غني عن القول بيان الأهمية التي يكتسبها الفحص الطبي لراغبي الزواج؛ حيث أُشبع الموضوع بحثاً، لكن تبقى الإشكالية قائمة ما ظل أمر ذلك الفحص ملزماً لطرفي عقد الزواج، وقد يكون بالنسبة للعريس أقل تأثيراً عن العروس حين تأتي نتيجة التحليل مثبتة قابليتها لنقل المرض الوراثي؛ نظراً لطبيعة تكوين حواء وفرط إحساسها. وحقيقة لا لوم عليها ولا تثريب، فبعد أن كانت تمنِّي نفسها بالعريس الذي تقدم لخطبتها بعد طول انتظار لتستقل بذاتها عن عائلها مع فتى أحلامها وتبني عش الزوجية السعيد مع شريك حياتها تأتي نتيجة الفحص بمثابة قاصمة الظهر تحطم آمالها العريضة، بل وتقطع عليها أحلامها المستقبلية في الارتباط بزوج يملأ عليها حياتها فرحاً وسروراً؛ حيث يصبح في قرارة نفسها أن ذلك الخاطب الذي تخلى عنها حين علم بتلك النتيجة وشاع أمره بين الناس لن يتقدم لخطبتها أحد، وتذهب إلى أبعد من ذلك في التفكير حين ترى أن مَن يتقدم لها ممن ليس لديه علم بأمرها لا يلبث أن يعتذر بعد أن يعلم بالأمر، فتتراءى لها أشباح العنوسة مما يُخشى معه تطور حالة الإحباط لديها إلى مرض نفسي واكتئاب، وتلك في ظني نتيجة متوقعة لإلزامية فحص العروسين، فالمجتمع لا يرحم، والمرأة سريعة التأثر.
لذا يحسن بنا أن نبتدئ من حيث انتهى اليه الآخرون، فها هي بعض الدول التي سبقتنا في تجربة إلزام راغبي الزواج بالفحص الطبي تصدر قوانين جديدة يصبح بموجبها الراغبون بالزواج مخيرين في اجراء تلك الفحوصات قبل الزواج. ويمضي الخبر الذي أوردته مجلة الجزيرة في عددها (79) قائلاً: الفحص الطبي اصبح امراً اختيارياً للمقبلين على الزواج من الشباب والفتيات في الصين.. والخدمات المقدمة من اجل تسجيل الزواج اصبحت اكثر يسراً وسهولة.. ولن يجبر احد على الخضوع لأي قرارات تمس ارادته الشخصية ورغباته الذاتية. ا.هـ.
ودون شك أن ما حدا بالسلطات الصحية الصينية لاتخاذ مثل هذا القرار رغم الكثافة السكانية تلك الآثار السلبية التي افرزتها الزامية الفحص الطبي قبل الزواج.
فنحن اذاً أمام نتيجة دراسة جادة لتلك الاشكالية يجدر بنا ان نستفيد منها ونوظفها لصالح شبابنا من الجنسين الراغبين في الزواج، فنجعل الفحص الطبي قبل الزواج اختيارياً غير ملزم، وهو ما سيؤول اليه امر تلك التجربة حين تكثر التبعات وتتعالى الأصوات مطالبة بإلغاء الزامية الفحص. يضاف لذلك أنه من باب التيسير على الناس وقضاء حوائج العباد الذي ندب اليه الشارع الحكيم، ورتب على فعله الاجر العظيم، ولنا كبير الأمل في المسؤولين في الاستجابة لرغبة الجميع الملحة؛ دفعاً للحرج الشديد الذي يعانيه ولي امر الفتاة، وتقديراً للحالة النفسية التي اصبحت عليها الفتاة التي تخلَّى عنها فارس احلامها بعد أن اثبت التحليل ايجابيتها لنقل المرض.
|