أولا: إيماناً من حكومة خادم الحرمين
الشريفين بأهمية التعليم ودوره الرائد في بناء المجتمع ونشر العلم والثقافة بين أفراده، وحرصاً على راحة الشباب والطلاب وأولياء أمورهم، وتيسير سبل القبول والدراسة في مناطقهم قريباً من أسرهم، تم افتتاح العديد من الجامعات والكليات المتخصصة في مختلف مناطق المملكة بنين وبنات، سواء ما كان منها حكومياً أو أهلياً؛ حتى أصبح في المملكة حاليا إحدى عشرة جامعة، وما يربو على سبعين كلية للبنات، وهذه الجامعات والكليات موزعة على المناطق تقريباً. وسيتم افتتاح المزيد من الجامعات حسب الاحتياج كما أشارت إلى ذلك وزارة التعليم العالي.
ولكن الملاحظ حالياً على القبول أن الطلاب يتقدمون للقبول في جامعات ليست في مناطقهم تاركين وراءهم الجامعة المخصصة لهم ولمن حولهم لأسباب لا نعلمها. وقد تكون هذه الأسباب مبررة ومقبولة في حالة عدم توافر التخصص المطلوب أو زيادة أعداد الخريجين في المنطقة على الطاقة الاستيعابية للكلية. ومع ذلك فإن قبول هؤلاء الطلاب في جامعة أخرى سيكون على حساب طلبة منطقتها، وقد تتوافر للطالب القادم إليها نسبة النجاح العالية التي حصل عليها في الثانوية العامة، وقد لوحظ في سنوات مضت ارتفاع درجات طلبة بعض المناطق عن غيرها من المناطق الأخرى، سواء كانت واقعية أو مفتعلة؛ مما يهيئ لهم فرص المنافسة في أي كلية يتقدمون إليها, وقد لا يتوافر ذلك في معدلات الطلبة الآخرين، وهذا الأمر لم تفطن له الجهات المختصة في وزارة التربية والتعليم ولا في الجامعات.
وحيث إن الجامعات وزعت في المناطق لخدمة أبنائها وتيسير سبل الدراسة لهم قريباً من أسرهم، ولكيلا تهضم حقوقهم وتقفل أمامهم أبواب القبول في الكليات التي يرغبون الالتحاق بها، ولكي تشغل الجامعات كما ينبغي، وتتم الاستفادة من خدماتها، ويتحقق الهدف الرئيس الذي من أجله تم إنشاؤها، ويتم افتتاح المزيد من الكليات فيها حسب الحاجة والكثافة الطلابية كما هو ملاحظ الآن في بعض المناطق والجامعات، ولتمام الاستفادة من توزيع الجامعات وتعددها والجهود الإدارية والمالية المبذولة لافتتاحها من قبل حكومتنا الرشيدة، وحفاظا على حقوق الطلاب في القبول في مناطقهم، وللقضاء على الزيادة المفتعلة في درجات الطلاب - إن وجدت.
لهذه الاعتبارات ولغيرها أقترح إعطاء الأولوية في القبول في مختلف الكليات للطلبة المتخرجين من الثانوية العامة في المنطقة التي تقع فيها الجامعة أولا مهما كانت نسبة درجاتهم، ويشمل ذلك الطلبة في المناطق التي لم تفتتح فيها جامعات حتى الآن، ثم يتم قبول غيرهم من المناطق حسب الإمكانات والفرص المتاحة.
وأود الإشارة هنا إلى أن هذا الاقتراح لا يعني التمييز والتفريق بين طلبة المناطق؛ فكلهم أبناؤنا وإخواننا أبناء بلد واحد في الشمال والجنوب والشرق والغرب، وقد وفرت لهم الدولة فرص التعليم كلا في منطقته، ولكن يجب أن تكون الأمور منظمة والحقوق محفوظة والنظام أساس النجاح في كل عمل. وهذا مقترح للدراسة ووجهة نظر شخصية قد يوافقني عليها آخرون، وأوجه ذلك لوزارة التعليم العالي للدراسة.
ثانياً: اختبارات القياس والتقويم
تقوم بعض الجامعات في المملكة في الآونة الأخيرة بإجراءات اختبار للقياس والتقويم لطلبة الثانوية العامة بقسميها العلمي والشرعي وما في مستواها تضاف نسبة معينة من نتيجته إلى نسبة معينة أيضا من درجة الثانوية العامة لتصبح درجة الطالب المعتمدة التي يتم قبوله بموجبها بغض النظر عن الدرجة التي حصل عليها في الثانوية العامة مهما بلغت. ويلاحظ على اختبارات القياس والتقويم - من وجهة نظري - ما يلي:
1 - أن إجراء اختبار القياس من حيث المبدأ فيه ظلم لبعض الطلبة؛ فقد يكون مجموع الدرجات التي حصل عليها أقل مما حصل عليه في الثانوية العامة.
2 - إعطاء الجامعات مزيداً من الحرية والصلاحيات والانفتاح لا يعتبر مبررا لمثل هذا الإجراء الذي يذهب بجهود بعض الطلاب وإعطائها آخرين قد لا يستحقونها، ويعتبر أيضا تعديا وتنقصا لجهود ومخرجات وزارة التربية والتعليم؛ فكما لا يحق لوزارة التربية والتعليم الطعن في مخرجات وزارة التعليم العالي لا يحق لها ذلك بالمقابل وإلا لاستبعد الكثير من الخريجين عن الوظائف التعليمية والإدارية لضعف مستواهم العلمي ورداءة خطوطهم ولغتهم؛ فقد توجد فئة من الخريجين لا يجيدون قراءة القرآن الكريم ولو عقدت لهم اختبارات جادة لما تجاوزوها؛ لذا فهل تقبل وزارة التعليم العالي والجامعات أن يحصل تشكيك في صحة شهادات بعض الطلاب ومدى أحقيتهم لها.
3 - نتائج الطلاب، سواء كانوا في المدارس الحكومية أو الأهلية، تحت إشراف نخبة مختارة من رجال التربية والتعليم، سواء كانوا معلمين أو معلمات أو مشرفين أو مشرفات أو مديرين ومديرات، وتحت إشراف مباشر من مديري التعليم في المناطق ومن ورائهم جهاز الوزارة وهم مؤتمنون على تعليم أبنائنا وبناتنا ورعايتهم وتربيتهم وأي مساس بأعمالهم يعتبر تشكيكا بقدرتهم وكفاءتهم.
4 - إذا لم تقبل الجامعات بتقويم المدارس والمناطق التعليمية للطالب خلال عام كامل وبواسطة جمع من المعلمين كلا في تخصصه فكيف يتم تقويم الطالب خلال ساعات وعبر أسئلة قد تكون أبعد ما تكون عن مادة الدراسة السابقة واللاحقة للطالب؟ علماً بأن أسئلة اختبار الفصل الثاني للثانوية العامة توضع في الوزارة وبواسطة أساتذة مختصين وترسل للمناطق التعليمية وتصحح بواسطة لجان متخصصة أيضا يرأسها مديرو التعليم في المناطق.
5 - اختبار القياس والتقويم غير دقيق في نتائجه فأجوبته تخضع للصدفة والثقافة العامة ولا يعتبر ذلك تقييماً للمادة التي درسها الطالب.
6 - بعض الطلبة دخل اختبار القياس والتقويم مرتين أو اكثر بغية تجسيد درجاتهم، وحصل لهم ذلك بالفعل ورفعوا معدلاتهم؛ فما ذنب الطلبة الذين لم يتمكنوا من ذلك؟ إذاً ليست هناك ضوابط لدخوله إلا دفع الرسم المقرر وهو مبلغ مائة وخمسين ريالاً.
7 - كثير من أولياء الأمور يظنون أن الهدف مادي تسعى الجامعات لتحقيقه وإلا لكان الاختبار مجانيا وفي الجامعة نفسها. فلماذا أخذ الرسوم ولمن تكون عوائدها؟
8 - لا يمكن استخدام اختبار القياس والتقويم في قبول الطلاب لعدم مصداقيته على الجميع، ولكن يمكن استخدامه في تحديد مادة التخصص شريطة أن تصاغ فقراته حول المادة لمعرفة مدى قدرات الطلاب وإجراء المفاضلة بينهم وتوجيههم إلى التخصصات التي تلائم هذه القدرات.
9 - هذا الأسلوب قد يسهم بطريقة غير مباشرة في إيجاد البطالة بين الطلاب لانخفاض معدلاتهم وبالتالي عدم قبولهم.
لذا أرى - من وجهة نظري الشخصية، وقد يشاطرني في ذلك الكثير - عدم ملاءمة ومصداقية اختبار القياس والتقويم المتبع حالياً في بعض الجامعات لخضوعه للصدفة، والثقافة العامة، وسلبه حقوق طلبة ومنحها لآخرين مع إغفال جهود مئات الآلاف من المعلمين والمعلمات والتشكيك في النتائج التي ظهرت من تحت أيديهم، وهم الذين يعايشون الطلاب لفترة طويلة، ويخضع تقويمهم للطلاب لأسس علمية وتربوية مدروسة ومقننة أمضت وزارة التربية والتعليم نصف قرن في دراستها وتجربتها وبرمجتها، ومن ثم تقريرها منذ تأسيس الوزارة عام 1373هـ وحتى عصرنا الحاضر مع أن اختبار القياس يجري في حدود ساعة أو ساعتين وعلى يد أساتذة لا يعرفون الطلاب، وقد لا يكونون ضمن هيئة التدريس في الجامعة، وفي ضوء معلومات وأسئلة قد لا يكون لها مساس بالمناهج الدراسية أو بعضها.
والتعليم في بلادنا كل لا يتجزأ، سواء كان تابعاً لوزارة التربية والتعليم أو وزارة التعليم العالي أو غيرهما، ويمكن إبداء المرئيات والملاحظات على مخرجات التعليم والتنسيق بين الجهات التعليمية فيما يختص بالتعليم أو يرفع شأنه، وإذا كانت هناك ملاحظات معينة على نوع من التعليم وتدني مستوى طلبته، أو وجود عنصر المجاملة أحيانا بين أفراده فهذا ليس ذنب الطلبة أنفسهم؛ فالتعليم العام في مجمله يقع تحت إشراف وزارة التربية والتعليم ويمكن دراسة البرامج والخطط والأفكار التي تمس الطالب مع إبداء الملاحظات والمرئيات ووجهات النظر بين الجهات التعليمية المختلفة وتعديل ما يتم الاتفاق عليه قبل أن تجعل الطالب ميداناً لتجربتها وتطبيق الأفكار عليه قبل الحكم عليها بالنجاح أو الفشل.
وهنا نتوجه إلى مقام وزارة التعليم العالي بإعادة النظر في اختبار القياس والتقويم، ودراسته دراسة موضوعية منصفة تراعي أحوال الطلاب العلمية والمادية بعيدا عن الارتجال والتجارب الوقتية التي تضر الطلاب، وتبخس حقوقهم أحيانا، وتشكك في جهود العاملين في حقل التعليم. هذه وجهة نظر للدراسة.
|