Monday 2nd August,200411631العددالأثنين 16 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

الرئة الثالثة الرئة الثالثة
بل هيَ (حربٌ عالميةٌ ثالثةٌ).. ضدَّ المخدَّرات!
عبدالرحمن بن محمد السدحان

* الويْحُ كلَّ الويْحِ لكلِّ مَنْ (يُوظِّفُ) ذمَّتَهُ وشرفَهُ وقُدراتِهِ خدمةً لفضيحةِ العصْرِ: (المخدَّرات)، إمَّا مُتَاجراً بها أو مُروِّجاً أو مُصنِّعاً لها!
* ويْحَهُ.. كيفَ يَصْطفِي (خيارَ) الفسَادِ كسباً للمالِ الحرامِ؟! فلا يَدَعُ وسيلةً إلا طَرَقَهَا، ولا عقبةً إلا ذلَّلها، ليصبحَ في النهايةِ أسيراً للجريمةِ وأجيراً لها!
**
* وحديثي اليومَ عن المخدَّرات، ولو اختلف كلُّ أسوياءِ الكونِ، شعوباً أو حكوماتٍ أو اختصموا.. أو تنازعوا أمْرَهُم بينهم، فإنَّهُم لا ريبَ مُتَّفِقونَ على أنَّ المُخدَّراتِ هي قنبلةُ العصْرِ، ومحنةُ الزمانِ.. وداءُ القرْنِ!
**
* وبعبارةٍ أخرى، أكادُ أُجزم أنه مهما تباعدت شعوبُ الأرضِ مسافةً، أو اختلفت ديناً.. أو تباينت عرقاً.. أو عُرْفاً.. أو تضاربت مصالحَ.. وغاياتٍ.. تظلُّ رغم كل شيءٍ متَّحدةً حولَ أمْرٍ يجمعُها تحتَ مظلَّةِ الرفضِ المُطلَقِ للمخدرات: صناعةً وزراعةً وتجارةً وترويجاً!
**
* ولذا، ليس غريباً القولُ بأن المخدراتِ أَضْحَتْ هَمَّ شعوبِ وحكوماتِ الأرضِ قاطبةً، وغدا التصدي لها (جهاداً مقدَّساً)، وجهداً قويماً تستقبله الضمائرُ الحيةُ بشجاعةِ المحاربِ، وثباتِ المؤمنِ، وصمودِ القويِّ الحليمِ، ولَكَمْ أتمنى لو يبلغُ اهتمامُ الشعوبِ بهذهِ القضيَّةِ حدًّا يجعلُها تطالبُ الأممَ المتَّحدةَ بعَقْدِ أكثرِ من مؤتمرٍ دوليّ لبحْثِ وباءِ المخدراتِ، وسُبُل احتوائِها؛ رَدْعاً ووقايةً. ومن ثَمَّ لا تكتفي بيومٍ عالميّ كلَّ عامٍ للتذكيرِ بأهوالها! لا بل تُعلنها حرباً (عالميةً ثالثةً) ضدَّ هذا الوباءِ الخطيرِ، وستبقى كذلك ما بَقِيَ الوباءُ ضارباً أطنابَهُ داخل متاهاتِ النفوسِ المريضةِ والضمائرِ الفاسدةِ!
**
* ولعلَّ من أدقِّ خصوصياتِ ظاهرةِ المخدراتِ أنها تنمو فكرةً وتفكيراً داخلَ صدورٍ مُصابةٍ بدَرَنِ الماديةِ الرخيصةِ، التي تلتمس الربحَ السريعَ بأيِّ وسيلةٍ أو ثمنٍ، متنكِّرةً لحرماتِ الدينِ، ومثالياتِ الخُلُقِ، وحقوقِ الإنسانِ!! لذا اقترنت المخدراتُ بالعنفِ المسلَّحِ.. وبالرذيلةِ.. وبكلِّ وسائلِ السطوِ الماديِّ والنفسيِّ على الحرماتِ، ما ظهرَ منها وما بطنَ. ولهذا السببِ أقامت معظمُ الشعوبِ حدوداً حازمةً لحمايةِ أبنائها من هذا الوباءِ، وسنَّت من النُّظُمِ والإجراءاتِ ما رَأَتْهُ لازماً لرَدْعِهِ!
**
* ولقد كانت بلادُنا والحمد لله - رغمَ صِغَرِ حجم الرُّقْعَةِ الإحصائيةِ للوباءِ مقارنةً بشعوبٍ أخرى - كانت من أوائلِ دولِ العالمِ المتحضِّرِ مبادرةً لرَدْعِ وباءِ المخدراتِ، فطرحت عقوبةَ الإعدامِ لمَنْ يَعْبَثُ (بقنبلةِ) المخدِّر.. يُفجِّرُها في وجوهِ الأبرياءِ؛ لتحصدَ النفوسَ، وتهدمَ البيوتَ، وتزرعَ الخرابَ في كلِّ مكانٍ!
**
* وفي تقديري أنَّ المخدرات أخطرُ من أيِّ داءٍ، بل هيَ أشدُّ أذًى من الفتنةِ ومن القتلِ؛ لأنَّها داءٌ مُستَتِرٌ.. لا تراهُ العينُ إلا بجهدٍ، ولا تكشفه البصيرةُ إلا بنَصَبٍ، ولا يُمكنُ احتواؤُه إلا بتضحيةٍ، وهو يتسلَّل عبرَ الدروبِ المظلمةِ والمسالكِ الوَعِرَةِ، حتى أحشاءُ الإنسانِ والحيوانِ استُخدمت أوعيةً لتمريرِهِ عبرَ الموانئِ والمطاراتِ ومنافذِ الحدودِ البريَّةِ!
**
* وبعدُ.. فإنَّ الحديثَ عن وباءِ المخدراتِ.. مَعِينٌ لا ينضبُ، وما دامتْ هناك نفوسٌ مريضةٌ في هذا الكونِ ظالمةٌ به، أو مظلومةٌ بسببِهِ، فسيبقى الحديثُ عنه متدفِّقاً.. ولو بعدَ ألفِ عامٍ!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved