Monday 2nd August,200411631العددالأثنين 16 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

نهارات أخرى نهارات أخرى
رائحة عطره
فاطمة العتيبي

ماذا نقول في أمر المرأة التي تصبر على سوء التعامل والإهانة وجرح الكرامة من زوجها ليس لأنها بلا سند وبلا مال، وليس لأنها بلا عمل وبلا دخل مادي يقيها شر المنة والأذى..
وليس لأنها تعرف وتدرك ماذا بعد الطلاق من أمور عظام ليس أولها حرمانها من النفقة هي وأطفالها ولا آخرها ضعف الخدمات والعناية بها فضلاً عن نظرة الإشفاق التي تلاحقها.. أو الاتهام في بعض الأحيان.
كل هذا لم يدر في حسبان تلك المرأة التي أعرفها.. ولم تلتفت إليه وهي ترفض كل النصائح التي توجه لها بأن تنصف نفسها وتنتشل ما تبقى منها من بقايا امرأة كانت ضاجة بالحياة والعنفوان والابتسامة العذبة..
لكنها أبداً.. تقول:
لقد جربت..
حاولت أن أبتعد عنه..
أن أخرج من حياته.. أن آخذ أطفالي وأغلق جوالي وأبلغ أهلي ألا ينادوني له إذ اتصل أو إذا جاء إلى منزلهم..
لكن كل شيء ينتهي.. لكن هذا الصمود ينهار..
وكل هذه الإرادة تتهاوى..
حين أذكر رائحة عطره..
حين أفتقده وأفتقدها..
إنني أحبه..
ولا أرى حياتي تستحق أن تكون حياة من دونه..
حين تمر عشرة أيام..
أرسل له رسالة هاتفية..
فيجيء..
ومن سيارته يبلغني إنه قادم..
فآخذ أطفالي وحقيبتي.. وأرتدي عباءتي وأخرج..
دون أن أقول لأحد من أهلي..
قد يكونون نائمين..
قد يكونون يتغدون..
يفطرون.. يتعشون..
لم يعد أهلي يستغربون ذلك.. لقد قال لي والدي كل مواعظ الدنيا.. وحدثني عن أن المرأة لابد أن تكون عزيزة عند نفسها أولاً حتى يعزها زوجها.
وأمي بين فرحة بصلاح حالي ومعرفة بأن أحوال زوجي لاينصبر عليها..
خذلت إخواني أكثر من مرة.. تحدثوا معه وهددوه بأنه لابد أن يتغير ويحسن معاملتي وقالوا له لن تراها ولا في أحلام الليل..
لكن رآني في الصباح.. هاتفني.. وقال أنا أنتظرك في السيارة..
فنسيت كل شيء..
أمي.. وأبي وتهديدات إخواني..
وذهبت..
وفي كل مرة أعود مجدداً إلى غضبي وزعلي.. يقول لي أبي غرفتك في مكانها..
وبيتي لن يعجز عنك كبيرة وقد ضمك صغيرة..
ولم يعد يسألني بعدها..
لم يعد يتدخل حتى وهو يرى الكدمات أحياناً على وجهي..
أبكي بألم أحياناً..
لكنني في النهاية.. أجد إنني خلقت من أجل أن أتعذب به..
هذا الرجل الغاضب كثيراً..
الحاني الهادئ نادراً!
هذه المرأة ماذا نقول لها حين (تطري) عليها يوماً وتحدث الفضائيات أو الصحف وتقول: إنني امرأة مظلومة.. مضطهدة.. لا أجد من يناصرني أو يحفظ كرامتي..
هل نقول لها نعم: إنها صادقة فالظلم والاضطهاد كثير..
أم نقول لها هلا أنصفت نفسك أيتها العاشقة لمجرد رائحة عطر!!!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved