Monday 2nd August,200411631العددالأثنين 16 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

مكاسب الصهاينة في العراق - 3 - مكاسب الصهاينة في العراق - 3 -
عبد الله الصالح العثيمين

كنتُ سأكتفي بالحلقتين السابقتين اللتين أشرتُ فيهما إلى بعض ما ظهر لي من مكاسب الصهاينة في العراق؛ القطر العربي الإسلامي المبتلى. وذلك نتيجة احتلاله الغاشم من قِبَل حلفائهم المخلصين لهم كلَّ الإخلاص من المتصهينين، الذين يديرون دفَّة أمور إمبراطورية الجور المتفرعنة الجديدة من واشنطن. وإلى جانب هؤلاء في الاحتلال مَن يتربَّعون على كراسي الحكم في لندن؛ منطلق أكثر نكبات أمتنا العربية الإسلامية في مناطق متعددة، بينها - بل في طليعتها - فلسطين، التي نتفرَّج نحن غثاء السيل على حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الصهاينة ضد الشعب الفلسطيني؛ إنساناً وأرضاً ومقدَّسات. وعلى قمَّة هذه المقدَّسات المسجد الأقصى، الذي بَدَتْ تلوح في الأفق بوادر امتداد أيدي المتطرِّفين من أولئك الصهاينة لتهديمه وإزالة أركانه.
على أن ما ردَّدته بعض وسائل الإعلام من نفي مسؤولين عراقيين وَضَعَهم في مناصبهم قادة الاحتلال المذكور أيَّ وجود إسرائيلي في العراق جعلني أركن إلى مواصلة الحديث عن الموضوع الذي تناولته الحلقتان السابقتان.
ومما شجعني على ذلك إعادة قراءتي مقالة كتبها المحلِّل السياسي الأستاذ عبد الهادي التميمي في صحيفة الوطن السعودية (21- 5-1425هـ) بعنوان: (معلومات جديدة.. صراع إسرائيلي إيراني في العراق).
إن نفي مَن نفى وجوداً إسرائيلياً في العراق يستبعد أن يوجد مَن يصدِّقه إلا إذا كان ما زال يوجد مَن يصدِّق ادِّعاءات قادة أمريكا وبريطانيا التي ادَّعوها تبريرياً لارتكابهم جريمة عدوانهم الغاشم على العراق بعد أن تبيَّن للعالم كلِّه كذب تلك الادِّعاءات، وبخاصة أن تكذيبها قد أتى أخيراً من اللجان المختصة التي شُكِّلت من داخل الدولتين المعتديتين نفسيهما.
إنه من المستبعد أن يوجد مَن يصدِّق نفي مَن نفى ذلك الوجود الصهيوني في العراق الآن، إلا إذا كان لا يزال يوجد مَن يصدِّق أن أولئك القادة الأمريكيين والبريطانيين أقدموا على احتلال العراق لجلب الخير للشعب العراقي وتحقيق رفاهيته وسعادته، وبخاصة بعد أن اعترف رئيس هيئة أركان القوات الأمريكية نفسه بما لا يجهله الكثيرون غيره، وهو أن ذلك الاحتلال كان لمصلحة إسرائيل، وبعد أن شاهد العالم كله كيف مهَّد الاحتلال الطريق لنهب جميع المؤسسات والوزارات العراقية، باستثناء وزارة النفط لسبب معروف طبعاً، وكيف أُهمل إصلاح ما دمَّره قصف العدوان الجبروتي من المنشآت الضرورية؛ كشبكات المياه والكهرباء، بل بعد أن شاهد العالم كله، أيضاً، ما شاهد من جرائم التعذيب الوقحة الشنيعة، التي ارتكبها رجال قوات مدَّعي الذَّوْد عن حقوق الإنسان ونسائها تحت سمع وبصر المسؤولين الكبار من قادة تلك القوات ضد المعتقلين والمعتقلات من مواطني العراق ومواطناته. ومن آخر ما قرأته عن هذه الجرائم الوقحة الشنيعة ما كتبه الأستاذ محمد عبد الرزاق عن امرأة عراقية اسمها نادية، وذلك في مقالة نشرتها الحياة الأسبوعية (الوسط) بتاريخ 19-7-2004م. وقصة تعذيب تلك المرأة مرعبة لكل مَن لديه ذرة من شعور إنساني، وجديرة بأن يقرأها الجميع، وبخاصة مَن في قلوبهم مرض اسمه مودَّة أمريكا، والإعجاب بمبادئ سياستها وأخلاقها.
لقد بيَّن الأستاذ عبد الهادي التميمي في مقالته المشار إليها كثيراً من وجوه النشاط الإسرائيلي في العراق؛ استخباراتياً واقتصادياً. ومن بين هذه الوجوه البعيدة الخطر شراء صهاينة؛ سواء كانوا يهوداً من أصل عراقي أو غير عراقي، عقارات من الأراضي والبيوت بأسعار مبالغ فيها في مناطق متفرِّقة.
أما بعد:
فإذا كان من عيَّن النافي للوجود الصهيوني على أرض الرافدين في منصبه، الموجِّه له في حركاته وسكناته، لا يُوثق بكلامه ولا يُصدَّق حديثه، فهل يُوثق بكلام ذلك المنصوب الموجَّه ويُصدَّق حديثه؟!
إن وجود الصهاينة في العراق أمر لم تقتصر على ذكره وإثباته المصادر المستقلة فحسب، بل ذكرته وأثبتته وسائل الإعلام الصهيونية نفسها داخل الكيان الصهيوني وخارجه أيضاً. قد تختلف الأقوال في تقدير حجم ذلك الوجود وأبعاد نشاطه، لكن مَن يتأمل سير الأحداث في العراق بخاصة، وفي المنطقة بعامة، يترجَّح لديه أن ذلك الحجم وتلك الأبعاد من الخطورة بمكان.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved