تسبب في بروز ظاهرة شح المواهب واختفاء لاعبين سعوديين من فئة النجوم الكبار في السنوات الأخيرة، وفي هذا الجانب يمكن ملاحظة الظاهرة والتأكد منها من خلال البطولات الأخيرة والتي شهدت تناقصاً واضحاً في عدد النجوم السعوديين بصورة تجعل عددهم في أمم آسيا الثالثة عشرة الحالية أقل من سابقتها الثانية عشرة، كذلك الوضع بالنسبة لخليجي 15 الأكثر عدداً من خليجي 16 ومثله المونديال حيث تقلص العدد ما بين تأهله في 1994م عنه في 1998م ثم في 2002م !!
كل هذا بسبب الاستعانة باللاعب الأجنبي إضافة إلى تدهور الدوري السعودي نتيجة الاستمرار بنظام المربع الذهبي على غير ما هو متبع في سائر دول العالم.. لذلك من الضروري الاهتمام بهذه القضية المزعجة ومعالجتها بأسرع وقت ممكن لإنقاذ الكرة السعودية قبل المزيد من الانهيارات، وما دام أمامنا قليل من الفرص كي نفعل ذلك قبل فوات الأوان..!!
نصر بلا وهج !
حينما كتبت عن رحيله بأنه (غياب بحجم الأمير عبدالرحمن بن سعود) فهذا لأنني واثق من أنه لن يكون غياباً هامشياً عابراً وإنما سيترك فراغاً هائلاً على الساحة النصراوية والرياضية اجمالاً..
بالنسبة للنصر المسألة لا تتوقف عند حدود الفراغ الإداري الممكن احتواؤه وإنما تتعداه إلى حيث مكانة الأمير عبدالرحمن -رحمه الله- ونفوذه وشهرته وقوة شخصيته وهذه مجتمعة شكلت علاقة خاصة ومرحلة مميزة وراسخة بين الاثنين (الأمير عبدالرحمن والنصر) من الصعب فصل أحدهما عن الآخر لدرجة ان كلاً منهما يعني اسم وصفة وكيان الآخر.
أنا أتحدث عن أسلوب وسياسة وبذل وتعب وتضحية وطريقة تفكير الأمير عبدالرحمن بن سعود على مدى أكثر من أربعين عاماً بحلوها ومرها، بإيجابياتها وسلبياتها، بأفراحها وأحزانها كلها حباً بالنصر ومن أجله لم يتردد أبو خالد بتسخيرها وتقديمها عن طيب خاطر له.
فهل يعقل ألا يترك غيابه فراغاً بحجم تاريخه وقيمته وسنوات عطائه..؟!
غرغرة
* بعد ان أمضت واستغرقت ما يزيد على عامين من الاجتماعات والمداولات والتوصيات، أين القرارات وما هي النتائج التي توصلت إليها لجنة التطوير..؟!
* شهدت البطولات القارية والعالمية الأخيرة تراجعاً واضحاً لمنتخبات الدول التي تستعين أنديتها في المسابقات المحلية باللاعب الأجنبي.
* في بطولة أمم آسيا الحالية وعلى صعيد الدول العربية، يظل اللاعب الأجنبي هو سر إخفاق منتخبات السعودية والكويت وقطر والإمارات، مقابل تطور أخرى لم تهتم به وتعتمد عليه مثل البحرين والأردن والعراق وعمان.
* القرار المفاجئ والظالم من الحكم الماليزي بنقل ركلات الترجيح إلى المرمى الآخر بعد تفوق المنتخب الأردني وتقدمه بهدفين على المنتخب الياباني، هو تأكيد وامتداد لمهازل الاتحاد الآسيوي وتجسيد لدوره المشبوه وتلاعبه الفاضح وفوضوية تصرفاته..!!
|